يجد الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، الباحث عن استئناف منافساته المعلقة منذ شهرين بسبب فيروس «كورونا» المستجد، نفسه أمام معضلة انقسام اللاعبين وتخوف بعضهم من العودة، بعد انقسام مماثل على مستوى الأندية.
ولا تزال الكرة الإنجليزية تبحث عن وضع خريطة طريق لعودة منافسات اللعبة خلف أبواب موصدة بوجه المشجعين، مثلها مثل إيطاليا وإسبانيا. وتأمل هذه البطولات في الاقتداء بتجربة ألمانيا التي أعادت (السبت) إطلاق عجلة البوندسليغا، في حين أنهت فرنسا الموسم بشكل مبكر وتوجت باريس سان جيرمان باللقب.
ورغم ضوء أخضر من الحكومة البريطانية يجيز عودة كرة القدم اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران)، لا تزال الأندية تدرس الخطط التي قد تتيح خطوة من هذا النوع، وتعقد لهذا الغرض اجتماعاً جديداً، الاثنين.
وترغب الأندية غداً في الاتفاق على البروتوكول الصحي، بما يتيح للفرق معاودة التمارين هذا الأسبوع، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وترغب سلطات اللعبة في استئناف الموسم منتصف الشهر المقبل، لكن اجتماعاتها المتكررة في الآونة الأخيرة لم تحدد أي موعد أو حتى إجراءات واضحة لمعاودة التمارين.
وواجهت «خطة الاستئناف» التي طرحتها رابطة الدوري، تباينات واسعة بين الأندية، لا سيما لجهة رفض البعض طرح إقامة المراحل التسع المتبقية من البطولة على ملاعب محايدة.
وبعدما نقل الأرجنتيني سيرخيو أغويرو مهاجم مانشستر سيتي، مخاوف بعض اللاعبين من العودة المتسرعة إلى الملاعب في ظل أزمة «كوفيد – 19»، أثارت تصريحات لقائد واتفورد تروي ديني، جدلاً في الأيام الماضية.
وقال ديني عبر حسابه على «إنستغرام»: «أنا لا أتحدث حتى عن كرة القدم حالياً… أتحدث عن صحة عائلتي».
وتابع «لن أضع عائلتي في خطر… ماذا سيفعلون، يأخذون المال مني؟ لقد سبق لي أن كنت مفلساً، لذا فالأمر لا يزعجني… يتحدثون عن عدم اللعب بحضور المشجعين حتى العام 2021… إذا لم يكن الوضع آمناً بما يكفي لحضور المشجعين إلى الملعب، لماذا نعتقد أنه من الآمن للاعبين التواجد هناك؟».
لقيت مخاوف ديني صداها لدى مدربه نايجل بيرسون الذي حذّر في تصريحات لصحيفة «ذا تايمز» نُشرت السبت، من أن المعنيين «يغضّون الطرف عن احتمال حصول حالة وفاة» جراء إصابة بـ«كوفيد – 19» في حال استئناف الموسم.
وتابع «نعم أريد أن نعود لكن يجب أن يكون ذلك آمناً… يجب أن نكون حذرين… تجاهل الاحتمالات (مثل إصابات قاتلة بالفيروس) هو تهوّر… الأمر يتعلق بحماية صحة الناس».
ولاقت تصريحات قائد واتفورد ومدربه انتقادات انطلقت من حقيقة احتلال الفريق للمركز السابع عشر (من 20) في ترتيب الدوري قبل توقف المنافسات بعد المرحلة التاسعة والعشرين (من 38) منتصف مارس (آذار).
ورأى المنتقدون أن واتفورد يحبذ عدم استكمال الموسم لأنه يبتعد بفارق الأهداف فقط عن بورنموث الثامن عشر، صاحب أول مراكز الهبوط إلى الدرجة الأولى.
لكن هذا القلق وجد صداه لدى لاعبين في أندية المقدمة حتى، مثل أغويرو ورحيم سترلينغ في مانشستر سيتي، بطل الموسمين الماضيين وصاحب المركز الثاني خلف ليفربول، وداني روز لاعب توتنهام المعار لنيوكاسل يونايتد.
أما غرانت هانلي، قائد نوريتش سيتي متذيل الترتيب، فأبدى قلقه أيضاً. وقال لشبكة «سكاي»: «لكل نادٍ ولاعب وجهات نظر مختلفة… في نهاية المطاف، وضع عائلاتنا في خطر هو مصدر القلق الأساسي (…) الشعور العام هو وجود بعض المخاوف لدى اللاعبين… ثمة الكثير من عدم اليقين».
والأحد، انضم النجم الدولي السابق واين روني إلى اللاعبين القلقين. وقال القائد الحالي لفريق دربي كاونتي (درجة أولى) لصحيفة «صنداي تايمز» إن «القلق لا يتعلق بنا (…) بل باحتمال أن ننقل عدوى فيروس كورونا إلى منازلنا والمحيطين بنا».
ويُتوقع أن تشكل التجربة الألمانية مجال اختبار لكل البطولات الكبرى الراغبة في استئناف المنافسات، لا سيما لجهة البروتوكول الصحي الصارم الذي فرضته البوندسليغا على كل الأندية، ويشمل مختلف جوانب حياة أفرادها، من التمرين إلى اللقاءات وصولاً إلى التصرف خارج الملعب.
لكن تأثير «كوفيد – 19» كان مختلفاً بشكل جذري بين ألمانيا والمملكة المتحدة. ففي حين أحصت الأولى أقل من عشرة آلاف وفاة بسببه، ناهز ضحاياه في الثانية 35 ألفاً.
وبحسب لاعبين في إنجلترا، التأخر في وضع البروتوكول الصحي هو من أسباب الضبابية الراهنة بشأن العودة.
واتخذ قائد المنتخب الإنجليزي ومهاجم توتنهام هاري كين موقفا وازَن بين الرغبة بالعودة وضرورة شرح ظروفها.
وقال «أعتقد أن غالبية اللاعبين تتطلع قدماً للعب مجدداً بأسرع وقت ممكن، لكننا ندرك أيضاً بأنه يجب أن نكون سالمين لأقصى درجة». وتابع «نريد أن يقدم لنا الدوري الممتاز خطة، وأن نعرف ما ستكون عليه»، كاشفاً خضوعه مع كل أفراد فريقه لفحوص «كوفيد – 19» سلبية.
من جهته، سعى مدرب نيوكاسل يونايتد ستيف بروس إلى التقليل من مخاوف العودة، معتبراً أن إجراءات السلامة التي ستطبّق، ستجعل كرة القدم أكثر أماناً من نشاطات يومية أخرى.
وقال في تصريحات نشرتها صحيفة «ذا تلغراف» الأحد «مع الإجراءات التي يتم وضعها، ستكون (مزاولة كرة القدم) أكثر أماناً (صحياً) من الذهاب إلى المتجر أو تزويد السيارة بالوقود».
وتابع «نحن محظوظون وقادرون على الخضوع للفحوص كل ثلاثة أيام (…) سنخضع للفحوص الأحد، كل لاعب وكل فرد من الجهاز الفني… عندما نحصل على النتائج، وفي حال كان الجميع على ما يرام، نعتزم معاودة التمارين عند الساعة الثانية بعد ظهر الثلاثاء».
لكن بروس أكد تفهمه المخاوف التي يبديها بعض اللاعبين، بقوله «إذا رفض اللاعب الحضور (إلى التمارين) أو اللعب، سأتعاطف مع ذلك وأتفهمه».
وفي أي حال، استبعد المدرب استئناف المباريات «قبل الجزء الأخير من يونيو-حزيران»، في ظل حاجة الفرق واللاعبين لاستعادة الجاهزية البدنية.