على سبيل (رش) الماء على وجه التعالي الدائخ، هذه ليست مجرد سقطات لحالات فردية ، بل هو نقص حثيث بالإمكان ملاحظته على نحو مستمر ومتوالي سياسيا وثقافيا وإعلاميا للكثير ممن يعانون من رهاب البداوة وقلق إنقلاب الترف الفجائي ، بالإمكان تتبع المحاولات المستميتة على مستويات مختلفة لستر هذه العقدة، وجبر أثرها النفسي المتوارث بتلفيق وجود وإضفاء مسحة قداسة ليس فقط بإدعاء تمثيل الدين وإنما باحتكاره وتفصيله وفقا لهذا الوجود الركيك، ثم عبر التدخل الهدام في شئون الآخرين ، وشراء وجه ومكانة دولية بالصرف الباذخ، والمقابل المبذول من كرامة الأرض والإنسان العربي ..
هل يفي المال وحده بتخليقك إذا كنت عادم الروح ، فاقد الهوية ، ضئيل الحضور الإنساني، وهل يستطيع هذا الترف الفقاعي في المأكل والملبس والمسكن أن يبني عقل أو ينمي فكر أو يشذب عاطفة ، اشك في هذا كون هذه المواضيع تطورية مرتبطة بالبذل والكفاح والنجاح والفشل والنضال والثورة ، مرتبطة بالتأثير والتأثر ، بالتعايش والإضافة التي يمكن أن تتركه حضارة في الحضارات والأمم الأخرى، مرتبط بسياسات وعلاقات رصينة وحكيمة صقلتها التجارب ومرستها الخبرة وهذا أمر يتعارض كليا مع نفخة النفط وزهو الصحراء الطارئ؟!
إن أسوأ ما أصاب اليمن- الراسخ العظيم- أن يبتلئ بجوار هلامي مطعون في وجوده وتاريخه ومهدد في حاضره ومستقبله، التضاد الذي ولد مزيدا من الحقد والضغينة على كل مشروع يحاول فيه اليمن أن يستعيد من خلاله عافيته وينصب قامته ، هذا النقص الكامن الذي لا يتصور بقائه إلا بإلغاء غيره وكأن الدول ساعة رمل ، إمتلاء كفة مرهون بإفراغ الأخرى – إذا افترضنا جدلا أن الكيان الذي تحتكره أسرة وتنسب شعب باكمله إلى ذيل اسمها – يمكن أن نسميه مجازا( دولة ) !!
ثم أن من يدير رحى الصراعات في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وليبيا، ويبدد ثروته في النيل من أشقائه وجيرانه على حين غرة من خذلان الظروف لهم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يهنأ بأمن واستقرار وسلام مهما امهله الزمن ولعب معه الحظ دور !!!
إن التراكم الذي تنتجه الحضارة تنتج فيما تنتجه شموخ وإباء وكبرياء لا تلوي ذراعه حاجة ولا يركعه فقر ، حتى ونحن – في اليمن – ننزف ونحترب وتتقاذف مصيرنا الوطني أياديكم الآثمة ؛ ما يزال التاريخ والمستقبل إلى جانبنا وسنظل نستند على ظهر اليمن الخالد الذي يشتد عضد وجوده مع كل محاولة لإلغائه أو التقليل من شأنه في سواء الحرب أو السلم ..
دولة الحصباني: جار مطعون وجودياً وتأريخياً
التصنيفات: أقــلام
الوسوم: الوحدة نيوز