محمد عبدالرحمن المجاهد
يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا
رحم الله أبا الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري قائل هذا الشعر وناسجه فهو لم يقل إلا صدقا فالثورة السبتمبرية الخالدة وثورة أكتوبر العظيمة وعودة الوحدة المباركة لم يصنعها أحد سوى الشعب اليمني العظيم بنضاله وتضحياته ومعاناته وشهدائه الأبرار طوال قرون وعقود وأعوام صارع فيها وخلالها الظلم بكافة أشكاله والاستبداد والاستعمار بأبشع صوره المرة تلو الأخرى حتى تحقق له النصر المبين المؤزر على كل الطغاة والمستعمرين وكل جلاوزة الاستبداد والجهل والاضطهاد والتخلف ..
فما أن كانت تفشل له محاولة للانعتاق والتحرر حتى يلملم قواه ويضمد جراحاته ويبدأ من جديد لمحاولة أخرى محتسبا تضحياته وشهدائه قربانا في سبيل الهدف الأسمى والغاية العظمى في نيل حريته واستقلاله وكان له ما أراد فكانت ثورة 26سبتمبر وبعدها 14أكتوبر وتتويجا لهما عادت الوحدة المباركة فكان ذلك مصداقا لقول الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بـد لـليل أن ينجــلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
وما ننعم به الآن من تطور وحرية وتحرر ونماء وتنمية وهامش ديمقراطي يشمل كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية وما نعيشه من ازدهار وانطلاق في كل الأفق ما هو إلا ثمرة للثورة اليمنية والوحدة ونتاج عظيم لنضال الشعب وتضحياته وأية محاولة دنيئة من قبل أعداء الشعب دعاة الإمامة والتشطير لوأد الثورة والوحدة ومكاسبهما لن يكون مصيرها إلا كمصير سابقاتها من المحاولات التي حدثت منذ قيام الثورة وحصار السبعين وعقب عودة الوحدة والتي ووجهت بصمود الشعب كل الشعب واستماتته ودفاعه واندفاعه ضد دعاة الإمامة وضد الانفصاليين ودعاة التشطير حتى دحروا وخبا صوتهم وإلى الأبد ..
وما تكرار محاولاتهم الجديدة إلا وسيلة للارتزاق والاتجار لصالح قوى خارجية لها أجندة خاصة بها لاستيائها بأن ترى اليمن موحدا ينطلق نحو الديمقراطية الحقيقية ونحو التنمية يقف صلبا بأبنائه الشرفاء أمام كل محاولات التآمر والخيانة وهم يبذلون المال ويدعمون أذيالهم وعملاءهم لغبائهم المتأصل فيهم ولأنهم لا يدركون أن من يحاولون دعمهم وتحريكهم في الداخل ليسوا إلا ( خيال مآته ) لفظهم الشعب وفضحهم ومهما حاولوا التستر بشعارات أكل الدهر عليها وشرب فلن ينجحوا أبدا ..
رغم ما يسود الساحة من فساد واستشرائه ورغم الأخطاء والاختلالات الكثيرة والكبيرة إلا أن كل ذلك أرحم وأهون مما كان عليه الشعب في عهود الأئمة الكهنوتيين وعهود الاستعمار والسلاطين وعهد التشطير سيء الذكر ذلك لأن ظاهرة الفساد واستشراءها وحدوث الأخطاء والاختلالات مهما عظمت فبمقدور الشعب أن يتخلص منها بالطرق والوسائل السلمية والحوار الوطني البناء إذا أخلصت السلطة والمعارضة النية والمبادرة لذلك ذلك لأن الفساد لم ولن يكون أسلوباٍ وعقيدة للنظام والحكام كما كان في عهود ما قبل الثورة وإنما هو سلوك لجماعات متنفذة أو أفراد نتيجة لضعف في الرقابة وتساهل من قبل السلطة ومؤسساتها..
وليس توجها رسميا ولا عقيدة سياسية ودينية للحاكمين يرون أن البلاد أرضا وإنسانا ملك لهم يفعلون به ما يريدون وينهبون منه ما يشاءون انطلاقا من مذهبهم وعقيدتهم بأنهم ظل الله في أرضه أو بحكم أنهم أوصياء على الشعب يصنعون باسمه ما يريدون وينهبون ما يشاءون تحت شعارات براقة ما أنزل الله بها من سلطان غريبة عن البلاد والعباد وعقيدتهم الدينية ولذلك فالشعب لا ولن يفرط أبدا بالثورة والوحدة ولن يسمح بعودة الأئمة والتشطير مهما كانت الذرائع والحجج والمبررات.. لأنه إن فرط بالثورة والوحدة فهو يفرط بكل تضحياته ونضاله الطويل وبدماء وأرواح شهدائه الذين سقطوا في ساحات الجهاد والنضال الوطني ليصنعوا فجر الثورة والوحدة ومجدهما وشمس ضحى الحرية والانعتاق والانطلاق نحو النور والعلم والتنمية ويدحرون الظلم والظلام والخوف والجهل والاستبداد والتمزق والتشطير إلى غير رجعة ولن تنجح أية محاولة أو أعمال إجرامية محمومة يقوم بها أفراد أو جماعات من مرضى العقول والنفوس تدفعهم قوى خارجية لن تحقق إلا الوبال والخسران..
فالشعب أراد الحياة الحرة الكريمة واستجاب الله والقدر لهذه الإرادة ولن تخيب إرادة الشعب ولن تضعف رغم خفافيش الظلام وفئران العفونة والمزابل الذين لا يتورعون عند عجزهم عن الاستقواء بالخارج واستعداء القوى الخارجية ضد وطنهم ليحققوا لهم مراميهم الدنيئة غير مدركين أن القوى الخارجية لن تورط نفسها في مستنقع جديد ولن تدخل نفقاٍ آخر بعد تجربتها في العراق وأفغانستان اللتين لم تستطعا الخروج منهما حتى الآن وهي أي تلك القوى الخارجية عندما تدعمهم وتمولهم إنما تريد بذلك إحداث عوائق ومطبات أمام نمو البلاد وتطورها ولئلا يحدث الاستقرار فيكون ذلك متعارضا مع مصالحها في المنطقة كلها.. التي لا تريد لها إلا أن تظل في قلق دائم وفزع وخوف حتى يسهل ابتزازها وليتيح لتلك القوى الخارجية التدخل متى ما شاءت وتنهب ما تريد وتمزق المنطقة كما يحلو لها وتخلق كيانات بحسب الرغبة وما تراه أو تقتضيه مصالحها ومصالح وأمن ربيبتها إسرائيل وحليفتها المتسترة إيران ذلك ما تريده القوى الخارجية من عملائها في المنطقة ومن الذين يحلمون بالعودة إلى السلطة في بلادنا تحت مظلة الإمامة أو الانفصال أو ما يسمى بالحراك ( بكسر الحاء لا بنصبه ) لأنهم بما يعملونه يكونون أشبه بالراقصات الشرقيات اللاتي لهن في كل ليلة حركة ورقصة ..
لأنهم في كل وقت وبين آونة وأخرى يبتدعون لوناٍ وحركة تارة يناضلون ويصرخون تحت ذريعة حقوق المتقاعدين وتارة أخرى تحت ذريعة الأراضي وتارات أخر تحت ذرائع أخرى وأخرى حتى وصلوا إلى حكاية أو القضية الجنوبية وكأنهم لديهم بصيرة بالمحافظات الجنوبية يتخلون عنها متى ما أرادوا أو يعودون إليها متى ما أرادوا أيضا تدفعهم حماقاتهم وخفة عقولهم وأوهامهم المريضة غير مدركين أن الثورة والوحدة تمثلان ضمير الشعب وكل مبادئه وعقيدته وأنهما تمثلان خطاٍ أحمر لا يسمح بالاقتراب منهما أو المساس والتفريط بهما قط مهما كانت الأسباب أو الظروف..
وبدون أي ريب أو شك أن الشعب الذي صنع الثورة والوحدة قادر على أن يحميها وينهي كل الشوائب والظواهر التي تسيء لهما أو تعيق مسيرتهما أو تكون عامل تشويه لمكاسبهما سواء كان ذلك متمثلا بالفساد والمفسدين أو بالأخطاء والاختلالات وتلك الفقاعات النتنة التي تسمى بالإماميين أو الحراك أو دعاة الانفصال والتشطير والأيام بيننا وسيعلم الباغون أي منقلب سينقلبون ولن يخيب الله جلت قدرته إرادة الحق وإرادة الشعب وآماله وتطلعاته فالشعب هو كما وصفه شاعر اليمن الكبير المرحوم عبد الله البردوني بقوله:
الشعب أقوى من مدافع ظالم وأشد من بطش الحديد وأجلد
almujahed_mohammed@yahoo.com