يف أبي عليك ياعŸ!!
محمد عبداللاه العصار
> لحضور موت العم الحبيب أحمد صالح ناصر ولروح أبي الكبير محمد ناصر ووالدي عبداللاه محمد ناصر رحمهم الله ورحمنا جميعاٍ إلى يوم النشور..
نحن لانحب الموت ولا نكرهه.. ونحن نخاف الموت وذلك طبعنا البشري لكننا لا نخافه بالذات عندما نقنع أنفسنا بأن أعمالنا الطيبة في الحياة ستنقلنا إلى مساحات أوسع وأجمل من مضيقات وألعاب الدنيا.
نحب الحياة كثيراٍ دون أن نعلم بأن هذه المحبِة هي في الحقيقة نزعتنا التي تقودنا نحو الفناء والموت.. وبطريقة أخرى فقد عرفت أيْها العم الحبيب الراحل أن لا شيء يموت أو يهلك ويتلاشى ليذهب نحو العدم.. فالعدم حسب ما يفهم إنسان ضعيف مثلي ليس موجوداٍ وليس له من معاني الوجود أي رابط كامل أو حتى نقصان فكل شيء يذهب إلى حقيقة أخرى ووجود آخر تلك من جوهريات عناصر ومواد الوجود التي نحن من أصل جوهرها وإن تبدلت أو احترقت فإنها تصير إلى حقيقة مادية أخرى هي من نبعها وجوهرها.
يا عم أحمد كيف أرثيك أو أبكيك.. والدمع لم يسق لي في أي يوم شجرة أحزاني.. فلا يكفي ولا الأرض ترتوي أبداٍ من أحزان السماء!! ورغم أنني أحسد فكرة الخلود والبعث والنشور عندما تحتل عقول المؤمنين الطيبين من الناس مثل إيمانهم العميق بالجنة والنار والنعيم والصراط المستقيم.. كذلك أطلب من إيمانهم معرفة إيماني بقوة الزوال في الكون الذي لا يزول وإنما يتجدد حين تهزمه قوة الزوال فيصبح أو يتحول إلى حقيقة أخرى.. وذلك ينفي العدم لأن العدم لا وجود له سوى في عقولنا البسيطة القاصرة.
إن زمن وجودنا القصير هو حالة نوم ضئيلة المستوى قليلة العمر.. وإن لحظة أو ثواني من نومنا أو سباتنا الحقيقي هي ذلك الوجود الذي لا نراه ولا نفهمه تماماٍ.. وقد حلمتك ليلة موتك الكريم يا عم وحلمتك في الليلة الثانية وفي أربعينيتك التي رأيت وجهك مشرقاٍ كما رأيتك تتحدث واثقاٍ وحاولت أن أقول لك: صدقني يا عم أنت لم تمت.. واسأل والدي الذي اعتقد أنه مات وها هوذا حيِ.. لتصدق ولو طالت بنا الأعمار لاستولدت الحياة من نطف أجسادنا ناساٍ آخرين يبدأون أطفالاٍ ويكبرون صبياناٍ ثم رجالاٍ ليكونوا موتى في آخر المقام!! كذلك التراب وإن رأيناه عدماٍ في صحراء لا حياة بها.. ما إن ينزل عليه قطر الغيم ينبعث حياة.. أولئك ونحن وهم والناس أجمعون تلك الحقيقة التي لا عدم فيها.. بل قيامة تنهض وقيامة تأتي.. أو كما قيل: موت المرء قيامته.
أنا يا عم أؤمن بالله أكثر مما يْعرف عني أحد ولكنه إيمان لا يشبه ما لدى الآخرين من إيمان لأن اقتراب المرء من المعرفة عذاب لا ينتهي ولا يبدأ وأحياناٍ لا يموت فهو الأمر الذي لا يشبه الخلود ولا النعيم ولا الجنة أو النار.. بل هو أمر آخر ومعجزة نحسها فقط لكننا لا نعلمها..
إنه الإيمان في تقديري أما الحياة فمشرقة ما دمنا على سفينتها..
وحبنا للحياة عنيد إلى درجة قسوتنا على أنفسنا وسلوكنا اليومي.. حب الحياة حقيقة لكن الحقيقة الأكبر هي الموت.. لأن الموت هو البحر الذي تجري عليه سفينة الحياة لا أكثر ولا أقل سواء علمنا أو لم نعلم..
وليس آخراٍ اعفنا أنت وحدك عن أحزاننا على أحبائنا.. طبعنا البشري الذي خلقتنا به.. أنت وحدك إعفنا لكنه ألمنا على من تراهم أعيننا حتى في منامنا لكنهم أحياء بيننا إلى يومك الذي لا يغيب عنه أحد.. يوم الحضور..<
يف أبي عليك ياعŸ!!
التصنيفات: منوعــات