وكالات:
من خلال إنهاء حصار قطر، تحاول السعودية تحسين علاقتها المضطربة مع الولايات المتحدة قبل أن يتولى الرئيس المنتخب “جو بايدن” منصبه. لكن لا تزال هناك خلافات جدية بين الرياض وواشنطن ستستمر في خلق التوتر في علاقتهما.
وفي 4 يناير/كانون الثاني، وافقت السعودية والبحرين والإمارات ومصر على فتح حدودها البرية والبحرية، وكذلك مجالها الجوي، أمام قطر. ثم في 5 يناير/كانون الثاني، تعهدت الدول الأربعة بإعادة العلاقات مع قطر. وجاء هذا التقدم بعد مفاوضات توسطت فيها الولايات المتحدة والكويت بين قطر والسعودية.
وزار أمير قطر “تميم بن حمد آل ثاني” السعودية في 5 يناير/كانون الثاني لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي، حيث استقبله ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” شخصيا في حدث يهدف إلى الإشارة إلى استعادة عالية المستوى للعلاقات.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية وروابط السفر والتجارة مع قطر في يونيو/حزيران 2017، وأصدرت الدول الأربعة لائحة تتضمن 13 مطلبا من قطر لرفع الحصار. وقاطع أمير قطر المؤتمرات الخليجية السنوية منذ 2018 احتجاجا على الحصار المستمر.
ولم يحضر ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، المعارض الشرس لسياسات قطر الإقليمية، قمة 5 يناير/كانون الثاني. وبالرغم أن مصر ليست عضوا في مجلس التعاون الخليجي لكن تمت دعوتها في هذه القمة الاستثنائية لكن لم يحضر الرئيس “عبدالفتاح السيسي” أيضا، وأرسل وزير خارجيته إلى الحدث بدلا منه.
وتحاول الرياض موازنة الانتقادات من إدارة “بايدن” بشكل استباقي وسط دعوات في الولايات المتحدة لدول مجلس التعاون الخليجي بتقليص الخلافات الداخلية. وكان حصار يونيو/حزيران 2017 لا يحظى بشعبية لدى المسؤولين والسياسيين الأمريكيين، الذين كانوا يخشون أن تؤدي الأزمة الخليجية إلى تقويض جبهة إقليمية موحدة ضد إيران، فضلا عن الاستقرار العام في الخليج العربي.
وكذلك انتقد المشرعون الأمريكيون السياسات الخارجية العدوانية للسعودية تجاه دول مثل اليمن وقطر. وينسجم التنازل العلني عن المطالب الـ 13 الصادرة إلى قطر عام 2017 مع أولويات واشنطن في منطقة الخليج بما في ذلك التضامن الخليجي.
وتحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري كبير في شبه الجزيرة العربية، مع قواعد في قطر والإمارات والكويت والبحرين. وكانت واشنطن أيضا داعما أمنيا رئيسيا لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتمد السعودية على التعاون الاستراتيجي والدعم الأمريكي طوال تدخل الرياض في الصراع اليمني المستمر.
ولم تعدل قطر من سلوكها لتلبية أي من المطالب الـ 13 الأولية الصادرة عن السعودية والبحرين والإمارات ومصر في عام 2017، ما يترك مصدرا للخلاف بين الرياض والدوحة.
وفضلا عن ذلك، فإن إنهاء الحصار لن يحل نقاط التوتر المحتملة في العلاقة السعودية الأمريكية بشأن اتفاقيات الأسلحة وتنسيق التكنولوجيا النووية وسياسات الرياض في مجال حقوق الإنسان. وستواجه اتفاقيات الأسلحة الأمريكية السعودية تدقيقا جديدا في ظل إدارة “بايدن” لأنها تقيم كيفية استخدام السعوديين للأسلحة. ولن يؤدي إنهاء الحصار المفروض على قطر أيضا إلى تهدئة مخاوف الحزبين في واشنطن بشأن برنامج نووي مدني سعودي.
وفي عام 2019، أجبرت معارضة الكونجرس لصفقة أسلحة للسعودية ودول الخليج العربي الأخرى إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” على المضي في الصفقة عبر تفويض الطوارئ. وفي انتقادهم للاتفاق، أشار المشرعون الأمريكيون على وجه التحديد إلى مخاوف بشأن استخدام أسلحة أمريكية الصنع في اليمن، حيث تم اتهام القوات السعودية بالتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين.
ووعدت إدارة “بايدن” المقبلة بمراجعة استراتيجية العلاقات الأمريكية السعودية. وأعلن “بايدن” أيضا عن اهتمامه المتجدد بالتعددية وانتقد تصرفات السعودية في اليمن، فضلا عن سجل حقوق الإنسان في المملكة.
وأثار البرنامج النووي المدني السعودي مخاوف في الولايات المتحدة من أن الرياض ترغب في تطوير أسلحة نووية. ولم تقدم الرياض تأكيدات حول كيفية إدارتها لدورة الوقود النووي، الأمر الذي زاد من حدة هذه المخاوف.
ويخشى المشرعون الأمريكيون من أن البرنامج النووي المدني السعودي قد لا يلتزم بنفس الضمانات التي يطبقها حلفاء أمريكا الآخرون، مثل الإمارات، للحد من الانتشار النووي.