لتحالف العدوان الفاشي على اليمن جبهة دعاية وتحريض هائلة في كمها ونوعها وفي امكانياتها المادية والبشرية يظهر فيها (الاعلاميون) أكثر حماسة للحرب وتحريضا عليها من قادة العدوان والمرتزقة في الميدان ، وتريد وسائل الإعلام التي تمارس الدعاية والتحريض فحسب أن تقصف وتهدم وتقتل كما تفعل الطائرات، ولا نلومها على ذلك ، فهي تؤدي الوظائف التي يريدها مالكو وممولو تلك الوسائل . لا نستغرب من الثقة المفرطة لدى جبهة العدو الإعلامية في قدرة الكذب على تغيير الواقع حتى أنها لا تلتفت إلى ما يحدث واقعيا بل الى ما تريده وتتمناه أن يحدث فتتجاهل عن نية وقصد ما هو كائن لتتشبث بما ينبغي أن يكون ، فترى المستحيل ممكنا بل واقعا كما فعلت الجريدة التي وصفها عبدالله البردوني بقولة :(جريدة أخبارها عن حصى – ينمو وعن ديك “تعشى” “حمار” ).
وهكذا إذا كنا لا نستغرب تحول وسائل إعلام العدوان -وفي بعضها يعمل إعلاميون كانوا يبدون كبارا -الى أبواق فجة للكذب والحرب فإن قناة (روسيا اليوم) هي ما تثير الإستغراب . هذه القناة التي تقدم برامج سياسية وثقافية ممتعة، منها على سبيل المثال ما يقدمه سلام مسافر أو خالد الرشد ، دأبت على تغطية أخبار العدوان على اليمن منطلقة من مغالطة كبرى وسلسلة طويلة من الأكاذيب الفاقعة .
المغالطة : تتحدث روسيا اليوم عن طرفين يمنيين يتحاربان هما (قوات هادي) و (الحوثيون) ولا تذكر أبدا العدوان الخارجي الذي أعلنه من واشنطن وبفخر ونشوة سفير بني سعود عادل الجبير . لا ذكر في (روسيا اليوم) لمعارك يكون الجيش السعودي طرفا مباشرا فيها ، في نجران وجيزان وعسير ولا لجيش الإحتلال الإماراتي في الجنوب والساحل الغربي . كل المحاربين في الجبهات بمن فيهم الجيش السعودي والإماراتي والسوداني والمرتزقة المحليون و المستوردون كلهم (قوات هادي) عند (روسيا اليوم) ، وطائرات ال F16 وأخواتها والبوارج الحربية كلها (قوات هادي) ، وكل المعارك التي دارت وتدور ميدانها أراض يمنية حتى لو كانت في الربوعة أو الخوبة أو عند أطراف مدينة نجران.
الأكاذيب : من النادر جدا أن يغيب عن شريط أخبار (روسيا اليوم) خبر روتيني ممل هو (قوات هادي تتقدم) بحيث أن تقدم (قوات هادي) المزعوم لو كان فيه قدر من الصحة لكانت قد احتلت صنعاء ورفعت العلم في مران وشرب مذيعو ومذيعات (العربية) و (الحدث) و (سكاي نيوز) عصير رمان مران طازجا . في الفترة الأخيرة -على سبيل المثال- وبعد أن كانت (قوات هادي) في أخبار (روسيا اليوم) قد احتلت مطار الحديدة ونظفته من الألغام ، واحتلت أجزاء من المدينة وتقدمت نحو الميناء ، انتقلت فجأة لتتقدم في جبهات أخرى وتتناسى الحديدة، فكان خبر التقدم يوم الخميس 21/يونيو يقول (قوات هادي تتقدم في محافظة البيضاء بعد مواجهات مع الحوثيين) .
وبحسب جدول التقدم عند (روسيا اليوم) كان تقدم (قوات هادي) يوم الجمعة 22/يونيو في صعدة، ويوم السبت 23 طار التقدم من صعدة إلى لحج ، ويوم الأحد 24 لم يحدث فيه تقدم لأن الأحد يوم عطلة في القناة لأنها في موسكو فكان خبرها عن العدوان على اليمن يقول : الحوثيون يدفعون بتعزيزات إضافية إلى الحديدة مع إقتراب (قوات هادي) إلى المدينة . تغطية (روسيا اليوم) الخبرية للعدوان على اليمن تشعر المشاهد بأن المحرر لا يغادر غرفة عبد ربه منصور هادي وأن القناة يملكها سكرتير هادي الإعلامي رغم أنها تبث من موسكو . هذا فقط هو ما يثير التساؤلات أما لو كان اسم القناة (هادي اليوم) لما استحقت أخبارها عن اليمن أي إهتمام ﻷنها تكذب نفسها أفضل من أن يفعل ذلك آخرون ، ولأمكنها أن تكون قناة أخبار فكاهية تخبرنا عن حصى يتغذى وينمو ويتكاثر ، وديك يتعشى حمارا وبغلا وفيلا ويزدرد الحديدة ومطارها وميناءها ويبتلع جبل مران ويضفي قدرات أسطورية لـ(رئيس) لا يستطيع العودة الى عدن بذل وإذعان إلا بإذن من ظابط إماراتي.