محمد الرياشي
سجل يا قلم عن مأساتك التي تعيشها وأعرضها للعلن فمأساتك حلم بالحزن والألم وهمي الكبير هو شعب اليمن.فقلت له: أكتب وكأنك من مداد البرق المضيء ترسم لوحة تجسد فيها صوراٍ لمآسيك وتذهب بها نبرة الألم . فارتجف القلم وقال عماذا أكتب ¿ وعم أتحدث ¿ فالهموم كثيرة والتطلعات كبيرة والعقول صغيرة لا تسمع مني ولا تسأل عن الحقيقة ولا تعرف معنى الحرية والديمقراطية عقول باتت وكأنها سرمدية تعيش في العصور الحجرية لا تعرف أننا دخلنا الألفية وعاصرنا المراحل التطورية في مختلف المجالات الحياتية.
ومع هذا وذاك فالقصة عندي لها بقية وسأرويها بكل وضوح وشفافية فمن المآسي والأحزان والهموم التي تراودني كل دقيقة وساعة وثانية تتعلق بالأمة اليمنية وما يلحق بها من آلام وخوف مستمد من كل الأطراف المعنية فهذا الشعب لا يعرف الحقيقة وفصل عن الحق والعدالة وناس للبناء والتنمية فصار مسيراٍ من أطراف لها وجهات متعددة ونظرات مختلفة ففي أسفل الجبل لا يزال اليمنيون يبذلون جهداٍ كبيراٍ لتقليب الحجارة إلى أعلى والصعود بها إلى القمة ويعترفون جميعاٍ بأن هناك ثمة مشكلة لكنهم يخلطون دائماٍ بين الأعراض والأسباب والنتائج مع خلل واضح في تمييز الحقيقة وبيان اللحظة المعاشة فقلت يا قلم : وماهي المشكلة فكلها وجهات نظر وكل إنسان له الحرية ¿ فأجاب علي قائلاٍ: أن كنت لا تعلم فتلك مصيبةَ وأن كنت تعلم فالمصيبة أعظم أي وجهات نظر تتحدث عنها هداك الله وأي حرية لإنسان لا يحترم الآخرين ولا يرعى العهود والمواثيق ولا يفي بوعدُ قطعه أو أمر نطق به.
أن الحرية لديهم تعني القتل والسلب والنهب (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) هل الحرية قطع للطرقات وإقلاق للسكينة أي حرية بل إنها مأساة عانيت منها أنا كقلم أكتب على الأوراق كلمات عبرت عن المآسي التي تعتري جوفي وتسكن بين أسطر أوراقي وتستقي من فكر كتابي ونقادي عبر قنوات باتت تكشف الحقائق المكنونة وتروي الأسرار المدفونة فبالله عليك هل الحرية التي ينشدها هؤلاء الذين ينادون بالحرية والتغيير ولا يفهمون معناها تتمثل في بناء وتعمير هذا الوطن الغالي أم أنها تسعى إلى الخراب والدمار ¿ فأجبته قائلاٍ : صدقت أيها القلم فهؤلاء الناس الموجودون على ساحات التغيير يتلفظون بألفاظ بذيئة ولا يحترمون حرية القول أو الكلمة وإنما همهم الوصول إلى كرسي السلطة للعمل على الانتقامات والتصفيات الجسدية فهم يعيشون بلا ذاكره ويتراجعون بلا خطة ويتوافقون بلا وفاء أو أخوه تجمعهم مصلحة واحدة تعويض ما فقدوه من خسائر في عمليات الديمقراطية فعملوا على اكتساح الساحة وتهميش أصحاب الأحقية فهم يتجادلون ويندفعون بلا يقين ويلعبون بمشاعر المساكين والبسطاء من العامة ويرعبون النساء والأطفال وذلك باختراعهم فن التمثيل على القتل وإراقة الدماء ويعرضونها عبر قنواتهم الفتانة (والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ) ويقولون هؤلاء جرحى وقتلى من جراء الاعتداء من عناصر البلطجية للحزب الحاكم وأعوانه وكلها محض افتراءات وأكاذيب ودسائس مغلوطة هدفها زعزعة الأمن و الاستقرار و السكينة.
فوقف القلم ! برهةَ ثم تحرك في صمتُ وكتب عن مأساته الثانية بمداد الحزن و الألم وهي عدم احترام النساء ومن هم كبار السن في أوساطنا فأين ذهب هؤلاء بالمبادئ الإسلامية والأعراف القبلية والعادات والتقاليد المجتمعية ألم يعلموا بأن المولى عز وجل جعل لهم مكانة وقرن طاعتهم بطاعته قائلاٍ عز وجل (أن أشكر لي ولوالديك وإلي المصير) وهو القائل: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراٍ) ولكنهم نسوا التعاليم الإسلامية واعتدوا على كبار السن بالضرب والشتيمة يا أخي ما هي حقيقة هؤلاء ¿ ومن يجرهم نحو الهاوية ¿ وهل هم يعقلون أم أن على عقولهم أقفال لا نستطيع فكها وإرجاعهم إلى الصواب والحقيقة أعرفت مأساة قلم بات يلج في ألم وحسية على ما يشاهده ويسمعه ويكتب عنه.
فنحن يوماٍ بعد يوم نفقد الكثير من المصداقية ونؤوب إلى منازلنا مع الأسف وذلك لأن هؤلاء لا يقدرون مفكريهم ولا يقرؤون ماضيهم ولا يحترسون من أعدائهم ويرون أن الآمال و الطموح تتحطم أمام ناظريهم بفعل تعنتهم الأعمى وعدم إصغائهم للحقيقة هذا وللقصة والمأساة بقية فاتقوا الله يا من تدعون أنكم على الحقيقة وغيروا ما بداخلكم من أحقاد وكرة وضغينة قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ووصيتي الأخيرة اليمن أغلى من كل الكراسي الذهبية والسعي وراء السلطة فقدموا لأجله التنازلات وحكموا العقل والمنطق وانبذوا عنكم البغض والتنافر وصدق الشاعر القائل:
يا بني قومي كفى ما قد مضى أنبذوا التفريق عنكم و الخصامـــا
فهذه يا قوم ليست شيمة لكـــم لا و الـــذي يحــيـــي العــــظامـــا
فاليمن أمانة في أعناقكم ومصلحته وامنه واستقراره أولى من مصالحكم. واتقوا الله في شعب اليمن تلك قصة القلم و لها في الفكر و الخيال بقية يرويها من الواقع و يستشف أحداثها من نبراته الخافتة..