ما المقصود بـ “محكمة الكنغر”؟ هذا التعبير الذي أطلقه قاضٍ تركي يصف به المحاكم الجارية في بلاده من المتهمين في ليلة الانقلاب، الذين يحاكمون بلا هوادة في شكل جماعات، بلا شهود، وحيث يصدر القاضي حكمًا أملي عليه.
فقد وصف القاضي أورهان غازي إرتكين، الرئيس المشارك لجمعية القضاء الديمقراطي، المحاكمات الجماعية بأنها كمحاكم “حيوان الكنغر” حيث لا تحاكم المتهمين على ما قاموا به وإنما على ميولهم وخياراتهم السياسية.
تجاهل العدالة
بحسب الويكيبديا الإنجليزية فإن هذا التعبير يعني “محكمة تتجاهل معايير القانون أو العدالة المعترف بها، وغالباً ما تحمل القليل من الصفة الرسمية في المنطقة التي تقيم فيها”. كما يطلق هذا المصطلح “على محكمة تديرها سلطة قضائية شرعية تتجاهل عن قصد التزامات المحكمة القانونية أو الأخلاقية”.
في هذا النوع من المحاكم غالباً ما يُحرم المتهمون من الوصول إلى التمثيل القانوني، وفي بعض الحالات الدفاع المناسب، ويكون الحكم قد اتخذ مسبقاً.
ويعرف معجم مريام ويبيستر الـ Kangaroo court على أنها “محكمة صورية يتم فيها تجاهل مبادئ القانون والعدالة”.
أكثر من تفسير!
هنالك جدل حول أصل هذه التسمية “محكمة الكنغر”، التي تشير بعض المصادر إلى أنها تعود إلى المحاكم الأسترالية في المستعمرات.
فيما يرى آخرون أن أول مثال معروف لهذا المصطلح يعود إلى عام 1853م في أميركا، حيث استخدم اللفظ خلال حملة البحث عن الذهب في ولاية كاليفورنيا عام 1849 التي توافد عليها الآلاف من الأستراليين.
وكانت تقام محاكمات يصل بعضها إلى الشنق ينفذها الأميركيون المحليون ضد العمال الأستراليين مستغلين جهلهم للقانون.
ويُفسر بأن المصطلح جاء من فكرة تنفيذ العدالة على شكل قفزات عجولة دون مراعاة للقانون، تماماً مثلما يفعل الكنغر وهو يقفز سريعاً.
وهناك تفسير آخر أن المصطلح يشير إلى جيب أو جراب الكنغر، ما يعني أن القرار في جيب شخص آخر، وهي عبارة لها شعبية في بعض البلدان مثل أستراليا وأميركا ونيوزيلندا، وما زالت شائعة الاستخدام حتى اليوم.
محاكم تاريخية
من الأمثلة على هذه المحاكم المتلاعبة، التي وصفت بـ”محكمة الكنغر” ما عرف بمحكمة الشعب في ألمانيا أيام النازية، التي أدانت أشخاصاً يشبته في تطورهم في المؤامرة الفاشلة لاغتيال هتلر في 20 يوليو 1944.
مثال آخر هو محاكمة بول بوت وشقيقه إينغ سان من قبل المحكمة الثورية الشعبية في كمبوديا في أغسطس 1979، فبعد محاكمة طويلة لمدة خمسة أيام، حُكم على كليهما بالإعدام غيابياً في 19 أغسطس 1979.
وأظهرت أدلة قاطعة أنه تم إعداد الأحكام وأوراق الحكم قبل المحاكمة، وبالاعتماد على هذه الأدلة فقد شرعت الأمم المتحدة في نزع الشرعية عن المحكمة التي ذكرت أنها لا تمتثل لمعايير القانون الدولي.
أثناء الثورة الرومانية في عام 1989، فقد حكم على الرئيس والأمين العام للحزب الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إيلينا بالإعدام من قبل محكمة من جنود الكنغر من الجيش الشعبي الروماني، حيث نفذ الحكم في 25 ديسمبر 1989م.