نبهني ابني وصديقي الصغير عبد الله إلى موضوع كنت نسيته بالفعل حين سألني عن آخر أخبار الملف الذي تقدمت به إلى مجلس الشورى للترشح لعضوية هيئة مكافحة الفساد وإلى أين وصل الموضوع ؟ .
فقلت له ياصديقي لا أدري إلى اين وصل لكن أعتقد أن الأمر محسوم سلفا وما هذه العملية التي تتم الا جزء من مسرحية ماتسمى بمكافحة الفساد في بلادنا اليمن .. فقاطعني صغيري العزيز قائلا.. كيف مسرحية ؟ قلت له ان عملية اختيار الأسماء تمت بالفعل من زمان حتى قبل نشر الاعلان في الاعلام وهذا العمل فقط من أجل محاولة إقناع الناس وربما المجتمع الدولي بأن هناك إجراءات تتم حتى تبدو العملية مقنعة وقانونية ظاهريا .
وانت لماذا تقدمت للترشح اذا كان الأمر مسرحية ؟ هذا السؤال من صديقي العزيز كان قويا وذكيا جدا .. لكني اجبته بكل بساطة وصدق وقلت له سأحكي لك حكايتي مع الترشح حتى تعرف السبب الحقيقي فقال لي صديقي الصغير تفضل هات الحكاية ..
أعلم ياصديقي العزيز أنني عندما سمعت الإعلان في وسائل الإعلام لم التفت له بل تجاهلته تماما لمعرفتي التامة بأن كل ذلك مجرد مسرحية فقط لأغير.. عندها قاطعني بحدة ما الذي جعلك تغير رأيك إذا ؟
فقلت له اهدأ ياصديقي واستمع إلى نهاية الحكاية ولاتقاطعني .. حينها بادر بالاعتذار على المقاطعة طالبا مني إكمال الحكاية .. قلت له ياصديقي العزيز في أحد الأيام ارسل لي الزميل سامي العمري رسالة بالتلفون يطلب مني تقديم ملف ترشحي لهيئة مكافحة الفساد وقال لي لماذا لاتتقدم وتجرب حظك فأنت تمتلك حظوظا كبيرة خاصة ان الهيئة لديها قطاع مهم وهو قطاع الإعلام وكل الذين كانوا يتولون هذا القطاع غير إعلاميين وبالتالي فستكون هذه الميزة لديك هي التي ستجعل ملف ترشحك يحظى بالقبول وبعد الحاح وأخذ ورد مع الزميل سامي رغم عدم قناعتي بموضوع الملفات والترشح من خارج القائمة الا انني وبالاتفاق مع زميلي العزيز قررت خوض التجربة وكان الرهان بيني وبينه من ناحيتي أنها مسرحية وسأثبت لك حين انرشح ولن يتم قبول ملفي ومن ناحيته انك شخص كفؤ وستنجح لأن معايير قطاع الإعلام تنطبق عليك وبقية القصة ياصديقي انت تعرفها فقد قمنا معا انا وانت بالبحث عن الشهادات والوثائق المطلوبة وتصويرها ومن ثم التقدم إلى مجلس الشورى في الموعد المحدد واخذ سند الاستلام للوثائق.
بادرني صديقي الصغير بسؤال جديد قائلا.. ما الذي حصل في الموضوع ؟ قلت له ياعزيزي الصغير والذكي عندما ذهبت إلى مجلس الشورى لتقديم الملف وجدت الكثير من المتقدمين يحملون ملفات تمتلىء بالشهادات والوثائق التي تحكي خبراتهم وتجاربهم وما قاموا به من أعمال طوال حياتهم لخدمة بلدهم بينما القليل كان في ملفه ورقة واحدة فقط وحين سألت عن سبب ذلك قيل لي ان هؤلاء لايحتاجون إلى شهادات فلديهم ترشيحات من جهات وهذا الأمر يعفيهم من تلك الشهادات والخبرات والمؤهلات .. فكان سؤاله الجديد وانت لماذا لم تقدم ملف ترشحك من جهة مثلهم ؟ اجيته بكل فخر واعتزاز ياصديقي انا تقدمت بشكل شخصي وبما احمله من مؤهلات وخبرات في مجال تخصصي عل وعسى يكون أمر الرهان مع سامي في غير محله وان الموضوع لا يحتاج إلى وسيط من اي نوع كان .. فسالني صديقي العزيز .. هل يحتاج الأمر إلى وساطة حتى في هذا العمل؟ قلت له أتعرف ياصديقي انني التقيت بأحد أصدقائي في هيئة مكافحة الفساد وأخبرته بأنني تقدمت للترشح فقال لي بالحرف الواحد .. الله يعينك ياحسن..
هل تصدق ان الأمر صحيح وأن هناك مفاضلة ستتم ؟ فقلت له كيف .. رد عليا بقوله ياحسن الأسماء قد هي جاهزة ولولا ان الأمر يحتاج إلى اكليشة الإعلام لكان الاعضاء بدوا الدوام في الهيئة من اليوم .. فقلت له عموما هي تجربة ورهان ولن أخسر شيئا سوى قيمة تصوير الشهادات فقط وتركته وذهبت إلى حال سبيلي انتظر ماسيحدث .
حينها قال لي صديقي الصغير .. هل يمكن ان يكون الأمر كذلك ؟ فقلت له ياعزيزي وصديقي الصغير الذكي .. يمكن ان يكون كذلك فهذه الهيئة حين تم إنشاؤها لم يكن الهدف هو مكافحة الفساد فعلا بل الهدف هو ارضاء المجتمع الدولي وضمن شروطه للحصول على قروض ودعم ومساعدات وبالتالي فكان ومازال دور الهيئة شكليا إلى حد بعيد ولم نعرف أن الهيئة قدمت فاسدا واحدا إلى المحاسبة بل ان الملفات التي كان يتم جمعها كان الغرض منها أمور واغراض في نفس يعقوب مثلها مثل جهاز الرقابة والمحاسبة الذي يمتلك مئات الالاف من الملفات لكنها في الأرشيف لايتم إخراجها الا لنفس أغراض يعقوب وليس منها مكافحة الفساد والحفاظ على أموال وممتلكات الشعب وإلا لكنا شاهدنا أكثر من نصف المسئولين وخاصة الكبار منهم في السجون لكنهم يسرحون ويمرحون وكان شيئا لم يكن.
قال لي صديقي الصغير الان بدأت اعرف بعض الأمور وسبب عدم الاختيار وفقا الشهادات والخبرات والمؤهلات .. فقلت له ياصديقي هذه مسرحية يبدأ فصلها الأول بإعلان مجلس الشورى الذي تصل فيه الأسماء بنوعين من الكروت .. الكارت الأخضر لمن وقع عليهم الاختيار والكارت الأحمر للكثير ممن تقدموا لتصفيتهم من الفصل الأول.. فيما الفصل الثاني يكون في مجلس النواب الذي تصل إليه الأسماء مع نفس الكروت الأخضر لسعداء الحظ البالغ عددهم 11 كوكبا بينما يستمر الكارت الأحمر لمن تبقى من الثلاثين واستبعادهم .. وتصل المسرحية إلى فصلها قبل الأخير بتعيين هؤلاء الكواكب الخضراء في الهيئة التي تنتهي فيها آخر فصول المسرحية فهم مجرد ارقام في كشوفات المرتبات الضخمة وبدلات الجلسات وغيرها لأنهم يؤدون أدوارهم في مسرحية مكافحة الفساد الهزلية التي ظل مخرجها يوزع الأدوار وفقا لرغباته وليس من أجل خدمة مصالح الناس والحفاظ على أموال الشعب فلو كان الأمر جديا وحقيقيا لكانت تغيرت أشياء كثيرة ولكان جهاز واحد للرقابة كافيا لضبط الأمور ومكافحة الفساد في بلد ظل ومازال يعاني من نهب موارده وثرواته.
كان هذا الكلام مؤلما لي ولصديقي العزيز الذي بادرني بسؤاله المعتاد .. وماهو الحل اذا ؟ فقلت له ياصديقي الصغير لا أدري ماذا أقول لك وبماذا اجيبك على سؤالك هذا لكني سأقول لك لقد تجذرت ثقافة الفساد والفيد على مدى عقود وسنوات وصار الفاسد يسمى أحمر عين وشاطر والنزيه اهبل وغبي وصارت ثروات البلاد نهبا لكل من كانت عينه حمراء ولم يعد لمن ظل نزيها مكانته ومكانه بل ذهبوا به إلى بيته أو إلى مكان بعيد حتى لا يقول لهم لا .. لكن صديقي مازال مصرا على معرفة الحل للخروج مما نحن فيه ..
فقلت له الحل ياصديقي الصغير هو في إنهاء هذه المسرحيات التي تكلفنا وبلادنا الكثير والكثير ونبدأ بتصحيح مفاهيم المجتمع عن الفساد بأنه شطارة وعن السرقة من أموال البلد بأنها حق .. ونجعل وطننا وتنميته هدفنا جميعا فمكافحة الفساد تحتاج إلى نية صادقة أولا ورؤية حقيقية واستراتيجية شاملة تبدأ من تغيير ثقافة المجتمع وتغيير القوانين التي تشرعن للفساد وان لاتكون هذه العمليات شكلية امام الناس ومسرحيات هزلية وبالتاكيد ان العملية لا تنتهي أبدا بل تستمر وتستمر وتستمر اذا توفرت الرغبة الصادقة .. حينها قال لي صديقي العزيز .. اتمنى ان تصل رسالتنا إلى من يهمه الأمر مع خالص تقديرنا .