إدريس الشرجبي: عدم صرف المرتبات سلاح لا إنساني

عقب فشل المشاورات بين المتحاورين اليمنين في الكويت، هدد السفير الأمريكي الفريق الوطني القادم من صنعاء بحرب اقتصادية، وبداء الحصار الخانق على شعبنا يشتد، خاصة بعد نقل البنك المركزي الى عدن، وبداء استخدام قطع المرتبات كسيف مسلط على رقاب الموظفين بشكل مباشر، ولأن هذه الممارسات تندرج في اطار جرائم التجويع الجماعي ، وتنتهك القانون الانساني والقانون الدولي ، فقد وجدت سلطات الرئيس المنتهي ولياته نفسها في مواجهة المجتمع الدولي ، ولذلك ظلوا يتملصون من التزاماتهم الانسانية والاخلاقية باختلاق المبررات الواهية.
وترتب عن ذلك أن اصبحت اليمن تواجه اكبر كارثة إنسانية في العالم، وبداء المجتمع الدولي يعبر عن قلقه إزاء الوضع الإنساني المتردي في اليمن، وفي هذا الشأن أكد الاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى دعم قدرات البنك المركزي اليمني. إن وضع سياسة نقدية سليمة بالإضافة إلى دفع مرتبات والمعاشات التقاعدية للموظفين المدنيين بشكل كامل ومنتظم سيخفف عن ملايين من المواطنين حتى في المناطق التي رصدت فيها المجاعة.
وبعد تعين معين عبدالملك رئيساً لحكومة هادي، عقد الرجل العديد من المؤتمرات الصحفية، والمقابلات المتلفزة، وكان ابرز ما يتحدث به كمنجز لحكومته هو التوجه الى صرف المرتبات، إلا أن الامر لم يتغير فما زالت المرتبات مقطوعة في معظم الجهات، بل أن الامر تطور لقطع المرتبات عن بعص الجهات التي كانت تصرف مرتبات من وقت الى اخر، ومنها قطع المرتبات على موظفي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتبين أن سيف المرتبات لم يعد حكراً بيد السلطات العليا لحكومة هادي وحسب، بل اصبح سلاح يستخدمه بعض الموظفين في عدن على زملائهم في صنعاء، وينسبون ممارستهم تلك الى أنه تنفيذاً لتوجيهات عليا، وعلى معين عبدالملك أن يتحقق من هذه الممارسات الموثقة والتي تكذب كل ما يدعيه ويصرح به أمام وسائل الاعلام .
أن هذه الممارسات الشنيعة من قبل اعضاء وقيادات ينتسبوا للعمل الرقابي ، تشكل سقوط اخلاقيا وانساني ومهني، أن يتحول من يرجى منهم الرقابة على تطبيق القوانين، الى منتهكين لكل القوانين التي تكفل حق زملائهم بالحصول على مرتبتهم، أن الممارسات السادية التي ارتكبوها في حق زملائهم أمر مشين، وكان يفترض بهم استشعار أن الجهاز كهيئة رقابية عليا محايدة مسؤول عن الاعمال الرقابية على المال العام، سوء أكان في المحافظات الواقعة تحت احتلال تحالف العدوان، أو المحافظات المقاومة للعدوان، وعلى هذا الأساس صرفت لهم موازنة كبيرة مقابل مرتبات ونفقات تشغيل، إلا أنهم لم يستأثروا بكل تلك الميزانية وحسب، بل قطعوا مرتبات زملائهم وامتهنوا كرامة من ارادوا منحهم بتحويل مرتباتهم على مصرف الكريمي بشرط أن يحصر تسليمها في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال، بحيث ينفقوا نصف مرتباتهم بدل سفر وانتقال ويتعرضون لمخاطر الطرق والانفلات الامني في تلك المحافظات.
ونحن نتساءل هل هذه الممارسات الحاقدة والغير انسانية محل رضى كل الزملاء المسؤولين في عدن ؟ وبرضاهم وموافقتهم جميعاً- اقصد اصحاب القرار_ في تقديري أنها ممارسات فردية غير مسؤوله تنفذ دون علم الاخرين، لأنها تتصادم مع قيمهم الاخلاقية والمهنية التي تفرض عليهم الحياد والعدالة والموضوعية.