الوحدة نيوز/ متابعات:
نشر موقع “لوبلوغ” مقالا لتشارلس دون الزميل غير المقيم في المركز العربي بواشنطن عن التحالف السعودي- الإماراتي المتداعي في اليمن وكيف سيغير السياسة الخليجية.
وقال إن التحالف الفعلي بين السعودية والإمارات ومصر ظل حتى حزيران (يونيو) في مقعد القيادة من ناحية التأثير على الولايات المتحدة في مجموعة من القضايا في الشرق الأوسط بدءً من مقاطعة قطر والاضطرابات بالسودان إلى الحرب الأهلية في ليبيا.
ورغم الحملات المتكررة من الكونغرس المعارض للحملة السعودية- الإماراتية في اليمن إلا إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قامت باستخدام الفيتو وواصلت دعمها للحملة العسكرية ضد اليمن. وظلت تدعمهما بالسلاح والمساعدات الأخرى.
ويرى محللو السياسة الخارجية في واشنطن أن الطريقة الأكيدة لإنهاء النزاع الدموي هي تخفيف الولايات المتحدة دعمها للتدخل السعودي. إلا ان تصدعات صغيرة بدأت تظهر في التحالف السعودي- الإماراتي وتحولت إلى كسور أكبر التي دعت للتساؤل عن التضامن بين البلدين اللذان يعتبران من أهم الدول في منطقة الخليج من الناحية السياسية والعسكرية.
فدعم الإمارات للإنفصاليين الذين هاجموا قوات الحكومة الشرعية التي تعمل مع السعودية على إعادتها إلى صنعاء التي تسيطر عليها المجموعة الحوثية. ويرى الكاتب أن الفوضى في اليمن أثرت على السياسة الأمريكية واستراتيجية واشنطن ضد إيران.
وفي الوقت الذي قد يجبر الوضع في اليمن على تغيير استراتيجيتها تجاه إيران وتغير موضع البلدين في واشنطن. ويرى الكاتب أن العلاقة السعودية – الإماراتية تعيش توترا لعدة أسباب، وعلى الأقل من تشرين الاول (أكتوبر) 2018 ، عندما تم قتل الصحافي المقيم في أمريكا جمال خاشقجي في قنصلية السعودية باسطنبول. وفي الوقت الذي دعمت فيه الإمارات الأمير محمد بن سلمان الذي يعتقد أنه هو الذي أمر بجريمة القتل إلا أن قادة الإمارات أعادوا النظر في حكمة استمرار العلاقة القريبة.
والتي كانت تقوم على إدارة التأثير في واشنطن والاستفادة من العلاقة بين ولي العهد محمد بن زايد وبن سلمان. ولكن ولي عهد أبو ظبي وقادة الإمارات بدأوا بالقلق على سمعتهم وجرها في التراب في وقت بدأ فيه رصيد السعودية بالتراجع في واشنطن. وبدأوا والحالة هذه بإبعاد أنفسهم عن السعوديين وسياساتهم.
إلا أن حرب اليمن كانت مثار قلق أوسع، فرغم التناسق السياسي والعسكري بين البلدين في الحرب إلا أنه بدا، على الأقل خلال الثمانية أن مصالحها تختلف عن تلك التي تحاول السعودية تنفيذها. ولطالما تعاملت الرياض مع الصراع في اليمن ضمن حربها مع إيران والتنافس على الهيمنة الإقليمية. ومن هذا المنطور شنت السعودية الحرب كجبهة أخرى من جبهات القتال بين البلدين وتبنت سياسة أرض محروقة في اليمن تركت أثرها الفادح على المدنيين اليمنيين والبنى التحتية وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى وربما ورطت دول مزودة لها بالسلاح بجرائم حرب حسب تقرير الأمم المتحدة في 3 أيلول (سبتمبر).
وبالنسبة للإمارات فقد كان أقل ميلا نظرا للمنافع الإقتصادية والقرب الجغرافي من إيران، فهي لم تتعامل مع الحرب حسب الرؤية السعودية ولم تكن مهتمة بهزيمة إيران عبر الحوثيين، بل كانت تريد تحقيق مجموعة من الأهداف. فأبو ظبي لم تكن راغبة بسيطرة الحوثيين على ميناء عدن الذي يعد البوابة لمضيق باب المندب الذي تعتمد عليه التجارة الإماراتية.
ومن هنا فسيطرة الإنفصاليين على عدن، مقر الحكومة الشرعية أدى إلى جولة جديدة من الفوضى. وكانت المعركة على عدن مؤلمة للقيادة السعودية في ضوء أمر القيادة الإماراتية تخفيف وجودها في اليمن في تموز (يوليو) مبررة قرارها المفاجئ بأنه دعم للجهود “الدبلوماسية”. وكان سحب القوات إشارة عن عدم حيوية إعادة حكومة عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء أو أن الحرب مع الحوثيين لم تعد مهمة طالما أمنت الإمارات مصالحها البحرية من خلال وكيل محلي وهو المجلس الإنتقالي الجنوبي.
وأدى سحب القوات إلى تضايق السعودية وأثر على عملية شن الحرب ضد الحوثيين. وزاد التوتر عندما ضرب الطيران الإماراتي القوات التابعة لحكومة هادي في زنجبار وعدن وأدت إلى إظهار الإنقسام الذي لم يعد قابلا للإصلاح بين طرفي التحالف. ويقول الكاتب إن التطورات الأخيرة دعت الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في موقفها من حرب اليمن. فرغم دعوة الخارجية الأمريكية إلى الحوار وحل الخلاف بين الأطراف المتصارعة إلا أن الإدارة لم ترفق هذا بدبلوماسية تهدف لتقريب وجهات النظر السعودية والإماراتية.
وعلى العكس كشفت تقارير عن فتح إدارة ترامب محادثات مع الحوثيين من خلال عمان ودعت السعودية إلى المشاركة. والسبب كما يبدو هو خوف الولايات من تدهور الوضع في اليمن وتأثيره على حملتها ضد إيران التي ترى أنها أهم من أي شيء يحدث في اليمن. وزادت استراتيجية الضغوط القصوى ونشر قوات عسكرية في الخليج وتصعيد اللهجة ضد طهران لزيادة فرص الحرب. فيما زادت الغارات الإسرائيلية الأخيرة في العراق وسوريا ولبنان من فرصة تعرض القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لهجمات انتقامية. وضمن هذا الإطار ترى الولايات المتحدة في تدهور الوضع في اليمن وانهيار التحالف السعودي- الإمارات حرفا عن الجهود الرئيسية وهي مواجهة إيران، خاصة في حالة تطور المواجهة إلى حرب في الخليج.
وبالتأكيد فاستمرار الضربات الصاروخية الحوثية وإرسال الطائرات المسيرة إلى داخل السعودية تكشف عن المخاطر التي تتعرض لها السعودية، مع أن هذه الهجمات لا تترك أضرارا كبيرة. وهو ما يفسر التغير في استراتيجية واشنطن فتح حوار مع الحوثيين وإشراك السعودية أو إجبارها على المشاركة فيها.
ومن هنا فالحوار مع الحوثيين قد يكون في وقته، خاصة أن الإدارة الأمريكية لن تكون قادرة على مواجهة الكونغرس الداعي للحد من الدعم العسكري لحملة اليمن وتقييد صفقات السلاح إلى التحالف الذي تقوده السعودية. ويرى الكاتب أن تداعيات انهيار التحالف السعودي- الإماراتي ستترك أثارا أبعد من اليمن، ومنها التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط الذي أعلنت عنه الإدارة في أيار (مايو) 2017، فبناء تحالف أمني يعتمد في النهاية على حماية الوحدة بين دول الخليج التي ستمول وستمنح القاعدة وستشارك في السلاح الحديث، خاصة أن التحالف موجه في المقام الأول لإيران.
ومن هنا فالتوتر السعودي-الإماراتي الحالي وخروج مصر واستمرار مقاطعة قطر وتردد دول الخليج دمج قواتها في منظومة دفاعية واحدة يجعل من تحقيق هذا “الناتو العربي” صعبا. ويترك التدهور في العلاقات بين طرفي التحالف أثره على حرب أمريكا ضد الإرهاب، خاصة القاعدة وتنظيم الدولة. وتعتمد استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط على علاقات جيدة مع الحلفاء في مصر والخليج وإسرائيل لتقديم جبهة موحدة ضد إيران.
ويعتقد الكاتب أن التطورات الأخيرة في اليمن قد تؤدي إلى تحول في السياسة الأمريكية أو تغير الطريقة التي ينظر فيها ترامب إلى الصراع. فلو توصل ترامب إلى نتيجة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يعد قادرا على خدمة الأولويات الأمريكية والحفاظ على التحالف فإنه قد يعيد النظر في علاقته.