في مسقط ثمة مشهد يتحدث عن نفسه، فمقر إقامة رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام غدا قبلة يحج إليها السفراء والوسطاء بحثا عن صيغة لحل سياسي يضع حدا للحرب العدوانية على اليمن، ويبدد المخاوف السعودية من الصعود المستمر للقوة العسكرية اليمنية، وتوغل الجيش واللجان الشعبية في العمق السعودي، بعد أن تأكد عمليا عجز قوات التحالف والمرتزقة من تحقيق الحسم العسكري الذي طالما عملوا عليه وتوعدوا الطرف الوطني بمآلاته.
وإذا كان نائب وزير الدفاع السعودي نجل الملك وشقيق ولي العهد آخر المهرولين حتى الآن، فإن إبرام اتفاق يمني سعودي مزمع قريبا من شأنه وضع نهاية مخزية لجموع المهرولين اليمنيين الذين تقاطروا إلى الرياض بحثا عن الخلاص.
خمسة أعوام من الحرب العدوانية على بلادنا، والمتساقطون المهرولون إلى وكر الأفعى يمنون النفس بعودة مظفرة إلى صنعاء. لكن لم تمض بضعة شهور حتى وجدوا أنفسهم رهن الإقامة الجبرية في الرياض، والقاهرة، واسطنبول. وبعد أن لفظتهم عاصمة الأحرار فعلت بهم عدن الشيء نفسه وقلبت لهم ظهر المجن. وهاهم اليوم يتحسسون رؤوسهم ويخشون أن تدور عليهم الدائرة وتلفظهم الرياض نفسها بعد أن استخدمتهم ورقة رخيصة في حربها على وطنهم وأبناء جلدتهم.
وفي محاولة بائسة لتجنب المصير المخزي الذي ينتظرهم، تجدهم يراهنون على استمرار الحرب والنفخ في كيرها، مع المزيد من الانبطاح والتملق المذل لأسيادهم من آل سعود وأولاد زايد، ولن يكون مفاجئا إن صدرت عنهم أقوالا ومواقف تحذر من السلام وتوقف نزيف الدم اليمني، ولن يكون مستغربا إن رأيت أكبر كبير فيهم وهو يتوعد بمزيد من التصعيد حتى آخر جندي سوداني!!
لا عجب فقد كان هذا ديدنهم منذ تآمروا على الحوار الوطني ومكوناته، وفجروا حربا أخرى في صعدة، وعمدوا إلى تمييع القضية الجنوبية، ومنحوا قوى النفوذ التقليدية مزيدا من التحكم في السلطة والثروة، ورهنوا القرار السياسي والسيادي لليمن وسلموه لسفراء الدول العشر.. ولم تمض الأيام حتى وجدناهم يبكون عمران، فصنعاء، فعدن.. وفعلوا الشيء نفسه وهم يستعطفون التحالف ألا يتركهم وحدهم في منتصف الطريق، وهاهم أنفسهم من يعزف سيمفونية البكاء الحزين على أطلال جدة والرياض وأبوظبي.
فشلوا وأفشلوا الثورة..فشلوا وأفشلوا الدولة..فشلوا في الحرب وفشلوا في السياسة، فشلوا أخلاقيا ووطنيا، وهاهم على طريق الفشل نفسه، عاجزين أن يكونوا مجرد مرتزقة متأدبين..، فما الذي يمكن أن ينتظره شعبنا منهم ومن أمثالهم؟!.
لا بأس، فباب التوبة لا يزال مفتوحا، وصنعاء لا تزال أم الجميع، والمصالحة الوطنية لن تكون جامعة وذات معنى إن لم تحتوي مثل هذه العاهات.. لكن صدقوني إن جاد الزمن عليهم بفرصة أخرى، فلن يكف أصحاب هذه النفسيات عن الهرولة من جديد.
لكن إلى أين هذه المرة ؟
إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم..