حافظ مصطفى علي
قالت لي إحدى الزميلات : (تصور التقيت باسرة تعاني ابنتيها من السرطان والابرة الواحدة في اليوم بأكثر من مائة الف ريال )
تركت القلم من يدي قائلا لها : (لا اريد ان اسمع هذا الحديث لاني اتأزم وتظل الازمة ترافقني على شكل هواجس مقلقة جدا . اجاركم الله من هذا الكابوس ).
لقد سبق لي زيارة قسم اورام الاطفال في مستشفى الوحدة (الصداقة سابقا) في مديرية الشيخ عثمان م/ عدن وكنا برفقة فرقة موسيقية ورجل بملابس( البيلياتشو ) وبعض الهدايا من رجال الخير . قضينا مع الاطفال المرضى ثلاث ساعات وكأنها ثلاث سنوات بل دهر من الزمن . كل اللحظات ظلت في ذاكرتي .
كاي طفل يحب المرح رايتهم يغنون ويرقصون رغم تنبيهات الاطباء بعدم تركهم يرقصون كثيرا كي لا ينهكوا . كان بعض الاطفال مشاركا بالحضور وبجانبه عمود حامل لقربة دواء مغروسة ابرتها في أذرعهم الرقيقة .
اتعاطف تارة مع الاطفال وتارات مع الامهات والاباء المرافقين الذين يحاولون زرع الابتسامات على وجوههم ولكن عبثا يحاولون إخفاء الالم والقلق والرجاء من الله ان يمن على فلذات اكبادهم بالعافية .
إن هذا المرض الخبيث لايهزمه الا الحب والتطبيب قبل الطبيب ولا يوجد عنوان للحب غير التواصل المستمر مع هؤلاء المرضى كبارا او صغارا على اعتبار ان الموت ماهو الا اجل يطرقه كل ذات نفس وهؤلاء مرشحون للنزول مبكرا عن قطار الحياة .
وبالرغم من ان الامر بحاجة الى الطب الوقائي لمعرفة الاسباب المحتملة لهذا المرض واخذ الاحتياطات اللازمة كي لا يصاب المزيد به الا ان المال كفيل بالتقليل من الم المرض حين تتوفر الحقنة وتقل دوامة الطوابير الطويلة في كافة مراكز العلاج في اليمن .
ومن هنا نشيد بالدعم المقدم للمرضى ونشيد بجهود المنظمات الخيرية والمتبرعين من رجال الاعمال الخيرين . الا ان تلك الجهود وتلك المساهمات المادية والدعم المعنوي كلها لا ترقى الى مسنوى دموع الاطفال وبكاء الكبار وهم في انتظار لحظة الفراق . هناك قلة يبرأون من المرض ويتعافون ويكتب لهم النجاة ويستأنفون التمتع بالصحة وهناك من يغادرون ومن اجل هؤلاء وهؤلاء ندعوكم ايها المسؤولون في المجالس المحلية والسلطة التشريعية الى تبني مشروع (تبرع براتب يوم واحد لمرضى السرطان) من كل الموظفين في الدولة والقطاع الخاص والمختلط ربما بفضي العمل بهذا المشروع الإنساني الى التفكير بالتامين الطبي لعدد من الامراض الرئيسة مثل القلب والكبد البائي والجلطات الدماغية والفشل الكلوي يدفع تكاليف ذلك المجتمع والدولة ليتمتع المجتمع بالعافية وستر الحال لنبدأ بالسرطان اولا وعافانا الله واياكم من المرض وكشف الحال ..