تبدي إسرائيل مخاوف متزايدة إزاء سلامة الملاحة لسفنها في جنوب البحر الاحمر وبخاصة في باب المندب.
ولهذه المخاوف ما يبررها على صعد مختلفة، أولها أن حجم التجارة الخارجية الاسرائيلية التي تعبر المضيق نحو الشرق الأقصى يقارب ال 40 بالمئة من الحجم الكلي للتجارة الخارجية الإسرائيلية، ما يقدر ب مليارات الدولارات.
وثانيها أن انصار الله تعرضوا في آب/اغسطس من العام الماضي لسفينتين سعوديتين وبالتالي يمكن ان يتعرضوا للسفن الاسرائيلية، إن هم قرروا ذلك خاصة انهم يعلنون انتماءهم لمحور المقاومة.
وثالثها أن سفن تل أبيب يمكن أن تتعرض لحظر الملاحة في حال اندلاع حرب اسرائيلية مع محور المقاومة أو أمريكية مع المحور نفسه.
معلوم هنا أن النظام الماركسي في جنوب اليمن بزعامة سالم ربيع علي المعروف باسم سالمين، كان قد بادر في حرب اكتوبر/ تشرين الاول عام 1973، إلى حظر الملاحة الإسرائيلية عبر باب المندب وبالتالي فان هذا النوع من الحظر يحتمل أن يصدر عن الحوثيين الذين يتمتعون بموقع شديد الأهمية في ميناء الحديدة القريب من المضيق.
ورابعها يكمن في عرض نتنياهو المشاركة في القوة البحرية الدولية التي دعت الولايات المتحدة الى تشكيلها لحماية الملاحة في مضيق هرمز وفي ظن نتنياهو ان الخطر الأهم على الملاحة الإسرائيلية في جنوب البحر الاحمر قائم في طهران وبالتالي فان قهر الايرانيين هو السبيل الاهم لضمان الملاحة الصهيونية في باب المندب.
وخامسها ما يستخلص من المساعي الأمريكية الحثيثة للتنسيق عالي المستوى بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ذلك ان المبعوث الامريكي للأزمة الإيرانية بريان هوك يواظب على رعاية التنسيق بين البلدين في سياق تمتين العلاقة بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ولكن الجانب الخاص في هذا المجال يتعلق بالموقع الإماراتي في موانيء وجزر جنوب اليمن.
معلوم أن استراتيجية الإمارات في هذه المنطقة كانت حتى وقت قريب تقوم على بناء شبكة من المواقع والقواعد البحرية في موانيء جيبوتي والصوامل واريتريا وجزر حنيش وسقطرى وعدن لتلعب دورا امنيا كبيرا في حماية التجارة مع الصين ودول الشرق الاقصى لكن الامارات العربية المتحدة ربما تعيد النظر باستراتيجيتها المذكورة أو تجمدها على الأقل بانتظار التطورات المقبلة في مضيق هرمز الذي يعنيها ايضا.
إن دوراً اماراتياً على المضيقين يمر بالضرورة بحسب المبعوث الامريكي بالتنسيق مع اسرائيل التي يقول عنها الوزير الاماراتي انور قرقاش ” مقاطعة اسرائيل خطأ جسيم جداً.
وفي هذا الإطار من غير المستبعد ان تفتح اسرائيل عينها على ما يدور في جنوب اليمن حيث يصرح قادة الحزام الامني انهم جزء لا يتجزأ من التحالف العربي وانهم يريدون ” مكافحة ايران واذرعها في المنطقة ” وهذا يزيد من اهمية التنسيق الإسرائيلي مع الإمارات التي دربت وسلحت اعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي خلال السنوات الماضية وهي التي توفر ميزانية المجلس وتنسق سياساته.
معلوم ان وزير خارجية عبد ربه منصور هادي خالد اليماني -استقال لاحقا- كان قد صافح نتنياهو بحرارة وقدم له الميكروفون في مؤتمر وارسو في فبراير/ شباط الماضي كعربون لمستقبل طبيعي بين اليمن واسرائيل اذا ما انتصر التحالف العربي في حرب اليمن بيد ان تل ابيب يمكن ان تهتم اكثر بالقوة الصاعدة حول باب المندب وحليفها الإماراتي من حكومة هادي الضعيفة والتي صارت مكسر عصا حتى لرعاتها.
يبين ما سبق أن حركات الدول والجماعات في الإقليم باتت مترابطة كالأواني المتصلة لا يمكن فهم مساراتها إلا من خلال ترابطها وهذا امر يصبح بديهيا اكثر مع مرور الايام