إن إدانة جريمة العدوان على القاعة الكبرى أمر مقبول ومقدر بالنسبة لغير اليمنيين، ولكنها لا تكفي ولا تسقط واجب بالنسبة لأي يمني. إن أقل ما يجب هو توطين النفس وعقد العزم ومعاهدة الله والوطن على الالتزام الثابت بما توجبه مسؤولية الرد على هذه وغيرها من الجرائم ضد الشعب اليمني مهما كانت، وأينما كانت، ومن من كانت، وضد من كانت من اليمنيين الأبرياء.
ولعل من أوضح الواجبات وأكثرها بداهة في هذا الشأن هو:
أولاً: واجب الالتزام بالعمل التضامني المنظم في إطار صيغة محددة طويلة المدى وواضحة المعالم للرصد والمحاسبة والقصاص وفرض التعويض العادل والكامل عن كل جريمة ارتكبت في حق هذا الشعب الكريم، مهما كان نوعها ومكانها، وأين كان فاعلها.
ثانياً: أن أي صيغة للسلام لا بد وأن تضع حدا نهائياً لأنماط التعدي الاستعلائي العنجهي على حق الشعب اليمني بالتطور وبناء دولته الوطنية سواء من قبل القوى الإقليمية أو المحلية، ووضع حد نهائي للمؤامرات ومخططات التجهيل والتخريب التاريخية التي طالما استهدفت الكيان اليمني حضارياً وهي تستهدفه اليوم وجودياً من خلال التجويع والإفقار وتدمير المقدرات، أين كان الفاعل، وسواء طال أمد هذه الحرب ام قصر.
ولعل السبيل الوحيد لذلك هو الانضواء في إطار جبهة موحدة وجامعة للكفاح الوطني تكون مكرسة لإعلاء مصالح الشعب ضد كافة مصادر الأذى التاريخية بما في ذلك قوى التآمر الإقليمي الخارجي، وضد الدعوات الساعية لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وفرض مصالحها الفئوية المنافية للسيادة الشعبية وللمصلحة العامة، وعندها فقط وتحت شعار الحرية والوحدة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون والسعي المستنير نحو تقدم اليمن وتطورها، ونحو تحقيق سيادة الشعب المطلقة، مجردة عن أي دعاوى لحقوق الهيمنة الأنانية على مستقبل اليمن واليمنيين، هنا ولهذه الغاية فقط يمكن أن تنتظم صوف كافة اليمنيين في إطار مسيرة واحدة موحدة نحو الانتصار الحتمي ونحو المستقبل المشرق الذي يليق بشعب عظيم كالشعب اليمني.
وعندها فقط يغدو نضال اليمنيين طريقا مستقيماً نحو بناء دولة العدالة والتقدم والمواطنة المتساوية والانفتاح البناء على العالم، إقليميا ودولياً منزهة عن شبهات الخرافة والإرهاب.
إن على الشعب اليمني أن يعي أن ليس ثمة خيار حقيقي لديه غير هذا الخيار القاسي للخروج النهائي من متاهات ومربعات الاستهداف التآمري الماكر لقوى الهيمنة الرعناء الإقليمية والمحلية، ولقد آن الأوان لأن تكون صفوف اليمنيين في خنادق الدفاع عن سيادة وحرية وتقدم اليمن، وليس في خنادق المتصارعين على حقوق الهيمنة الاستعلائية الحاقدة على الشعب اليمني والتي يعتبر تخلف اليمن وتشرذمه ودماره هي أولى وأهم غاياتهم.