علي الريمي
في السادس عشر من شهر سبتمبر الحالي دخل مجلس الأمن الدولي – رسمياٍ – على خط التطورات الراهنة على الساحة الداخلية لجمهورية السودان بإصدار المجلس »النيويوركي« لبيان يدعو فيه الحكومة السودانية – في الخرطوم – بحسب البيان لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان إجراء الاستفتاء المتعلق بتحديد مصير الجنوب السوداني على أن البيان المشار إليه الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المنظمة الدولية وليس التابع للولايات المتحدة الدولة العظمى جاء في توقيت لافت حيث شهد النصف الأول من سبتمبر حملة أميركية مكثفة شنتها الإدارة الديمقراطية في واشنطن وعلى مختلف المستويات الرسمية من خلال التصريحات المتتالية لوسائل الإعلام – المختلفة – التي أدلى بها عديد مسؤولين في الإدارة الأميركية كان على رأس الجميع وخرجت به وزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) بحديثها المتكرر والصلف عن السودان وتحذيرها من الاستفتاء المنتظر في يناير 2011 م حول بقاء الجنوب ضمن الكيان السوداني الموحد أو إعلان الاستقلال عن الشمال الذي كان قد وقع معه اتفاق سلام قبل ستة أعوام ودخل في حكومة الوحدة الوطنية ليصبح شريكاٍ للمؤتمر الوطني في كل مفاصل الدولة السودانية.
المسئوولة الأولى عن الدبلوماسية الأميركية هيلاري كلينتون لم تكتف بذلك وذهبت إلى أبعد منه بالقول: أن انفصال جنوب السودان عن شماله (أمر حتمي)¿!!
فما الذي جعل الوزيرة الأميركية تتحدث بمثل هذه النبرة الحادة البعيدة كل البعد عن مقتضيات الدبلوماسية ناهيك عن تجاوزها للغة التخاطب المتعارف عليها لأن لهجة الخطاب (الأميركي) لا معنى لها في مثل هذا التوقيت إلاِ أنها لغة سافرة وتدخل واضح في الشان الداخلي السوداني بالتأجيج الفج والتحريض القبيح لطرف ضد طرف بما يهْدد وحدة واستقرار وسلامة السودان الذي هو أدرى بشؤونه دون الحاجه لأي وصايا من هنا أو هناك!
خصوصاٍ وأن الشعب السوداني وقيادته ماضون في التشاور حول كل ما يدور في بلدهم عبر لغة الحوار والتفاهم سواءٍ في ما يتعلق بدارفور أو ما يخص التحضير لإجراء الاستفتاء حول مصير الجنوب.
الحديث الأميركي عن السودان وأحواله يتبع – كما هو معروف عن السياسة الأميركية – أسلوب »العصا والجزرة« ويتضح ذلك في الملف السوداني فبعد الذي صدر عن الوزيرة هيلاري كلينتون من حديث وصف بإنه خروج على الدبلوماسية..
عاد الخطاب الأميركي ليخفف من كلام وزيرة الخارجية عن السودان هذا البلد العربي الأفريقي المثخن بالمشاكل والهموم فهذا (فيليب كراوكي) الناطق باسم الخارجية الأميركية خرج بعد أيام ليتحدث عن وجود عدد من الاغراءات (الحوافز) الأميركية للسودان مثل رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو إمكانية تدخل واشنطن لتجميد قرار توقيف الرئيس (عْمر البشير) الصادر عن مدعي عام المحكمة الدولية في لاهاى وغيرها من الحوافز التي يمكن تقديمها للنظام السوداني ليكون جاهزاٍ ومرناٍ مع السياسة الأميركية.
آخر السطور
بالعودة إلى المسوغات التي سوقتها الإدارة الأميركية – السابقة – لغزو واحتلال العراق والتي ثبت زيفها وكذبها تلك وأن الهدف من الاجتياح لبلاد الرافدين لم يكن سوى الاستيلاء على نفط البلد الذي يمتلك ثالث احتياطي نفطي في العالم إضافة إلى تدمير العراق القوي – آنذاك – خدمة لإسرائيل وعلى ذلك فالأمر الواضح من التدخل الأميركي بفتح جبهة صراع جديدة في السودان ليس له تفسير سوى أن هدف واشنطن السعي لانفصال جنوب السودان عن شماله ليس – بالطبع – لأسباب دينية باعتبار أغلب سكان الجنوب مسيحيون ولكن لأن هذا الجنوب يحتكم على عدد كبير من حقول النفط والثروات الطبيعية الآخرى..