د.فؤاد الصلاحي
ثورة 26سبتمبر أعظم حدث شهده اليمن منذ الفي عام..فهو، اعظم انجاز في تاريخ الحديث والمعاصر، اظهر ارادة واصرار شعب تجاه صناعة مستقبل يخرجه من نفق مظلم في إطار نظام سياسي ينتمي الى مرحلة الاقطاع بكل مظاهره في التخلف والاستبداد وهنا تم القفز باليمن نحو القرن العشرين باعتماد نظام جمهوري يعكس فاعلية الشعب وحضوره في التعبير عن وجوده الاجتماعي وحقه في اختيار حكامه وممثليه في المؤسسات التشريعية ..وهو مظهر في الارتباط بمنجزات عصر الانوار وفلسفته السياسية.
وهنا بدأ المسار نحو عملية التحديث، والانفتاح على فضاء الحضارة المعاصرة.. ثورة سبتمبر احدثت نقلة نوعية في مسار الشعب وتعزيز النزعة الوطنية من خلال التعبير السياسي عن أمة ومجتمع في إطار هوية سياسية جديدة عبر عنها النظام الجمهوري الذي تغلغلت مفاهيمه وشعاراته تدريجياً في وعي ومخيال غالبية المجتمع خاصة الاجيال التي عاشت وتعلمت في مرحلتي الستينات والسبعينات ..وتعاظم هذا التحول بثورة إكتوبر التي منحت التغيير مسار وفلسفة حداثية تتجاوز واقع القبيلة وعقلية البداوة ، هنا كانت الاداة الثورية فاعلة في رسم ملامح التغير السياسي والاجتماعي.
ووفقا لذلك تكالبت قوى التخلف من الداخل والخارج لتشكل ثورة مضادة تمكنت خلالها من اشعال فتيل الازمات المتعاقبة ابرز مظاهرها اغتيال الرؤساء والانحراف بمسار التغيير السياسي ومنظومة التشريعات والثقافة السياسية ..ومع ذلك كله لايزال سبتمبر الثورة، والفكرة، والنظام في مخيلة غالبية الشعب ويتزايد الارتباط به حتى من الاجيال الجديدة التي تعلمت مفاهيم المواطنة والمجتمع المدني والدولة المدنية ومن ثم فإن إعادة الإعتبار لثورة سبتمبر وإكتوبر وبلورة حركة وطنية وسياسية جديدة، هو المسار الوحيد لإنقاذ اليمن من العبث السياسي ومن المشاريع العصبوية، والمنظورات الماضوية تأسيساً لمسار حداثي يتجه نحو المستقبل، وفق روافع تنظيمية تتمثل بالجمهورية والدولة المدنية، وهي دون غيرها من يقود التغيير، وان تتحول خطاباتها الى شعارات واهداف للقوى الوطنية، وتفعيل دورها في الحشد الشعبي، دعما لإنتصار مبادئ الثورة وتحقيق الاستقرار والتنمية في إطار نظام جمهوري وفق جغرافيته الموحدة.