وليد فكري
واحد من أشهر ألغاز القرآن الكريم: من هو فرعون موسى؟ أو بصيغةٍ أكثر دقة: أي ملوك مصر القديمة المعروفين كان فرعون موسى؟
ورد ذكر فرعون في القرآن 74 مرّة، وحسبما أورد الباحث “عاطف عزت” في كتابه “فرعون موسى”، فإن مصدر اعتماد اسم “فرعون” كلقبٍ لحكّام مصر القديمة، بل وإضفاء صفة “الفرعونية” على تلك الحضارة، كان مردّه تأثّر بعض علماء التاريخ والمصريات الأجانب بالتوراة التي حملت بعض سطورها نفس الاسم عن عدو النبي موسى: فرعون.
لسنواتٍ طويلةٍ حملت كتب التاريخ المدرسية المصرية معلومة أن “فرعون” هو لقب ملك مصر القديمة، وأنه مشتقٌّ من كلمة “بر عا” التي تعني “البيت الكبير” دلالة على قصر الملك، ولكن بعض الباحثين في السنوات الأخيرة تحدثوا عن أن هذه المعلومة غير دقيقة، بالتالي فإن وصف مصر القديمة بـ”الفرعونية” والمصريين القدماء ب”الفراعنة” هو أمر مجانب للصواب، ذهب إلى هذا باحثون مثل الأثري أحمد نور الدين، في بعض تصريحاته الصحفية، وكذلك الباحث التاريخي عاطف عزت في كتابه سالف الذكر، مؤكّدين أن “فرعون” هو اسم شخصي للملك المعاصر لموسى وليس لقباً ملكياً، بل وصرّح الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن فرعون اسمه الحقيقي “الوليد”.
الواقع أن فكرة أن يكون “فرعون” اسم شخصي وليس لقب هي أقدم مما يحسب الكثيرون، فكتب مفسّري القرآن والمؤرّخين المسلمين القدامى تحمل بالفعل حديثاً مماثلاً يستحق تسليط الضوء عليه، خاصة لأولئك الذين جمعوا بين تخصّصي “تفسير القرآن” و”التأريخ” أمثال ابن جرير الطبري، واسماعيل بن كثير، وجلال الدين السيوطي، باعتبار أن تدوينهم لقصّة “موسى وفرعون” في كتاباتهم التاريخية قد تأثّر بتفسيرهم للقرآن.
الطبري: كان يعذّب الناس بصلبهم أرضاً وتثبيتهم بالأوتاد
يذكر محمد بن جرير الطبري الذي عاش بين عامي 224هـ-310هـ/ 839م-923م، في كتابه “جامع البيان عن تأويل آي القرآن” المعروف بـ”تفسير الطبري” في تفسيره “فرعون ذي الأوتاد”، في سورة “الفجر”، عدّة أقوال، منها أنه كان له جنود أشداء كالأوتاد ينفّذون أوامره، ومنها أنه كان يعذّب الناس بصلبهم أرضاً وتثبيتهم بالأوتاد، ومنها أنه كانت له مظلّات تثبت بالأوتاد ليمارس تحتها اللهو واللعب، ومنها أنه قتل امرأته المؤمنة بالله، بأن صلبها بين الأوتاد وألقى عليها حجر رحى فقتلها، أي أنه كان ملكاً طاغية دموياً عابثاً، له جيش جرار من الجنود.
أما في كتابه “تاريخ الأمم والملوك” في ذكر “موسى بن عمران وأخباره وما كان في عهده” فهو يذكر “فرعونين” لموسى، أولهما كان الملك الذي أمر بذبح ذكور بني إسرائيل واسمه “قابوس بن مصعب بن معاوية”، ولما نودي موسى من الله في سيناء وكُلِّف بالرسالة، علم أن قابوس قد مات وتولى مكانه أخوه “الوليد بن مصعب” والذي كان أعتى وأطغى منه، بالتالي فإن فرعون موسى ليس شخصاً واحداً بل شخصان!
و”فرعون” في روايته ليس اسماً شخصياً ولا هو لقب ملكي مصري عام، وإنما هو لقب لملوك “العماليق” (المقصود بهم غالباً الهكسوس) الذين سيطروا على مصر ووفد عليها يوسف وتولى وزارتها واستقدم أهله- بني إسرائيل- في عهدهم، فلما طال الأمد تغيّر العماليق على حلفاء الماضي واضطهدوهم، ثم علم فرعون- قابوس بن مصعب- بنبوءةٍ تذكر أن دمار ملكه وملك أسرته على يدي مولود من بني إسرائيل، فأمر بنسائهم الحوامل أن يعذبن حتى الإجهاض، ومن جاءها المخاض منهن تُجبر على الوقوف فوق عيدان قصبٍ مدببة ليسقط عليها المولود فيموت، ثم مات قابوس وجاء فرعون التالي، وقيل إن سبب تنكيل فرعون ببني إسرائيل كان حلماً رأى فيه ناراً تأتي من جهة موضع بيت المقدس فتحرق بلاده.
ومما قيل عنه كذلك إنه كان أطول الملوك عمراً، بل وأنه من فرط قوته “لم يكن يُحدِث” (أي لم يكن يحتاج إلى التبرز)، فلما ألقى موسى العصا أمامه وتحولت إلى حيّةٍ عملاقة أصابه الرعب، فأحدث لأول مرة!
وأخيراً يذكر الطبري في نهاية فرعون أنه حين أدركه الغرق وصاح أنه قد آمن برب موسى، أسرع جبريل إلى طمي البحر يضعه في فمه ليكتم أنفاسه، خشية أن تدركه رحمة الله!
ابن كثير: فرعون ورجاله قد تمرّدوا في الأرض ونشروا فيها الشر والأذى
يذكر اسماعيل بن كثير (701هـ-774هـ/1301م-1373م) في “تفسير القرآن العظيم”، باقتضابٍ نفس ما ذكره الطبري في تفسيره، ويضيف أن فرعون ورجاله قد تمرّدوا في الأرض ونشروا فيها الشر والأذى، وفي كتابه “البداية والنهاية” يستهلّ حديثه عن قصة النبي موسى أن أكثر ما فيها من أقوال المفسّرين إنما هو من الإسرائيليات، ثم يفسر الآية “إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً”، بأن فرعون هذا قد تجبر وعتى وطغى وقسّم رعيته فئات يضطهدها ويُخضعها له، وجعل أكثر اضطهاده لبني إسرائيل بسبب ما كانوا يتدارسونه في كتبهم من أنهم سيملكون مصر.
وتسير قصة موسى في مجراها، مع ما يظهر من السياق أن فرعون في رواية ابن كثير هو رجل واحد وليس رجلين كرواية الطبري، وتتفق الروايتان مع إبراز قوة فرعون البدنية الخارقة فيعيد ابن كثير حكاية أنه “كان لا يتبرز” إلا أنه في روايته كان يتبرّز مرة واحدة كل أربعين يوماً، فلما أصابه الفزع من الحيّة تبرز أربعين مرة في اليوم!
ويورد ابن كثير أن فرعون حين عثرت امرأته على موسى رضيعاً وتوسلت له ألا يقتله قائلةً: “قرة عين لي ولك”، أجابها: “لك أنتِ أما أنا فلا حاجة لي به”، فكان هذا سبباً في إصراره مستقبلاً على الكفر بالرسول.
ولكن ابن كثير رغم استفاضته في الحديث عن قصة موسى مع فرعون لم يتطرّق لأصول هذا الأخير ولا لاسمه الحقيقي، برغم ذكره بشكلٍ عابر نسب امرأته المعروفة بـ”آسية” أنها من أحفاد “الريان بن الوليد” وهو-على حدِّ قوله- الملك المعاصر للنبي يوسف، أي أن ابن كثير يورد ضمناً أن فرعون لم يكن مصري الأصل، ولكن دون اكتراث للبحث في هذا الصدد كما فعل غيره.
هل “فرعون” هو اسم شخص أم لقب ملكي؟ هل كان مصرياً أم أنه “غير مصري الأصل”؟ لماذا كان يعتقد بأنه من العماليق؟ ولماذا قيل بأنه ورجاله قد تمرّدوا في الأرض ونشروا فيها الشر والأذى؟
ورد ذكر فرعون في القرآن 74 مرّة، ولعلّ سبب اعتماد اسم “فرعون” كلقبٍ لحكّام مصر القديمة، بل وإضفاء صفة “الفرعونية” على تلك الحضارة، كان مردّه تأثّر بعض علماء التاريخ والمصريات الأجانب بالتوراة التي حملت بعض سطورها نفس الاسم عن عدو النبي موسى: فرعون
جلال الدين السيوطي: كان “من العماليق” وقد حكم مصر 500 سنة
في تفسيره الذي شارك فيه “تفسير الجلالين” يقول جلال الدين السيوطي (849هـ-911هـ/1445م-1505م) أن فرعون كان كثير الجنود والجيوش والجموع التي تشدّ مملكته.
وفي كتابه “حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة” يستفيض في أمر “من هو فرعون موسى” أكثر من سابقيه الطبري وابن كثير.
ففي رواية يقول إن فرعون كان “من العماليق” وقد حكم مصر 500 سنة وأن كنيته هي “أبا مُرّة” (والتي يتصادف أنها نفس كنية الشيطان إبليس في بعض الموروثات الإسلامية)، وفي رواية أخرى ينقلها عن ابن عبد الحكم أنه قبطي من مصر واسمه الحقيقي “طَما”.
وثمة رواية عن أن ملك مصر قد مات، فاختلف أهل الحل والعقد فيمن يولوه، ثم اتفقوا على استفتاء أول من يمرّ بهم، فمرّ بهم فرعون وكان رجلاً قصيراً قبيح الهيئة، ذو لحيةٍ طويلة حتى أنه يتعثر فيها، فأشار عليهم أن يولوه ملك مصر كيلا يتنافسوا، فأطاعوه، ثم دبّر مؤامرة تخلص بها منهم كيلا ينافسه أحدهم، فتآمر مع “صاحب أمر” كل رجل من أهل الدولة أن يغتال سيده، فتخلّص من السادة، بينما دان له الأتباع المتآمرون بالربوبية والعبادة، وبقي 500 سنة يحكم من مصر إلى أفريقية (تونس حالياً).
وقيل إنه بقي 400 سنة يتجدد شبابه، بل وأنه خلال تلك الفترة لم يشعر قط بجوع أو عطش أو مرض أو ضعف أو صداع أو أي طارئ مما يطرأ على البشر، فتوهم في نفسه أنه إله ونادى بربوبيته بين الناس.
والغريب أن الروايات الواردة في كتاب السيوطي تصف فرعون بالعدل والرفق بالرعية، فهو يعنّف وزيره هامان لأنه حصّل من أهل القرى مالاً ليوصل إليهم مجاري الماء ويقول له: “ينبغي للسيد أن يعطف على عباده”، وأنه لم يكن يترك موضعاً من البلاد إلا مزروعاً ويرسل رجاله للتفتيش عن ذلك، وتقول بعض تلك الروايات أن فرعون كان يقسم المال الوارد عليه أربعة أقسام، الربع له خالصاً، والربع للجند، والربع لإصلاح الأراضي ورعايتها والربع كان يدفن في القرى كي تستعين به على ما قد يصيبها بغتة، وأن هذا الربع الأخير هو مصدر “كنوز الفراعنة” التي تحاك حولها الأساطير.
وسبب الغرابة هنا أن تلك الرواية تتعارض مع ما ورد في القرآن في وصف فرعون ورجاله أنهم “الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد”، فهي من ناحيةٍ تناقض الآية ومن ناحيةٍ أخرى تناقض “الصورة النمطية للملك الطاغية الكافر” التي اعتادت الأدبيات التراثية الإسلامية تقديمها.
على أية حال فإن روايات كل من الطبري وابن كثير والسيوطي عن فرعون إنما شابها ما يشوب كثير من روايات المؤرخين والمفسّرين المسلمين من مبالغات خاصة فيما يتعلق بالأرقام والأعداد!
الإخباريون: القراءة الأسطورية للقصص الديني
الثعلبي النيسابوري الذي عاش وتوفي بين النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي والنصف الأول من القرن الحادي عشر، كان كتابه “عرائس المجالس” بمثابة محاولةٍ لقراءة ما بين سطور القصص القرآني، أو ما يمكن اعتباره “محاولة لإكمال ما سكت عنه التفسير”، وإن كان الكتاب قد أصبح في حقيقة الأمر نموذجاً لـ”القراءة الأسطورية للقصص الديني”، فبينما يحذّر بعض المؤرخين والمفسرّين أمثال ابن كثير، من “الروايات المدسوسة غير الموثوق منها” فإن الثعلبي يسارع لإضافة كل ما يصله دون تدقيق، وكأنما يحرص على عنصر “الإثارة” أكثر من حرصه على الدقة.
يذكر الثعلبي أكثر من فرعون، فأولهم كان “الريان بن الوليد” وهو فرعون النبي يوسف وقد آمن بالله، ثم مات فتولى قابوس بن مصعب ورفض الإيمان بالله فهلك، وكان يوسف قد مات في عهده، ثم تولى المُلك أخوه فرعون الثالث أبو العباس الوليد بن مصعب، وكان جباراً أكثر من أخيه الراحل.
وحكم فرعون بالبطش والشدة، و”جعل أهلها شيعاً” فقسم بني إسرائيل فئات مستعبدة، كل فئة مكلفة بواحد من الأعمال المهينة، فحكم 400 سنة، ثم رأى ناراً تأتي من جهة بيت المقدس فتحرق المصريين وينجو منها بنو إسرائيل، وفسّر له سحرته هذا بأن مولوداً من بني إسرائيل يدمّر ملكه، فأمر بقتل ذكور بني إسرائيل، ثم عندما شكا له رجاله من نقص العبيد أمر بأن يكون الذبح عاماً وتَرْكه عاماً.
ويضيف النيسابوري قصةً مثيرةً تقول إن أم موسى حين أرادت إلقاءه في النهر تنفيذاً لوحي الله، اشترت تابوتاً صغيراً من نجّار، فلما سألها عما تفعل به كرهت أن تكذب وأخبرته بالحقيقة، فذهب ليشي بها فألقى الله على لسانه الخرس، فدعا الله أن يرفع عنه النقمة على ألا يشي بموسى وأمه، فارتد له نطقه ورجع عما كان ينوي.
ثم عثرت ابنة فرعون وزوجته على التابوت، وكانت ابنة فرعون مصابة بالبَرَص (البهاق) وقد نصحها بعض السحرة أن تمسح وجهها بأول شيء يلقيه إليها النيل، فلما فتحت التابوت ووجدت الرضيع موسى مسحت وجهها بريقه فشفيت، فلما أحسَّ فرعون أن هذا المولود غير طبيعي وأنه قد يكون الموعود بتدمير ملكه، أمر بقتله لولا أن توسلت إليه زوجته.
وكأنما يريد الثعلبي أن يقوّي من الحبكة الدرامية وجوِّ “الملهاة” المتمثلة في أن يربي فرعون عدوه في قصره وهو الذي هلاكه على يديه، فيقص أن فرعون حمل موسى في حجره يوماً وهو رضيع فضربه موسى بيده فقال فرعون “إن هذا هو عدوي” وعادت هواجسه إليه، فأمر بقتل موسى إلا أن امرأته قالت له: “هو طفل لا يعرف التمييز” فقرّر فرعون أن يختبره ووضع جمرةً متقدة أمام الرضيع وإلى جوارها ياقوتة-ويقال تمرة- فإذا تناول الياقوتة وتجنب الجمرة فهو مميز، فتناول الجمرة ووضعها على لسانه فلهذا أصبحت لديه بعض عيوب النطق المقصودة في “أحلل عقدة من لساني” لاحقاً.
وعن قصر فرعون يقول الثعلبي إنه كان يعيش في مدينةٍ حصينةٍ عليها سبعون سوراً بينها بساتين، ولكل سور سبعون ألف حارس مقاتل، وداخل آخر سور غابة زرعها فرعون بيده، وعاشت فيها الأسود التي كانت مسخّرة لطاعته وحمايته، ورغم ذلك فقد استطاع موسى وهارون أن يدخلا دون أن يوقفهما أحد، بل وفرّت الأسود هاربة منهما، ما أفزع فرعون وأجبره على السماح لهما بالمثول بين يديه.
وفي بلاط فرعون جرت المحاورة المعروفة في القصة، حتى ألقى موسى عصاه فتبرّز فرعون أربعين مرّة كما سلف الذكر.
ويضيف النيسابوري أن فرعون فكر جدياً في الإيمان برب موسى، إلا أن هامان ثناه عن ذلك، ولما قال له موسى: “لو آمنت لرددت عليك شبابك” همَّ أن يؤمن لولا أن دلّه هامان على الخضاب (صبغ الشعر بالحنّاء) ليبدو شاباً، وهو على ذلك- حسب قول الثعلبي- أول من خضب بالسواد، ويعلل الثعلبي بذلك كراهية الرسول محمد للصبغة السوداء!
وفي المشهد المثير لمطاردة فرعون لموسى وبني إسرائيل خلال خروجهم من مصر، لا يفوت الثعلبي النيسابوري فرصة إضافة مزيد من المبالغات الرقمية، فيقول إن جيش فرعون كان “ألف ألف وخمسمئة ألف مَلِك تحت كل مَلِك ألف جندي!
وينهي الثعلبي حديثه عن فرعون بقصة أخرى “باعثة على التأمل” فيقول إن المَلَك جبريل قد أتاه في هيئة بشر بينما هو- فرعون- يدّعي الألوهية، فإدعى أنه يستفتيه في أمر وسأله: “أرأيت لو أن عبداً أكرمه سيده ومنحه كل شيء ثم جحد العبد عبوديته للسيد وإدعى أنه هو السيد، ما عقابه؟” فأجابه فرعون: “عقابه الغرق”، فطلب منه جبريل أن يكتب فتوى بذلك ويوقعها، ففعل.
فلما أدرك فرعون الغرق وصاح يعلن إيمانه بالله، ظهر له جبريل وقال له: “هذه فتواك” ودس رسالة الفتوى في فمه ليختنق ويغرق.
على أية حال فالمتبحّر في عالم التراث الإسلامي يعرف بسهولة أن كتاب “عرائس المجالس” للثعلبي النيسابوري، هو في حقيقة الأمر نموذج لتأثير الأساطير السابقة في المحاولات الإسلامية لكشف غموض بعض محتويات الآيات.
هل “فرعون” هو اسم شخص أم لقب ملكي؟
في كتابه “فرعون موسى” يوافق الباحث عاطف عزت ما ذكره المفسّرون والمؤرّخون السابقون أن “فرعون” هو “اسم شخص وليس لقباً ملكياً، وكذلك أنه “غير مصري الأصل”، وإن كان القدماء قد توصلوا إلى ذلك من خلال بعض الروايات والأخبار المتناثرة، أو من خلال الاستنتاج كما فعل “المسعودي” حين سأل بعض الأقباط عن الأصل اللغوي لكلمة “فرعون” فلم يجدوا لها أصلاً مصرياً، فهو كذلك يتفق معهم ويستدل على ذلك بأمور، مثل ارتباط الاسم لغوياً بثقافات عربية أخرى أبرزها انتشاره كاسمٍ شخصي في بلدان مثل لبنان وسوريا وفلسطين، أو اشتقاقه من كلمة “فاران” وهي بلدة بجزيرة العرب، وهي نفس النتيجة التي يتوصل إليها كذلك الباحث “ابن قرناس” في كتابه المثير للجدل “أحسن القصص”، فضلاً عن واقع أن كلمة “فرعون” لم ترد في أي من الخرطوشات الملكية الموجودة في مقابر الملوك القدامى باعتبارها “لقباً”، بل لم ترد فيها على الإطلاق، ما يضيف مزيداً من القوة لنظرية أن فرعون هو اسم شخصي لأحد ملوك الهكسوس الذين تسلطوا على مصر ما بين الدولتين الوسطى والحديثة.