حينما نتحدث عن تدريب وتأهيل الصحافيين فإننا نرسم ملامح قضية واضحة وهامة جداٍ لما لها من تداعيات جلية ومباشرة على الكيان الصحافي وكينونته. في بلادنا تحتل برامج تدريب وتأهيل الصحافي ذيل اهتمامات وخاتمة أولويات الجهات المعنية بذلك والتي يركن إليها الصحافي تأهيله وتدريبه علمياٍ ومعرفياٍ وتقنياٍ بالمقابل الصحافي لا يؤاخذ لعدم قدرته على تأهيل ذاته لأنه ببساطة لا يستطيع فالالتحاق بمعاهد ومراكز التدريب والتأهيل الداخلية لا الخارجية سيكلفه قوت يومه الذي بالكاد يوفره!!
فهي تحتاج إلى مبالغ مالية ليست باليسيرة عدا آخرين اكتفوا بتثقيف ذواتهم بقراءة الصحف والمجلات كبديل عن الكتاب في ظل تكلفة الأخير الباهظة مقارنة بمدخوله الشهري.. هكذا هي حياتهم وهكذا هو واقعهم المعاق الذي صاغته الأقدار الذي لا ذنب لهم فيه لكنهم يدفعون الثمن والضريبة مراراٍ وتكراراٍ إذا نتجه صوب مدى واقعية برامج تدريب وتأهيل الصحافيين اليمنيين – موضوعنا وبالخصوص صوب نقابة الصحافيين اليمنيين ودورها في تأهيل أعضائها وقبل هذا وذاك استراتيجية وأهداف ورؤى وثمار البرامج التي تنظمها النقابة كجهة رئيسية في التدريب والتأهيل وهو ما ستناقشه السطور التالية مع عدد من الصحافيين.. فإلى التفاصيل..
استطلاع/ رجاء عاطف
خالد حسان – نائب مدير تحرير صحيفة الجمهورية:
يرى أن ما تنظمه نقابة الصحافيين من دورات تدريبية لمنتسبيها ربما يلامس بعضها احتياجات الصحافيين وهو يتفق مع من يقول أن الدورات التدريبية تتم بصورة عشوائية ولا تواكب احتياجات الصحافيين في تطوير مهاراتهم والرفع من مستوى أدائهم ويقول: إذا ما نظرنا إلى تركيبة منتسبي النقابة فإننا نجدهم نوعين. النوع الأول: هم أولئك الذين انتسبوا للمهنة بالممارسة وهؤلاء هم أشد حاجة إلى تطوير معارفهم ومهاراتهم خصوصاٍ في جوانب الفنون الصحافية التي تتناسب مع مجال عملهم الصحفي أما النوع الثاني: هم أعضاء النقابة من خريجي الصحافة والإعلام خاصة الذين مضى على تخرجهم عدة سنوات وهم بحاجة إلى تنشيط وتحديث ما لديهم من معارف ومهارات لأن علم الصحافة كغيره من العلوم الإنسانية يتطور ويتجدد وبالتالي لا بد من أن يلم الصحافيون بالجديد في هذا المجال سواء في ما يتعلق بالفنون الصحافية أو الانترنت أو غيرها من المجالات وأيضاٍ اللغة الانجليزية التي تعد في عصرنا الحاضر من الضروريات في العمل الصحافي غير أنه للأسف ليس هناك دورات تدريبية في هذا المجال وان وجدت فهي محدودة جداٍ.
أما الأهم في هذا الجانب فهو أن الدورات التدريبية التي تنظمها النقابة برغم قلتها لا يستفيد منها إلا القلة القليلة من أعضاء النقابة بينما كثيرون لم يحصلوا حتى على دورة تدريبية واحدة منذ انتسابهم لعضوية النقابة.
آلية برامج التدريب
وفي ما يتعلق بالآلية المطلوب اتباعها عند إعداد برامج الدورات التدريبية للصحافيين ولكي تستطيع النقابة تلبية احتياجات منتسبيها في الجانب التدريبي والتأهيلي وبالتالي رفع مستوى أدائهم وتطوير مهاراتهم يؤكد حسان أنه لا بد لها أولاٍ من معرفة هذه الاحتياجات وذلك عبر توزيع استمارة استبيان لأعضائها حول احتياجاتهم التدريبية ومن ثم تقوم النقابة بترجمة ما تضمنته استمارات الاستبيان من احتياجات إلى دورات تدريبية تلبي هذه الاحتياجات وأيضاٍ لا بد من أن تكون هناك آلية واضحة تتضمن المعايير والشروط التي يجب الخضوع لها عند اختيار المشاركين في الدورات التدريبية الداخلية والخارجية لضمان فرص عادلة ومتساوية للجميع.
غياب الرؤية
أما رشاد الشرعبي – رئيس مركز التدريب الإعلامي والتنمية فيؤكد أن الأنشطة التدريبية التي تنظمها نقابة الصحافيين أو منظمات ومؤسسات تخصص ضمن أنشطتها القضايا محل اهتماماتهم حقوقية أو بيئية أو صحية أو مجتمعية أو اقتصادية جميعها تتم دون رؤية واستراتيجية تدريبية تنموية شاملة.
ويشير الشرعبي: إلى غياب الدراسات العلمية الحقيقية التي تحدد الاحتياجات التدريبية للعاملين في الإعلام اليمني بمختلف أنواعه »مرئي ومسموع ومطبوع والكتروني« وبالتالي يبرز خلل في الأداء المهني والحرفي والتقني لدى الإعلاميين الذين يعانون من ذلك في تعاملهم مع القضايا المختلفة.
أما بالنسبة لأنشطة التدريب الخاصة بنقابة الصحافيين اليمنيين فإلى جانب أنها جزء من المنظومة العامة التي تعاني هذا الخلل فهي ومن خلال معرفتي نفذت ما يفترض أنه دراسة للاحتياجات التدريبية للصحافيين وبطريقة غير مدروسة وبالتالي فنتائجها غير معبرة عن الواقع فحتى القراءة التحليلية لتلك البيانات والمعلومات التي احتوتها الاستمارات المحدودة لم يقم بها باحثون متخصصون في هذا الشأن ووفق الطرق العلمية المعروفة.
شللية سيئة
وبحسب رئيس مركز التدريب: هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن التدريب التابع لنقابة الصحافيين هو لمجرد الضجيج الإعلامي لصالح أشخاص وجهات ومن يشارك في غالبية الأنشطة يلمس عدم وجود ثمرات لذلك التدريب!!
ويعتقد الصحافي والمدرب الإعلامي رشاد الشرعبي أن الحل يكمن في اعداد برامج تدريبية مدروسة قائمة على دراسات علمية وبحث ميداني حقيقي وباشراف متخصصين وتهتم بنوعين من الاحتياجات: النوع الأول يتمثل بالاحتياج المهني والحرفي والتقني ووفق أحدث الأساليب التحريرية والفنية التي وصل لها العمل الصحافي والإعلامي في العالم والثاني يرتبط بالاحتياجات المتخصصة فليس من المعقول أن أدرب الصحافي على كيفية التعامل مع البيانات الاقتصادية وهو لا يتقن تحرير الخبر والتقرير الخبري حتى بصورته فما بالك بأن يتعامل معه وفق المفهوم الحديث في الصحافة الخارجية سواء ما يتعلق بـ»أنسنة الصحافة« أو الطريقة الروائية في التحرير الصحافي أو القصص الخبرية.
المناطقية والحزبية
بالمقابل يقول الصحافي زكريا الكمالي – إدارة التجهيزات بصحيفة الجمهورية أن تدريب الصحافي اليمني لم يكن يذكر في المجالس السابقة للنقابة سواء بعشوائية أو حْسن ترتيب وما أن بدأنا نلمس خيراته هذه المرة حتى وقع في فخ المحاكمة بتهمة التقصير والعشوائية والمناطقية والحزبية وكل شيء.
وأما لا أدافع هنا عن لجنة التأهيل والتدريب في مجلس النقابة الحالي فصحفيو تعز هم الأكثر ظلماٍ من توزيع الدورات التدريبية ولم تحصل تعز حتى على نصيب المرأة من إجمالي الدورات التي أقيمت خلال هذا العهد مقارنة ببقية المحافظات!!
وبما أن لجنة التدريب هذه نتواجد في اليمن فمن الطبيعي أن تحدث عشوائية في نوعيتها ونوعية المتدربين فيها كما يحدث في كافة القطاعات إذا كان أمراٍ عادياٍ أن نشاهد خريجي الفيزياء يدرسون مادة التربية الإسلامية أو علوم القرآن فلا غرابة أن نشاهد عشوائية دائمة في دورات الصحافيين أونشاهد النقابة تقيم دورات غريبة حتى وإن كانت في الإسعافات الأولية والسبب أن كل الجهات التي طلب منها أن تدعم الدورات الهامة للصحافة امتنعت ولم توافق سوى هذه الجهة التي أردات أن تثقف الصحافيين »صحياٍ« فالموافقة تأتي هنا كشيء اضطراري..
معسكر تدريبي
ويسترسل: الوسط الصحافي في اليمن يعيش فقراٍ مدقعاٍ في جانب التدريب واقترح على لجنة التأهيل والتدريب أن تدخل أعضاء النقابة أجمع في معسكر تدريبي مغلق سواء كان داخلياٍ أو خارجياٍ كما يحدث مع منتخبات كرتي السلة والقدم.
فالرياضة ليست أهم من الصحافة والمنتخبات الرياضية التي يتم تدريبها بملايين لا تجلب لليمن سوى أرقام عالمية في الخسائر المدوية.
ولا أطالب نقابة الصحافيين أن تتعاقد مع »رابح سعدان« لتدريبنا لكن عليها أن تعرف وعلينا أن نعترف أن غالبية منتسبي الصحافة لا يجيدون حتى اليوم ونحن في عصر الثورة المعلوماتية التعامل مع الانترنت وإذا امتلك أحدهم بريداٍ إلكترونياٍ لا غرابة أن يقول عنه أحدهم ان ابنه أو أخاه هو من يقوم باستعراض الرسائل إن وجدت فهو لا يعرفه إلا عندما يشاهده مجاورا لاسمه في صدر الصحيفة.
لا للحصر!
وينبه الكمالي إلى ضرورة أن تبدأ لجنة التدريب بعمل »ثورة تدريبية« في كافة المحافظات لا أن تحصرها في أمانة العاصمة فقط وتقوم حينها باستدعاء شخص واحد فقط من كل محافظة على طريقة التمثيل الدبلوماسي.
نريد دورات في كل الفنون الصحافية وفي الكمبيوتر والطباعة والاخراج الصحافي أيضاٍ نريد تدريباٍ في اللغة الانجليزية فمن العيب أن صحافياٍ في القرن الحادي والعشرين لا يجيد كتابة اسمه بالانجليزي إذا تطلب منه الأمر.
وأتمنى على لجنة التدريب ألا تبرمج نفسها وطريقة عملها حسب الرياح الموسمية بحيث تكون شديدة السرعة في أشهر معينة وتتحول إلى »نسمة« لا نشعر بها في أشهر باقيات..