متابعة/ زريا حسان
»عند اتساع رقعة الدولة الإسلامية واستقرارها انتشرت المرافق الخدمية في كل أرجاء الدولة وكان من بين هذه المرافق ما يسمى بدور »الغاضبات« وكانت هذه الدور تخصص للنساء اللاتي تعرضن للعنف سواء من قبل الزوج أو أحد أفراد الأسرة أو المجتمعوليس لهن سند أو نصير.
وكانت الدولة تتكفل بتوفير كل الرعاية والاهتمام لهن وتلبي احتياجاتهن وفي العصر الحديث صار لهذه الدور أكثر من مسمى وانتشرت في كل أرجاء العالم وتحسنت وتطورت نوعية الخدمات التي تقدم لهن لكن الملاحظ في اليمن أن هذه المرافق لا تكاد تذكر!!« فقد أظهرت دراسة أعدتها مؤخرا الوكالة الالمانية الفنية »GTZ « وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الانمائية بالتعاون مع الصندوق الإقليمي المفتوح لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقييم دور إيواء النساء في اليمن وامكانية ربطها بمؤسسات التمويل الأصغر أن قطاع دور إيواء النساء قطاع هش ويواجه خطر الانهيار نتيجة لانعدام البنية التحتية وغياب التمويل وعدم وجود مظلة ومرجعية مدعمة بالسياسات والاستراتيجية المحلية ووجدت أن الدور الموجودة في اليمن هي »دار الأمل ودار المستقبل ودار الوئام التابع لاتحاد نساء اليمن ودار الاغاثة« وتتركز في محافظتي صنعاء وعدن فقط.
حلقات مفقودة
واستنتجت الدراسة غياب الوعي لدى المجتمع ووسائل الإعلام والأجهزة الحكومية حول مفهوم وأهداف دور الإيواء وإعادة ادماج النساء النزيلات مع أسرهن ومجتمعهن ما سبب وجود عدد ضئيل من النزيلات وأن أحد عناصر الضعف هو غياب السلطة التنظيمية المسؤولة عن هذا القطاع وغياب التنسيق بين دور الإيواء مما يتطلب إعادة التفكير في تطوير آلية للتعاون وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود للوصول إلى الأهداف المتعلقة بحل مشاكل العنف ضد النساء.
وأشارت إلى أن الثقة بالأجهزة الأمنية المخولة بترحيل النساء المتهمات أو المقبوض عليهن أو اللاتي تعرضن للعنف ماتزال مفقودة بالإضافة إلى نقص معرفة هذه الأجهزة بالوظائف المتعلقة بدور الإيواء وهذا يستدعي تنظيم دورات واجتماعات مشتركة وحملات توعوية للدوائر الخاصة بوزارة الداخلية كما لاحظت الدراسة غياب الخلفية التعليمية لدى النزيلات نتيجة أن معظمهن قادمات من مناطق بعيدة من مختلف المحافظات.
وأوصت بضرورة تفعيل دور المؤسسات الحكومية كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم وغيرها من الجهات ذات العلاقة في سبيل خدمة ومساعدة هذا القطاع في بناء نفسه ووضع برامج لبناء قدرات الاطقم الإدارية والفنية في دور الإيواء لتعزيز ثقتهم بهذا النشاط وتجديد قدراتهم في ما يتعلق بكيفية التعامل مع المجموعات المستهدفة وخلق آلية هيكلية مستدامة للاندماج في المجتمع.
معوقات
وتطرقت الدراسة إلى عدد من المعوقات التي تقف أمام تنفيذ مشاريع صغيرة وانشطة مدرة للدخل في دور الإيواء سواء على المستوى الشخصي للنزيلة أو الدور منها نقص الوسائل والمساحات الكافية في الدور وكذلك التسهيلات المالية وضعف الثقة بالنفس لدى النزيلات وعدم ضمان قدرتهن على تنفيذ المشروعات الخاصة بالإضافة إلى نقص خبرة دور الإيواء في إدارة المشاريع والمتابعة وانعدام فرص التسويق ورد الفعل السلبي للمجتمع تجاه هذه المشاريع علاوة على عدم وجود برامج تدريبية كفؤة لمساعدتهن في تنفيذ مشاريعهن وفي حالة نجاح تنفيذ المشروع فإن انعدام توفير وسائل المواصلات سيكون عقبة كبيرة في نجاحه.
نجاحات
وعلى الرغم من أن الدراسة وصفت هذه الدور بالانتقائية أي أنها تفضل استهداف النساء المعنفات اللاتي لم تتم ادانتهن بجرائم إلا أنها اشارت إلى بعض النجاحات التي تمكنت من تحقيقها كالتعاون والتنسيق مع إدارة محو الأمية التابعة لوزارة التربية والتعليم وتقديم دورات تعليمية منتظمة ووضع ترتيبات مع الوزارة لتزويدها بمدرسي محو الأمية وتم إجراء الاختبارات ومنح الشهادات الرسمية كما تمكنت بعضهن من الالتحاق بنظام التعليم الرسمي كما وفرت الدور بعض دورات التدريب المهني كالخياطة وتصفيف الشعر والتطريز مما مكن النزيلات من الاستفادة من أوقات الفراغ باكتساب مهن تعينهن في حياتهن المستقبلية كما أن هذا يعدمصدر دخل للدور التي تعاني من شحة التمويل خاصة أن معظمها منظمات غير حكومية ليس لها سوى تمويل محدود بالإضافة إلى ذلك في جميع الدور تقدم خدمات استشارية ويوجد لبعضها اختصاصيون اجتماعيون ونفسيون ضمن طاقم العمل ويعتمد البعض الآخر على المتطوعين..