تأليف القلوب مؤشر قوة وحيوية كل حركة، واتساع التناقضات ومراكمة الكراهية مؤشر على الوهن والشيخوخة …
كان تجمع الاصلاح في ذروة قوته حين التفت إلى أن طوق نجاته ليس السلطة وإنما المشترك الوطني مع القوى الأخرى ولو بدافع الخوف من( الراقص على رؤوس الثعابين ) ،فبدأ بإعلان تحالفه مع حزب البعث مع بداية التسعينيات، الذي تربطه به علاقة اصطفافات تعود إلى عام ١٩٦٣م ثم تأسيس ذلك نظريا وعمليا مع مؤتمرات عمران وخمروالجند والطائف…
بعد ذلك اتجه مع القوى السياسية في المعارضة لتشكيل مجلس تنسيق ،وصولا إلى اللقاء المشترك ،وذلك كان ذروة ذكائه السياسي واقتداره الحركي ،حتى كاد (اللقاء المشترك ) أن يكون مظلة تقي تجمع الاصلاح من عوامل التعرية وتقلبات الطقس ،وبلغت حيوية الإصلاح ذروتها حين دعا من خلال أمينه العام عبد الوهاب الآنسي في لقاء تلفزيوني على قناة الجزيرة جمعه بأمين عام الاشتراكي والناصري عام ٢٠١٢م تقريبا إلى تحويل اللقاء المشترك إلى حزب تنصهر فيه جميع مكوناته.
كان الاصلاح حريصا على أن تكون أحزاب اللقاء المشترك حاضرة بكل احتشاد جماهيري ،ولو اضطره الامر إلى أن يعير الأحزاب الورقية بعضا من جماهيره ،وتحمل كلفة لا فتاته …
مع أوهام السلطة وتمثيل الهويات الجغرافية والمذهبية الضيقة انكفأ تجمع الاصلاح وخسر مظلة اللقاء المشترك ،وأصبح يراكم الخسارات اليومية بسبب الاستئثار بوهم السلطة وغياب القيادة الفاعلة ،والهدف الوطني الجامع ،وانكفاء الرؤية بحدود جغرافية ضيقة …
كل حركة سياسية حين تنكفيء على ذاتها بفعل عدم قدرتها على تجسير علاقتها مع المغاير تعكس أزمة تكوين وتستسلم لضجيج الخيرية ،فتدخل في طور الشيخوخة المبكرة…