أفادت مصادر إعلامية أن “معارك طاحنة” لا زالت متواصلة حول مدينة البريقة النفطية شرق ليبيا بين كتائب العقيد الليبي معمر القذافي التي تقدمت شرقا والثوار المدعومين من قوات الجيش الليبي المؤيدة لهم الذين بدأوا يتراجعون. في الأثناء تضاربت الأنباء بشأن قصف قوات التحالف الدولي لقوات القذافي بالمدينة.
وقال مراسل الجزيرة أن كتائب القذافي تتقدم شرق البريقة بعد مباغتتها للثوار الذين تراجعوا إلى 30 كم شرق البريقة تحت وابل من القصف لكتائب القذافي.
ونقل عن الثوار قولهم أن إمدادات من الأسلحة لم تستعمل من قبل وصلت إلى قوات القذافي بالبريقة وأن سيارات استطلاع تابعة للقذافي قصفها الثوار.
وقال إن القصف مستمر والثوار يتراجعون وسط قصف كثيف على امتداد مساحة واسعة وأضاف أن كتائب الجيش المؤيدة للثوار لم تتراجع كلها وظل بعضها متحصنا في مناطق تمكنه من مواصلة قصف قوات القذافي.
ونفى المراسل أنباء تحدثت عن قصف نفذته أمس طائرات تابعة للتحالف الدولي على كتائب القذافي في البريقة قائلا إن الطائرات كانت تحلق بالأجواء فقط ولم تقصف أي أهداف.
قصف الناتو
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن طائرات حلف شمال الأطلسي (ناتو) شنت غارة جوية على كتائب القذافي على مسافة 30 كيلومترا شرق ميناء البريقة على بعد 800 كم شرق طرابلس.
وأضافت الوكالة نقلا عن مراسلها أن الغارة لم تسفر عن ضحايا ذلك أن الجنود الذين كانوا بداخل الشاحنتين تمكنوا من الفرار. وأوضح المراسل أن الأضرار التي لحقت بالشاحنتين لا تدع أي مجال للشك في أنهما تعرضتا لقصف جوي وليس لقصف من البر.
بدورها نقلت أسوشيتد برس عن أحد قادة الثوار يدعى عبد الباسط العبيدي أن غارة استهدفت رتلا للعربات العسكرية كان يتجه نحو مناطق يسيطر عليها الثوار في البريقة ونجحت في تدمير عربتين بينما أجبرت العربات الأخرى على العودة داخل المدينة.
وقال سامي علي وهو أحد سكان البريقة “البريقة مدينة مهجورة.. هناك بعض الرجال فقط مع أبنائهم يحرسون البيوت”. وأضاف “رجالنا (الثوار) داخل المدينة شرقا لكن قوات القذافي تقصفهم من الغرب”.
المبادرة للثوار
وفي وقت باكر صباح أمس نقل مراسل الجزيرة عن مصادر أن الثوار سيطروا على معظم أنحاء البريقة وهم يقومون بتمشيط مداخل المدينة وبعض الجيوب التي يمكن أن تتحصن فيها مجموعات صغيرة تابعة لكتائب القذافي.
وأثناء تلك المعارك استخدمت الكتائب مدافع الهاون بينما استخدم الثوار راجمات صواريخ وصواريخ غراد للمرة الأولى في معطى جديد يؤشر إلى تغير في طبيعة تسلح الثوار حيث كانوا ينكفئون مباشرة بعد تعرضهم للقصف
وأخذ الثوار المبادرة في معظم الأحيان وهم يهاجمون المدينة من ثلاث جبهات أي من كل النواحي ما عدا الغرب الذي تتمركز فيه بقايا الكتائب. وقد شهدت الجبهة الجنوبية فجر أمس تبادلا عنيفا بأسلحة مختلفة في المنطقة التي كانت قوات الصاعقة المناهضة للنظام تتقدم منها باتجاه كتائبه.
مصراتة والزنتان
وفي مصراتة إلى الشرق من طرابلس تواصل منذ أمس الأول حصار كتائب القذافي للمدينة من جهاتها الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية وحاولت اقتحام المدينة من الجهة الغربية عبر شارع طرابلس.
وقال جمال سالم عضو اللجنة الإعلامية لثورة السابع عشر من فبراير من مصراتة إن القناصة لا زالوا مرابطين فوق أسطح المباني مع تواصل القصف العشوائي الذي أدخل الرعب في نفوس السكان.
بموازاة ذلك واصلت كتائب القذافي محاولات اقتحام مدينة الزنتان وسط الجبل الغربي وإحكام الحصار عليها من الجهات الشرقية والشمالية والغربية وقد خلف القصف دمارا واسعا بالمنطقة..
على الصعيد السياسي استبعد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عبد الإله الخطيب حلا قريبا للأزمة الراهنة في الوقت الذي تجتمع فيه لجنة الاتصال الدولية بشأن ليبيا في الدوحة الأسبوع المقبل وسط إعلان الحكومة الليبية استعدادها للقيام بإصلاحات سياسية بوجود القذافي.
عبد الإله الخطيب قال في تقرير إلى مجلس الأمن بعد عودته من ليبيا إنه ما زال من الصعب التكهن بالفترة الزمنية التي يستغرقها حل النزاع الليبي” معتبرا أن على المجتمع الدولي مواصلة التعاون وبذل كل جهده.
كما أعلن أن كلا من الحكومة الليبية ومعارضيها أظهروا استعدادا للقبول بوقف إطلاق النار تحت إشراف مراقبين لكنه قال إن البيانات التي أصدرها الجانبان في ما بعد أثارت شكوكا بشأن استعداد الطرفين لقبول وقف القتال.
كما أشار إلى أنه التقى في بنغازي أعضاء من حكومة معمر القذافي في طرابلس وكذلك رئيس المجلس الوطني الانتقالي عبد الجليل مصطفى في بنغازي وعددا من أعضاء هذا المجلس الذين أكدوا على أن الأولوية هي استعادة الشرعية الدستورية من خلال استفتاء “يمهد الطريق أمام إقامة ليبيا ديمقراطية ترفض عدم التسامح والتطرف والعنف”.
وذكر الخطيب أن المجلس الانتقالي طالب بأن يتضمن وقف إطلاق النار رفعا للحصار عن كل المدن الغربية وسحب القوات وخاصة القناصة المتمركزين في المدن والسماح للشعب بحرية التعبير.
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي لا يرى وقف إطلاق النار كافيا لإنهاء الأزمة ويعتبر أن هدف الانتفاضة الحالية هو رحيل العقيد القذافي.
كما أشار الخطيب أيضا إلى أن الثوار الذين يقاتلون القوات الموالية للقذافي يشعرون بقلق بشأن مواردهم المالية ويريدون بدء تصدير كلَ من النفط والغاز الطبيعي.
وقال الخطيب في تصريحات للصحفيين أن مجلس الأمن أبدى قلقا بشأن قلة الأموال بالإضافة إلى مشكلات تحيط بتسويق وبيع النفط والغاز مشددا على أن هذه القضية تتطلب اهتماما عاجلا من أجل تمكين الاقتصاد من العمل بكفاءة.
يشار إلى أن تركيا أعلنت أمس أنها تبحث مع مبعوثُ ليبي زائر أفكارا عن هدنة محتملة في ليبيا في وقت اعترفت فيه دول أوروبية أخرى بالمجلس الوطني الانتقالي الذي أوفد الاتحاد الأوروبي مبعوثين للقائه قبيل أول اجتماع لمجموعة الاتصال الدولية في قطر.
مجموعة الاتصال
من ناحية أخرى أعلنت بريطانيا الاثنين أن مجموعة الاتصال الدولية التي أنشئت لقيادة التنسيق السياسي بخصوص ليبيا ستجتمع في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع القادم.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمام البرلمان أن “بريطانيا ستمد المعارضين الذين يقاتلون ضد حكم القذافي بأجهزة للاتصالات لكنها لن تزودهم بأسلحة”.
وقال هيغ “نحن مستعدون لتقديم معدات غير فتاكة ستساعد في الحفاظ على حياة المدنيين وتوصيل معونات إنسانية”. كما قال هيغ الذي سيشارك في رئاسة اجتماع الدوحة – أنه طلب من الاتحاد الأفريقي حضور الاجتماع مع سعي القوى الغربية للحفاظ على ائتلاف موسع بقدر الإمكان بهدف الضغط على القذافي.
وقد شكلت المجموعة الأسبوع الماضي خلال مؤتمر بخصوص ليبيا عقد في لندن وشاركت قطر بدور مهم في الجهود الدولية الرامية لحماية المدنيين من القوات الموالية للقذافي بموجب قرار للأمم المتحدة.
إصلاحات مشروطة
في مقابل ذلك أعلنت الحكومة الليبية استعدادها للقيام بإصلاحات سياسية لكنها شددت في الوقت نفسه على بقاء القذافي قائدا للبلاد “للحفاظ على وحدتها وإطلاق أي تغييرات”.
وقال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم أن الشعب الليبي وليس أي دول أخرى هو من يقرر مستقبل القذافي مؤكدا أنه “لا مانع في مشاركة حكومات أجنبية في حوار متبادل بشأن الإصلاحات”.
وشدد إبراهيم على استعداد الحكومة الليبية لحلول سياسية “حتى تلك العروض والمقترحات التي تطالب بأشياء تعتبر شأنا ليبيا خالصا يقرره الشعب الليبي”.
وأشار إلى استعداد بلاده للقيام بإصلاحات مثل انتخابات أو تغييرات ديمقراطية أو حرية الصحافة أو الشفافية لكنه شدد على أنه يجب أن يقود القذافي هذا للأمام. وقال “نعتقد أن القذافي مهم للغاية لقيادة أي انتقال إلى نموذج ديمقراطي وشفاف”.
وكان التلفزيون الليبي قد بث في وقت سابق أمس صورا تلفزيونية ذكر أنها للقذافي وهو يحيي مؤيديه عبر سقف سيارة بيضاء تقله في مجمع باب العزيزية في طرابلس وحاول حراسه منعهم من التجمع حول السيارة..