الوحدة اليمنية، منجز تاريخي وقومي، وركن أساسي لأمن واستقرار اليمن حاضره ومستقبلة، فضلاً عن دورها في تحقيق أمن واستقرار المنطقة أيضا، ولا شك أن ما عاشه اليمن من اضطرابات وأزمات خلال فترة ما بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، لا دخل له بموضوع الوحدة بحد ذاته، فالممارسات السلبية الخاطئة التي حدثت من قبل بعض شخوص نظام الحكم خلال هذه الفترة، هي سمة من سمات أنظمة الحكم في الدول النامية والمتخلفة بشكل عام وليست حكراً على اليمن الموحد، بل أن تلك الممارسات والأخطاء قد رافقت نظامي الحكم في شطري اليمن قبل الوحدة، وهي ممارسات يمكن إصلاحها والقضاء عليها من خلال تطوير منظومة الحكم وإصلاح آلياته لا من خلال هيكلة الدولة أو تجزئتها، ويكفي فقط أن نتأمل في أنظمة الحكم التي كانت قائمة قبل الوحدة، أو ممارسات النخب الحاكمة الحالية ليتأكد لنا أن المشكلة هي مشكلة ثقافية واجتماعية وتدني مستوى الوعي السياسي لدى المجتمع اليمني كمجتمع نامي على مستوى العامة وعلى مستوى النخب السياسية على السواء، فكم نماذج رأيناها كانت تقدم نفسها كمخلص للمجتمع اليمني من مشاكله وتقدم نفسها كبديل مثالي للنظام الحاكم، وما إن تقلدت تلك النماذج أو الشخصيات مناصبا في منظومة الحكم حتى وجدت نفسها تمارس ما كانت تنتقده من قبل وتستهجنه من ممارسات سلبية، بل وذهبت في مارساتها هذه لمستويات فاقة بكثير الممارسات السلبية التي كانت تنتقدها، لننظر للممارسات الحاصلة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي كمثال ونتأمل في ذلك ومن ثم نسأل هل مثل هكذا نخب قادرة على تحقيق ما يتطلع اليه عموم أبناء جنوب الوطن في مختلف مناطق الجنوب؟
*استاذ العلوم السياسية في جامعة تعز