منى صفوان
كل عام تبهرنا المسلسلات اليمنية .. وكلما زادت جرعة الابهار.. نقتنع بسهولة.. أن الفن حرااااام. فمثلا كيف سنعرف أن الممثل متاثر دون أن يعقد حاجبيه وتزيغ نظراته كمن يختنق ويزم شفتيه وكلما أكثر من استخدام عضلات وجهه كلما عنى ذلك أنه متاثر أكثر. يعني إذا تغاضينا عن سذاجة النص وغياب الرؤية الإخراجية وعدم حرفية الصورة إذا تجاوزنا سطحية الحوار وغياب أي محاولة للإقناع وبعد النص عن الواقع المعاش واذا تناسينا الصور المعتمة والحوار الصارخ وتكرر الافكار والممثلين والجمل الحوارية فكل ما يتبقى لدينا ممثل هزيل الموهبة ممثل لا يمثل.. يردد حواراٍ دون إقناع وخارجا عن كل تعابير البساطة ومكرسا لنظرية المسلسلات اليمنية أن التمثيل: ليس أكثر من مجردالقدرة على تحريك اكبر قدر ممكن من عضلات الوجه والتلويح باليدين واستخدام كل طبقات الصوت الصارخة و الزاعقة و الانفعالية. فهذا هو التحليل العام للدراما اليمينة إن جاز وصف ما يحدث أنه ” دراما ” مع الاعتذار لاسخيليوس.
والدراما بوصفها منتجا اقتصاديا ومدراٍ لاعلانات رمضان إذا صنفت بحسب اسم المنتج فلدينا كم هائل من المسلسلات اليمنية يدل على ثراء إنتاجي وسخاء إبداعي يبدأ من همي همك وإلى العقل زينة واصحاب وعيني عينك و وقف اقلك.. وغيرها وإذا صنفناها بحسب المروج للمنتج فهناك مسلسلات السعيدة ومسلسلات الفضائية وهنا يكون التصنيف قد اتخذ منحى أخر على أساس أن المسلسلات في السعيدة تطرح وجهة نظر اكثر حرية من المسلسلات في القناة الحكومية . عموما الإبداع لا علاقة له بالإمكانيات الإبداع يبدأ من حرفيه النص وينتهي عند توجيه المخرج للمثل إمام الكاميرا أو قل ينتهي في لحظة تصديق المشاهد لما يراه ويسمعه.. الصدق يحدث اذا استطعت أن تضحك أو تبكي.. ولأننا لا نرى أمامنا ممثلاٍ يفعل ذلك فهذا يعني أنه لا يوجد مخرج ولا يوجد كاتب . فما زال التعامل مع العروض المقدمة عند مستوى الهواة وليس المحترفين. الغريب أنه حتى صناع هذه الدراما لا يختلفون كثيراٍ مع ما يطرح من نقد وهم يزعمون انهم يحاولون العمل في أقسى الظروف الإنتاجية و بحسب الإمكانات المتاحة ولكن السؤال: لمِ يصر الممثل اليمني أن يقنعنا أنه يحاول أن يبذل جهده مع أننا نرى نفس الأداء كل عام¿
مدهش و شوتر
للعدالة صعب أن تحكم على موهبة أي ممثل في غياب نص قوي و إخراج حرفي صاحب الموهبة الحقيقية يضيع في بحر يغرق ويقتل أكثر مما فعل بأحد أبطال همي همك فصلاح الوافي الكوميدي الأكثر قدرة على اصطياد الضحكة باسلوبه البسيط الدال على خفة دم فطرية أكثر منها حرفية في الأداء فهو كغيره يسرد ذات النص ويعمل بنفس الظروف لكنه أكثر وصولا وأسرع من غيره ربما لبساطة أدائه و تلقائيته وعدم تفكيره في الأسلوب الأكثر ملاءمة بقدر محاولته تصديق ما يقوله و يبدو أنه لايقلد احدا ويبنقذه فقط خفة دمه. إن لدينا وجها على الشاشة يمكن أن نتابعه دون ملل على الأقل هو خفيف الدم والوزن لكن آخر بحجم يحيى ابراهيم ثقيل الطلة والظل كيف يمكن أن يكون ممثلا مبهراٍ وتصر الدراما المبهرة أن تقنعنا كل عام أنه ممثل كوميدي و تقدمه في أكثر من دور على أساس أنه ممثل متعدد المواهب فهم مصرون وهو مصر على ذلك ونحن مصرون أيضا. إن جئنا لتصنيف الممثلين الاكثر قدرة على جذب الجمهور سيكون عبد الكريم الأشموري في المقدمة في الغياب الملفت لنبيل حزام برغم أن حزام يبدو متكلفا في كثير من أدائه ولكن حزام يزيد غيابه كل عام وهذا يجعل فرصه في تطوير أدائه أقل لانه لا يقتل الموهبة إلا البقاء طويلا في البيت أو الاذاعة من خلال المسلسلات الإذاعية التي تتفوق على التلفزيونية والتي تدل أن أكثر ما يناسب الدراما هي الإذاعة ما يعني أن اليمنيين فشلوا في الصورة والتعبير البصري . وهناك صلاح الوافي الذي يبدو نجما محتملا في الكوميديا اليمنية أن أحسن استغلال خفة دمه وتلقائية أدائه.
القرني .. والمخرج
monasafwan@hotmail.com