أقبلِ الصيف هذا العام بوجه مختلف عن ذي قبله وبهيئة هي للمتأمل شبه غامضة ومقلقة فكل ما كنا قد رسمناه وخططنا للقيام به قد عصفت به الأحداث وغيبته المخاوف والمواقف فالناس في حقيقة أمرهم على أعصابهم فقد بدت حالة القلق وعلامة الاضطراب تلوح على وجوههم وتسيطر على تفكيرهم و عقولهم من مصير مجهول تتضارب فيه أحلامهم وطموحاتهم.
فكم هي تلك التساؤلات التي شطحت إجاباتهما ولم نعد ندري أو نرى لها ما يشفي صدر الحيرة الطاغية على الموقف بشكل عام أو ما قد يسد رمق من بطشت به الأحداث الأخيرة ولم يعد يرى لنفسه مأوى أو ملجأ يعينه للأخذ بمقومات الحياة الأساسية التي غدت للبعض شبه معدومة.
فتراهم هنا وهناك وعلى بعد المسافات قد رموا بأنفسهم على طرقات التشرد والضياع بعد أن أجبروا أنفسهم على الرضا بحياة ما عهدوها من قبل وما أنزل الله بها من سلطان.
فتراهم لا يبحثون عن غرمائهم ولا عن الذين كانوا سببا في أزمتهم وشقائهم بقدر ما يبحثون عن ملجأ أو ملاذ آمن لهم ولأسرهم.
هم ضحايا الحروب التي لا ترحم المساكين ولا الفقراء ولا ترعى الأطفال أو الأرامل ولا تكفل الأيتام أو المرضى ولا تعيل النازحين أو المتشردين هم ضحايا حرب تفتك بكل ماله صلة بالحياة والبقاء.
ويكفي منها خيراٍ إذا قامت بانتشال جثث ضحاياها وما خفي عن هذا وذاك هو في حقيقة الأمر أعظم وأشد وقعا في النفس وحدث عن ذلك ماله من تداعيات مستقبلية لا تحمد عقباها ولا يعرف منتهاها.
ولكنا مع هذا وذاك وبصيص الأمل الذي نملكه نرسم رؤى مستقبلية متفاعلة وآملة بعكس ما يرسمه المستشعرون للفوضى والقلق مخالفا لما توحيه الأحداث المتناقضة على الواقع.
ولكني لا أجد ما أصف به هذا الواقع أفضل مما قاله الشاعر العربي أحمد مطر:
أكثر الأشياء في بلدتنا
الأحزاب والفقر وحالات الطلاق
عندي عشرة أحزاب
ونصف الحزب في كل زقاق
لم يعد عندي رفيق
رغم أن البلدة اكتظت بآلاف الرفاق
ولذا شكلت من نفسي حزبا
ثم إني
مثل كل الناس أعلنت عن الحزب انشقاق..
أسماء حيدر البزاز