من غير المقبول البتة التعرض للصحافيين أياٍ كان توجههم ومشاربهم. هذا الكلام موجه إلى الأقطاب السياسية بشكل خاص وليس للشارع.. فهذا الأخير أثبت غير مرة تعامله الراقي مع الصحافيين أكانوا يعملون في الإعلام الموالي أو المعارض ما دامت أقواله لا تْغير ولا تْبدل وفقاٍ لأهواء السياسي الذي طال ليس الصحافي فحسب بل المثقف والأديب والفنان وكل مناحي الحياة!
وهذه حالة طبيعية طالما أن السياسيين هنا في ماراثون مستمر لحصد أكبر قدر ممكن من وسائل الإعلام لا سيما المطبوع ولذا تجد أن معظم هذه الوسائل تمول وتدعم من قبل سياسيين وإن ادعوا وادعت عكس ذلك!
لكن هذه الحالة لم تقف عند الحدود الطبيعية حالة التمويل بل تجاوزتها إلى حالة أخرى غير طبيعية أو حالة القمع الذي تجاوز حدود القول إلى تخوم الفعل والصادر من ذلك السياسي نفسه الذي يمول باليد اليمين لكن حينما يحاول الصحافي ممارسة مهنته بصفته صحافياٍ لا موظفاٍ أو تابعاٍ لهذا السياسي سرعان ما ينتهك – هذا الأخير – كرامة الصحافي بيده الأخرى وبأسلوب سافر وفاضح!
هنا يأتي دور نقابة الصحافيين في الدفاع عن منتسبيها لكن يبدو أن حالها لا يختلف عن حال أبنائها فهي تكتفي دائماٍ بإصدار بلاغات الشجب والمتخمة بعبارات مموهه – ربما لأنها تعتمد على عقول غيرها لترجمتها إلى لغة مفهومة – لكن الواقع يقول أو يكاد أن قبضة السياسي قد أمسكت جيداٍ بعنق النقابة أو بالأصح العنق هو من تشبث جيداٍ بالقبضة!!
ولن نتحدث هنا عن الحلول المطلوبة للتحرر من سطوة هذا السياسي لأن ذلك يعني التوجه نحو إعلام مستقل بحق وحقيقي يمول نفسه بنفسه.. هذا يعني عيشة كريمة يعيشها هذا الإعلامي أو ذلك الصحافي أينما كان وحل وتلك العيشة الكريمة تعني حصوله وتمتعه لكل حقوقه وكل هذا يعني أننا بحاجة إلى سنوات للوصول إلى ذلكم الوضع وحتى يحين ذلك الوقت سيظل الصحافي محل انتهاك دائم من قبل السياسي الذي لا يعي ولا يفهم سوى أن الغاية تبرر الوسيلة ما يعني أن الصحافي سيظل تابعاٍ للسياسي حتى إشعار آخر!!