جوش ليدرمان
كاتب إسرائيلي يقول إن الإمارات العربية المتحدة لا تعترف رسمياً بوجود إسرائيل، لكن القليل من دبلوماسية العشاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والسفير الإماراتي البارز يسلط الضوء على أحد أسوأ الأسرار حفظاً في العالم العربي: العلاقات الهادئة بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب الذين يتزايد خروجهم إلى العلن.
مكان الحدث كان مقهى ميلانو، وهو مطعم جورج تاون الراقي الذي يتردد عليه في كثير من الأحيان النافذون من واشنطن، من باراك أوباما إلى أعضاء إدارة ترامب. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان في المدينة لحضور مؤتمر سنوي حول سياسة إسرائيل، وكان في منتصف العشاء مع زوجته سارة، عندما جاء طلب غير متوقع.
بالصدفة، كان السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، في المطعم يستضيف بريان هوك، رئيس التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، ومجموعة من الصحفيين الأميركيين، إلى جانب سفير مملكة البحرين الشيخ عبد الله بن راشد بن عبد الله آل خليفة.
الأميركيون الذين كانوا يتناولون الطعام مع العتيبة تناهى إليهم أن نتنياهو في مكان قريب. تمّ إرسال كلمة لمعرفة ما إذا كان الإسرائيلي لا يمانع المشاركة في حفل العشاء. وقد مر هذا الطلب أولاً عبر مالك المطعم، ثم أحد الصحفيين، الذي سار بجانب طاولة نتنياهو بينما كان في طريقه إلى دورة المياه.
لم يمضِ وقت طويل حتى أتى نتنياهو وزوجته ليلقيا التحية وهما في طريقهما للخروج. ومكثا قليلاً، والرد على بعض الأسئلة من المجموعة حول إيران وغيرها من القضايا. كانت هناك ابتسامات، وبعض الضحك حول غرائب الوضع، وصافح نتنياهو السفيرين قبل مغادرة المطعم.
لم يكشف الإسرائيليون ولا الإماراتيون عن هذا اللقاء علانية، ولكن تمّ وصفه لوكالة AP من ستة أشخاص حضروا العشاء أو تمّ اطلاعهم عليه. الأشخاص الذين حضروا تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لأن القواعد الأساسية للعشاء كانت تعتبر غير مسجلة. لم تحضر الـ AP العشاء.
وامتنعت السفارتان الإسرائيلية والإماراتية في واشنطن عن التعليق. لكن العشاء يلقي الضوء على مدى التعاون الودي بين إسرائيل ودول الخليج العربي، الذي أُبقي حتى المدة الأخيرة وراء الكواليس وبدأ يتسلل إلى الرأي العام.
دان شابيرو، السفير الأميركي السابق إلى إسرائيل، يقول: “لقد أصبح الأمر سراً مكشوفاً، بل وليس سراً على الإطلاق، وتمّ التعبير عنه بطرق علنية كاسرة للتابو ومهمة لبدء عملية إعداد الجمهور العربي لمشاركة وجهة نظر القيادة العربية بأن إسرائيل شريك استراتيجي. لكن هناك خطر في الحيوية غير المنطقية. إنها عملية هشة للغاية”.
يقود هذا التحول – حتى وقت متأخر لم يكن بالإمكان تخيله في العالم العربي – إلى التوافق المتزايد بين إسرائيل والدول العربية السنية ضد إيران، الدولة التي يقودها الشيعة والتي تعتبرها إسرائيل تهديداً وجودياً. المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في المنطقة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، لديهم وجهة نظر مفادها أن إيران تشكّل الآن تهديداً للمنطقة أكثر من إسرائيل، التي أصبح اقتصادها وقطاع التكنولوجيا المزدهرين نموذجين جذابين لدول الشرق الأوسط الأخرى لمحاولة تكرارهما.
ومع ذلك، هناك مخاطر على الدول العربية من التحرك بسرعة كبيرة. فبعد كل شيء، قضى القادة العرب الكثير من السنوات السبعين الماضية وهم يعلمون شعوبهم أنه يجب عدم السماح لإسرائيل بالوجود وتأييد قضية الفلسطينيين.
قد يكون لدى هؤلاء الزعماء أرضية مشتركة مع الإسرائيليين، لكن القضية الفلسطينية تظل قضية عاطفية عميقة في جميع أنحاء العالم العربي، وستقيدهم من الذهاب بعيداً في علاقاتهم مع إسرائيل ما لم يكن هناك حل. في الوقت الذي قامت فيه إسرائيل والولايات المتحدة بتهميش القضية الفلسطينية، فمن المرجح أن تستمر هذه العلاقات وراء الكواليس، وقد تكون كافية لاحتياجات إسرائيل الاستراتيجية الخاصة.
نتنياهو كثيراً ما يتباهى بتعاون متنامٍ وسري مع الدول العربية المعتدلة. على الرغم من أنه لا يذكرها بالاسم، إلا أنه يعتقد منذ فترة طويلة أنها من “دول الخليج السنية” مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
على سبيل المثال، قام السعوديون مؤخراً باختراق عادة استمرت عقوداً، ووافقوا على السماح لخطوط الطيران الهندية في رحلتها إلى إسرائيل بالمرور عبر المجال الجوي السعودي. وقد التقى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بزعماء أميركيين يهود موالين لإسرائيل خلال رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، حيث نُقل عنه انتقاداته للفلسطينيين.
رجال الأعمال الإسرائيليين يعملون بهدوء في الإمارات العربية المتحدة. تخطط السفارة الإماراتية في واشنطن لعقد إفطار بين الأديان يضم حاخاماً أميركياً.
تسمح قطر للسفير بالبقاء في إسرائيل والعمل مع المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أثناء الإشراف على مشاريع البناء الممولة من قطر في غزة. كما استضافت هذه الدولة الصغيرة الثرية مؤخراً زعماء بارزين من اليهود الأميركيين لزيارة الدوحة حيث التقوا بالأمير الحاكم. وقد أرسلت البحرين في أواخر العام الماضي وفداً من الأديان يشمل المسلمين والبوذيين والمسيحيين والهندوس واليهود إلى إسرائيل، فيما كان يُنظر إليه على أنه اختبار لما يمكن أن يحدث إذا اعترفت بإسرائيل. وقد فاجأ وزير خارجيتها، خالد بن أحمد آل خليفة، الإسرائيليين والعرب الأسبوع الماضي عندما قام بالتغريد مدافعاً عن دفاع إسرائيل عن نفسها بعد أن ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني من خلال مهاجمة أهداف إيرانية مشبوهة في سوريا.
وكتب وزير الخارجية البحريني: “طالما أن إيران أخلت بالوضع القائم في المنطقة واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، فإنه يحق لأي دولة في المنطقة ومنها إسرائيل أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر”.
الميادين