لا اعرف من اين ابدأ بعد هذا الغياب بسبب الحزن على موت امي الحبيبة قبل شهر في صنعاء. ترددت في الكتابة وشعرت بثقل حتى في جمع افكاري . ففقدان الأم امر مؤلم للغاية, خاصة.بعد غياب طويل عنها وحرمان لسنوات في الغربة والحرب والحصار. لم يكن احدا منا يتوقع بأنه سياتي اليوم التي ستندلع حرب في اليمن ويضرب عليها حصار غاشم وحرب وتشريد. واغلاق مطار صنعاء الذي كان قطع طريق الخروج على كبار السن والمرضى وكانت امي واحده من هؤلاء الذين لم يقدروا الخروج من اليمن بسبب اغلاق مطار صنعاء. كان فتح المطار هو الامل الوحيد في خروج امي التي كانت تعاني من مرض القلب فضلا عن كبر السن( مثل حال الكثير من المرضى).
اغلاق مطار صنعاء هو عدوان من ضمن قائمة العدوان ضد المواطنين الابرياء ..وتعذيبهم بشتى الطرق وركلهم الى زواية الموت عنوة بعد اغلاف كل سبل الامل في الحياة عليهم.
اعلم ان هناك مئات بل الالف من هم اسوأ بكثير عن حالة امي, لكني اتحدث هنا كابنة تمنت ان ترى امها وعلقت أملها في فتح مطار صنعاء الذي كان الامل الوحيد في خروجها الى تركيا. سبق وسافرت امي للعلاج إلى تركيا قبل الحرب وبعد الحرب. وكانت الرحلات قبل الحرب مباشرة وسهلة مدتها 7 ساعات فقط. لكن رحلتها الأخيرة في 2015 بعد اندلاع الحرب كانت طويلة غير مباشرة, فكان هناك محطة في الاردن لمده يومين وهو استنزاف جهد ومال للمواطنين في بلد غالية جدا, وانتظار في مطار خمس ساعات في مطار السعودية في تفتيش المواطنين باستفزاز وكانهم مجرمون ووضع أسئلة سخيفة جدا ووقحه وهم يمسكون بجوازات سفرهم ويسالونهم: هل معكم جواز سفر؟ ما اسمك, هل معك تذكرة سفر؟ هل وصلت بطيارة؟! سخافة ووقاحة عندما يطرح أسئلة كهذة من هم في صالة ترانزيتِ وهم يمسكون بجوازتهم بأيديهم.
أصبحت الرحلة مرهقة ومستنزفة للجهد والصحة والبدن. وهي تكون اسوأ حال عندما تكون مع كبار سن ومن يعانون من القلب او اي مرض آخر. كانت اختى المرافقة ترفع ارجل امي في الطيارة حتى لا يحدث لها جلطة في رحلتها الأخيرة المرهقة. وعند التنقل في المطار وبسبب الارهاق وطول الرحلة كانت اختى تاخذها بالكرسي المتحرك وهي كانت بصحة افضل مقارنتا بصحتها قبل شهور من وفاتهاِ بعد ان تعرضت لانتكاسة نفسية وصحية بسبب موت احد اخوتها في العام الماضي حزنا عليه. فكيف الحال مع المرضى وكبار السن مثل امي عندما يغلق مطار صنعاء ويفتح طرق أصعب واهلك من الرحلات غير المباشرة الى رحلة بريه بالباص تاخذ مدتها 18 ساعه الى 19 ساعه لتصل الى مطار عدن وهي باصات قديمة ومنتهيه, ثم تليها بعد ذلك رحلات غير مباشرة وطويلة. يعني طبقات من مشقات, مشقة من فوق مشقعة ضد من هو كبير في السن ومريض. اليس اغلاق مطار صنعاء عدوان وجريمة انسانية وقطع الامل في الخروج على من يريد الخروج والعلاج ولقاء الاهل؟ علما ان مطار صنعاء اغلقت فقط ضد المواطنين والرحلات للطيارات المدنية وليس ضد القيادات الحوثيين او الامميين والسياسينِ هي فقط حرب ضد المواطن اليمني المسجون داخل اليمن والمعلق خارج اليمن في بلدان لا يملكون فيها فرص عمل ومعونة من الأمم المتحدة ِ. فقط معلقون في الخارج ومسجونين في الداخل.
كم واحدا مننا يريد ان يرى اهله المسجونين في اليمن وراء الحصار والحرب والصراع وإغلاق مطار صنعاء…فقط ليراهم ويطفى لوعة الفراق..ِ.ثم ماتوا قبل أن يرونهمِِِِ…او يتمكنوا من لقائهم؟؟ كثير ..وانا أصبحت واحدا منهمِ…وجمرة الفراق تقتلني.
