نقلت وكالة “رويترز” عن ستة مصادر وصفتها بـ”المطلعة” قولها إن الولايات المتحدة تواجه صعوبة في كسب دعم حلفائها لمبادرة تهدف لتشديد الرقابة على الممرات الحيوية لشحن النفط في الشرق الأوسط بسبب المخاوف من أن يزيد ذلك من التوتر مع إيران.
واقترحت واشنطن في التاسع من يوليو/ تموز تعزيز جهود حماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن حيث تحمل طهران ووكلائها المسؤولية عن هجمات على ناقلات نفط. وتنفي ايران الاتهامات.
لكن مع تردد حلفاء واشنطن في الالتزام بتقديم أسلحة جديدة أو قوات قتالية قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لرويترز أمس الخميس إن هدف الولايات المتحدة ليس إقامة تحالف عسكري بل إطلاق تحذير في المنطقة لردع الهجمات على الشحن التجاري.
وبحسب “رويترز” قال مصدران خليجيان ومصدر أمني بريطاني إنه بسبب المخاوف من المواجهة، من المرجح أن يقتصر أي تدخل من جانب حلفاء واشنطن على أفراد البحرية والعتاد الموجود بالفعل بالقرب من مضيق هرمز في الخليج ومضيق باب المندب في البحر الأحمر.
وقال دبلوماسي غربي “يريد الأمريكيون تشكيل (تحالف من الراغبين) لمواجهة أي هجمات في المستقبل… لا أحد يريد أن يكون على هذا المسار التصادمي وضمن حملة أمريكية ضد إيران”.
وتحدثت كاثرين ويلبرغر وهي واحدة من أبرز مسؤولي السياسة في البنتاغون عن هذه المخاوف وسوء الفهم المحتمل وقالت لرويترز في مقابلة إن المبادرة الجديدة “لا تتعلق بالمواجهة العسكرية”.
وبموجب اقتراح واشنطن، ستوفر الولايات المتحدة سفن التنسيق وتقود جهود المراقبة بينما يقوم الحلفاء بدوريات في المياه القريبة ويرافقون السفن التجارية التي ترفع أعلام دولهم.
وقالت إيران إنه يتعين على القوى الأجنبية ترك مسألة تأمين خطوط الشحن لطهران ودول أخرى في المنطقة.
وأشار مسؤول فرنسي إلى أن باريس، التي لديها قاعدة بحرية في دولة الإمارات، لا تعتزم مرافقة السفن وتعتقد أن الخطة الأمريكية ستؤثر سلبا على تخفيف التوترات لأن طهران ستراها معادية لها.
وقال مصدر أمني بريطاني إن مرافقة كل سفينة تجارية أمر غير قابل للتطبيق وهو رأي تشترك فيه عدة دول أخرى.
وذكر مسؤول غربي كبير مقيم في بكين أن الصين “لا يمكن” أن تنضم إلى تحالف بحري. وقال مسؤول كوري جنوبي إن واشنطن لم تقدم بعد أي طلب رسمي.
وأي قرار من جانب اليابان للانضمام إلى مثل هذه المبادرة من المرجح أن يؤجج انقساما في الرأي العام الياباني بشأن إرسال قوات للخارج. ولم يقاتل الجيش الياباني في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال مسؤول خليجي “الأمريكيون يتحدثون إلى كل من هو مهتم بتشكيل شيء ما ويتطلعون بشكل أساسي إلى آسيا لأن الأمر له أهمية كبيرة لأمن إمداداتهم النفطية ويطلبون سفنا لكن الأمر جرى في هدوء”.
وأشار مسؤولون ودبلوماسيون إلى أن الهند نشرت سفينتين في الخليج لحماية السفن التي ترفع علمها منذ 20 يونيو/ حزيران. ومن غير المرجح أن يشارك مستوردو النفط الآسيويون الآخرون بأكثر من وجود رمزي مثل المشاركة بضابط اتصال.
وقال مسؤول آسيوي عن مرافقة السفن التجارية في مضيق هرمز الذي يبلغ عرضه 33 كيلومترا عند أضيق نقطة له “هذا مستحيل. المضيق مزدحم بالفعل”.
وصرح مسؤول خليجي آخر “لن نفعل أي شيء من هذا القبيل.. لن نفعل أي شيء بمفردنا”.
وزاد التوتر أمس الخميس بعد أن قال الحرس الثوري الإيراني إنه احتجز ناقلة أجنبية تهرب الوقود. وقال قائد عسكري أمريكي في المنطقة إن الولايات المتحدة تعمل “بدأب” لضمان حرية مرور السفن في مضيق هرمز وحوله.
وزاد التوتر منذ انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 ووافقت إيران بموجبه على الحد من أنشطة برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات التي أصابت اقتصادها بالشلل.
وتحاول فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهي من الدول الموقعة على الاتفاق إلى جانب روسيا والصين، إنقاذه من الانهيار ونزع فتيل التوتر.
وسيمثل الفشل في تأمين الدعم للمبادرة البحرية ضربة لمساعي الولايات المتحدة وحليفتيها السعودية والإمارات لعزل إيران والقوات التي تدعمها في الشرق الأوسط.
وتراقب السعودية والإمارات بالفعل الساحل قبالة اليمن حيث تقودان تحالفا يحارب حركة الحوثي المتحالفة مع إيران. لكن الإمارات قالت إنها ستخفض وجودها هناك.
وسئل مسؤول عسكري سعودي عن الدور الذي قد تلعبه الرياض في المبادرة الأمريكية فقال إنه سيكون الدور الذي يلعبه التحالف بقيادة السعودية على مدى السنوات القليلة الأخيرة في البحر الأحمر في إطار الحرب في اليمن بما في ذلك مرافقة السفن التجارية وتأمينها.
ولا تريد الولايات المتحدة أن تقوم بذلك بمفردها.
وقال أحد مصدري الخليج “هناك موارد كافية في المنطقة الآن للقيام بالمهمة. والأمريكيون يريدون طابعا دوليا لهذه الجهود كما لا يريدون تحمل العبء المالي”.
وأضاف المصدر أن الجوانب الفنية والمالية، مثل تكاليف إعادة التزود بالوقود والتخزين والصيانة، يجب أن تحسم قبل أن توافق البلدان على المشاركة.
وسيقع عبء المراقبة بشكل أساسي على الولايات المتحدة، التي تقوم بحماية ممرات الشحن في المنطقة منذ عقود بأسطولها الخامس المتمركز في البحرين. كما تقود القوات البحرية المشتركة وهو تحالف بحري يضم 33 دولة مكلف بالقيام بعمليات أمنية ومحاربة القرصنة في المنطقة.
ولبريطانيا قاعدة في عمان كما أن الصين قاعدة في جيبوتي قبالة مضيق باب المندب. وتتعامل بكين بحذر في المنطقة بسبب علاقاتها الوثيقة في مجال الطاقة مع إيران والسعودية.
تدعم الرياض وأبو ظبي العقوبات الأمريكية على إيران، التي تفتقر لأسطول بحري قوي لكن تملك الكثير من القوارب السريعة وقاذفات الصواريخ المحمولة المضادة للسفن والألغام.
وقال مسؤول بالخارجية الأمريكية، طلب عدم نشر اسمه، إن البحرين ستستضيف اجتماع مجموعة عمل بشأن الأمن البحري والجوي في الخريف في إطار عملية متابعة لمؤتمر دولي عقد في وارسو في فبراير/ شباط وشاركت فيه نحو 60 دولة لبحث الاستقرار في الشرق الأوسط.
وزادت دول الخليج، وهي من كبار المشترين للأسلحة الغربية، استثماراتها في تعزيز القدرات الجوية والبرية مقارنة بالإمكانات البحرية ولا تملك خبرة تذكر في تنسيق عمليات بحرية كبيرة.
وقال توم والدوين وهو باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن غالبية المتاح عبارة عن قوارب دورية صغيرة وطرادات وإنها ستواجه صعوبات في المهام واسعة النطاق.
ولمحت ويلبرغر مسؤولة البنتاغون إلى أن السفن الصغيرة السريعة ستكون مفيدة. وقالت إن عدة دول عبرت عن اهتمامها بالمبادرة لكنها لم تذكر هذه الدول بالاسم.
وكالات