هذه الأزمة التي يمر بها الوطن والمواطن تذكر كاتب السطور بحصار صنعاء مع البون الشاسع بين الحصارين في اختلاف الجزئيات.. والإمكانات والتوسع الجغرافي.. وإذا كان وطن الـ22 من مايو المجيد قد انهى كافة عوامل الإحباط والمؤامرات ورسخت الوحدة اليمنية والثورة والجمهورية التي دافع عنها كافة اليمنيين فإن هذه الأزمة »المبرمجة« باجنداتها الجديدة جعلت المواطن يفتقد للأمن والاستقرار.. وخرجت خيوط »العنكبوت« بما تمتلكه من حقد دفين ضد الوطن والمواطن..
فالأمن والاستقرار والتنمية يجب أن تتوسع قاعدتها بعيداٍ عن جعلها أدوات للمساومة السياسية أو تصفية الحسابات ولأجندات خارجية تخلط الأوراق وتصيب حياة المواطن في مقتل..
اليوم ظهر تجار الأزمات في ظل غياب كامل للأجهزة الرقابية.. فما حدث في الأشهر الماضية من أزمات جعلت بعض عواصم المحافظات مدن أشباح.. ومرتعاٍ لأزمات يقف وراءها أخطبوط قطع الكهرباء وتجار يقتاتون ويغتنون من آلام واحتياجات المواطن واستقراره وقوته.
ظهرت كل هذه الممارسات الخاطئة للمشاريع الحزبية وظهر معها السياسيون والمنظرون وغاب العقل والمنطق والرحماء والحكماء والعقلاء..! فالغاز بعد أن جرى حل مشكلته جزئياٍ عادت إلى الواجهة بسبب انعدام البترول والديزل الذي أصبح له سوق رائجة لبعض ضعاف النفوس وأصبحت المحطات بفعل هذه الأزمة جافة كجفاف آبار المياه..!
طوابير متزاحمة تمضي زمنا يمتد إلى خمسة أيام وأسبوع وفي نهاية المطاف يخرج ذوو الحاجة من المحطة بلا بترول.. وحينما تطلق إشاعة عن وصول ناقلة نفط إلى محطة بترول فإن الطوابير الثلاثية الأبعاد و الرباعية الطويلة تشهد هرجاٍ ومرجاٍ وقوارح الغرض منها تفريق أولئك القابعين المنتظرين لدبة بترول أو ديزل..! الأزمة تتفاقم وأجور السيارات تتضاعف عشرات المرات بحجة ومبرر أن البترول وصل إلى ثمانية وتسعة آلاف ريال في السوق السوداء!!
»فعطش« السيارات والمولدات الكهربائية كارثة لا يستطيع الإعلام تهدئتها ولا تستطيع الجهات المختصة إقناع الناس..!
في إحدى محطات أمانة العاصمة بنقم وبعد أن تجمعت السيارات ليالي وأياما وسدت المنافذ والطرق في تلك الطريق..! تقافز جميع »المنتظرين« نحو المحطة »بهلع« وقد نفد الصبر من المماطلة في بدء الصرف من قبل صاحب المحطة.
كان أحد المطوبرين بسيارته قد رأى الفرج فأخرج »عدته« البلاستيكية لتفريغ ما بداخل خزان الوقود »شفطاٍ« من سيارته إلى »الدبة« البلاستيكية حرصاٍ منه على توفير ما تبقى داخل الخزان.. وتعبئة الخزان »فل« أخذ القداحة ليرى كم كمية البترول في »الدبة« فأشتعلت النيران وتواصل الحريق إلى ثلاث سيارات وجزء من »ناقلة« نصف نقل..!
وفي خضم هذه الأزمة قال أحد الأقارب أنه لم يغادر المحطة الأخرى إلا بعد خمسة أيام بعد أن أقسم له صاحب المحطة أن البترول نفد ففوض أمره إلى الله وربط سيارته »ككبش عرفة« تجره سيارة أخرى وبدأ يتواصل مع اصدقائه في أكثر من محطة في المحافظات لإنقاذ سيارته حتى يستطيع أن يتحرك ويفي بمواعيده العملية..!
علي الاشموري