استطلاع عبده الأكوع – أحمد المالكي
إن أهم ما يميز فترات ما قبل الثورة اليمنية المباركة 26 سبتمبر و14 أكتوبر أنها حملت الوعي السياسي والوحدوي إلى القمة وكان النضال الوحدوي هو الأساس الذي قامت عليه مختلف التنظيمات والأحزاب السياسية التي شكلت في »عدن« مركزاٍ أساسياٍ للانطلاق نحو التحرر من الاستعمار البريطاني البغيض والحكم الإمامي المتخلف.. ويؤكد الكتِاب والأكاديميون والسياسيون أن وحدة الحركة الوطنية اليمنية قد تجلت في أروع صورها وأن مركز هذه الوحدة كان »عدن« التي انتشرت فيها مراكز حركة الأحرار وغيرها من المناوئين للحكم الإمامي واجتمع في عدن رجال الحركة الوطنية اليمنية بمختلف توجهاتهم وآيديولوجياتهم من مختلف مناطق اليمن وكان التواصل عميقاٍ بين فصائل الحركة الوطنية سواء منها تلك التي كانت تقاوم الاستعمار أو الإمامة إلى أن قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963م والتي كانت محصلة للجهود التي بذلتها طلائع الحركة الوطنية اليمنية منذ زمن مبكر حتى انتصرت إرادة الأحرار والمناضلين وخلدوا نضالهم وتضحياتهم بقيام الثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر وكانت عدن هي الحاضن الاجتماعي الكبير لكل اليمنيين.. المزيد من التفاصيل في سياق هذا الاستطلاع..
> بداية يؤكد الأخ عبدالله محسن ضبعان – وكيل أول محافظة صنعاء أن عدن كانت تمثل الشجرة الوارفة التي كان يتفيأ تحت ظلالها أعداد مختلفة من فئات شعبنا وعلى رأسهم الأحرار اليمنيين حيث كانت الملاذ الآمن والمتنفس العظيم لكل من ضاقت بهم السبل وحْرموا من أبسط مقومات العيش الكريم والذين كانوا يلوذون إلى عدن هرباٍ من جحيم الحكم الإمامي الكهنوتي المتسلط على ما كان يسمى بالشطر الشمالي حينذاك.
ويضيف: كانت عدن في تلك الفترة مدرسة تشكلت فيها عقول الكثير من أبناء الوطن الذين كانوا يمثلون الامتداد الحر للنخب الوطنية التي ظلت على تواصل مع كل أحرار الوطن هنا وهناك على مستوى الوطن اليمني.
ويردف قائلاٍ: انطلقت الحركة الوطنية من عدن وتشكلت فيها ومن خلال هؤلاء العظماء انتشر الوعي الثوري بين مختلف فئات الشعب الذي كان يعاني سواده الأعظم من أبشع صور الجهل والتخلف ناهيك عن الفقر والجهل والمرض جراء القبضة الحديدية لحكم الإمامة في شمال الوطن من خلال سياسة التجهيل التي اتبعها حكم الإمامة الكهنوتي فضلاٍ عن أن عدن كانت مركز إشعاع سطع نوره على بقاع اليمن لقهر ظلم وظلام الإمامة والاستعمار فهي بحق الحاضن الاجتماعي الكبير لمختلف أبناء الشعب السياسي العامل التاجر.. الخ والتي كان لها دور في نصرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي بدورها هيأت فيما بعد لإشعال ثورة الرابع عشر من أكتوبر كامتداد طبيعي لواحدية الثورة اليمنية المجيدة والخالدة وواحدية مناضليها للانتصار على قوى الاستعمار والتخلف لكن رغم كل العقبات والرؤى المتباينة استطاع الخيرون من أبناء الوطن تجاوز كافة الصعوبات بقيادة ابن اليمن البار فخامة الأخ علي عبدالله صالح – رئيس الجمهورية – توحيد الوطن بعد عقود من الفرقة والشتات فالرحمة والخلود والسلام لكل شهداء سبتمبر وأكتوبر ومن سار ويسير على دربهم وليعش اليمن واحداٍ موحداٍ أبد الدهر.
ويختتم ضبعان حديثه بالقول: ماذا أقول عن هذا الجزء الغالي من الوطن »عدن« الذي كانت وما تزال بمثابة الرئة في الجسم التي يتنفس منها كل اليمنيين لذا أعتقد مهما قلت أو قال غيري فقد تعجز الألسن وتتلاشى العبارات إذا أردنا أن ننصف عدن بما تستحق وما يليق بها وبفضلها على الوطن في العهود المظلمة بأيامها السوداء من الوصف المنصف.
وعاء كبير
فيما يقول الدكتور أحمد صالح العبادي نائب عميد كلية الآداب للشؤون الأكاديمية استاذ التاريخ العربي القديم – جامعة ذمار: لا عجب أن تصبح عدن الوعاء والبيت الكبير الذي تتربى وتترعرع بداخله وتنطلق منه كواكب الأدباء والشعراء والمفكرين والسياسيين وأن تكون الحاضن الاجتماعي الكبير لطلائع الحركة الثورية والوطنية التي قارعت الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن والإمامة في شماله.
ويضيف: ما بين عامي 1942 – 1944م احتضنت عدن حركة المعارضة ضد حكم الإمامة حيث استقبلت عناصر المعارضة الوطنية بقيادة مطيع دماج والنعمان والزبيري وظهر فيها أحمد الشامي والشاعر زيد الموشكي وغيرهم شرعوا في إعداد الخطة السياسية لحركة المعارضة التي أصبحت قيادتها في مدينة عدن ومنها أعلنت عن برنامجها ومطالبها العادلة وفي عام 1946م أطلقت عناصر المعارضة اليمنية على نفسها اسم »الأحرار اليمنيين« كما كان أول اجتماع للأحرار اليمنيين فيها وثم تكوين أول منظمة سياسية للأحرار هي »الجمعية اليمانية الكبرى« وتم إصدار جريدة »صوت اليمن« التي قامت بنشر وثائق ومطالب الأحرار اليمنيين وبدأت المعارضة للنظام الإمامي البائد تصوب سهامها نحو أسرة بيت حميد الدين وحكمها الثيوقراطي الرجعي.
ويؤكد: احتضنت عدن عدداٍ من التجمعات والتيارات والحركات الوطنية والثورية التي قاومت الاستعمار البريطاني وحكم الإمامة الرجعية ومن تلك التيارات والحركات نذكر الآتي:
أولاٍ: الجبهة الوطنية المتحدة التي تشكلت في عدن عام 1955م بزعامة عبدالله باذيب ومحمد عبده نعمان الحكيمي ومحمد سعيد مسواط وآخرين والتي هدفت إلى مقاومة الاستعمار والرجعية والإقطاع وتوحيد السلطنات الجنوبية تحت سلطة دولة واحدة يندمج فيها شمال اليمن بعد إسقاط النظام الإمامي وإعلان الجمهورية.
ثانياٍ: الحركة العمالية تشكل في عدن اتحاد نقابات العمال في مارس عام 1956م وقد أخذ عدد النقابات العمالية في التزايد حيث بلغ عدد النقابات عام 1962م (22) نقابة تضم في عضويتها (21.400) عضو نقابي وعلى الرغم من الاختلافات والميول والاتجاهات التي ظهرت في بعضها فقد شكلت النقابات العمالية خطوة مهمة في إنضاج الحركة السياسية بل ووقفت ضد الخط الانفصالي الذي قادته رابطة أبناء الجنوب العربي التي سعت إلى فصل عدن والمحميات عن الوطن الأم وتحولت الحركة العمالية إلى أداة فاعلة للكفاح ضد الاستمعار البريطاني وقد أفرز القطاع العمالي في عدن قيادات نقابية وسياسية وطنية أسهمت بقدر كبير في حركة الثورة اليمنية التي انتقلت أفكارها إلى شتى أنحاء اليمن وقدمت مفهوماٍ شاملاٍ لوحدة التراب اليمني في الشمال والجنوب ودعت إلى تحرير اليمن الطبيعي الموحد من الاستعمار والإمامة وإقامة الدولة اليمنية الواحدة الموحدة.
ثالثاٍ: حركة القوميين العرب: تأسست عام 1959م في عدن والتي تشكلت من بعض الطلاب العائدين من خارج اليمن لاسيما من القاهرة وقد وقفت هذه الحركة موقفاٍ ايجابياٍ من حركة التحرر العربي والاتجاه القومي والوحدة العربية ووقفت في وجه الدعوات الانفصالية التي قادتها رابطة أبناء الجنوب العربي.
رابعاٍ: حركة البعث: بدأت تظهر هذه الحركة في عدن في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين وفي عام 1959م ظهرت كشكل من أشكال التجمع السياسي من خلال بعض الطلبة العائدين من كلُ بغداد ودمشق وتشكلت في أواخر عام 1959م عدة حلقات تابعة للحركة في مدينة عدن ثم امتدت إلى حضرموت وصنعاء وكان ذلك بفضل الطلاب العائدين من دمشق وبغداد والقاهرة وقد كان لحركة البعث دور كبير في التغيير وفي العملية الثورية ضد الاستعمار البريطاني والحكم الإمامي كما نادت حركة البعث بوحدة اليمن وهو الأمر الذي يتفق مع مبادئ البعث في الدعوة إلى وحدة الأمة العربية.
هذا بالإضافة إلى الحركات الوطنية السابقة فقد احتضنت عدن حركات وتيارات أخرى منها الحركة الطلابية والحركة الناصرية والتيار الماركسي (الأممي). فضلاٍ عن عدد من الجمعيات والاتجاهات الأخرى التي لا يتسع المجال للحديث عنها.
ويختتم الدكتور العبادي حديثه قائلا: يمكننا القول أن التيارات والحركات السالفة الذكر وفرت مناخاٍ فكرياٍ وثقافياٍ مناسباٍ لتنظيم الضباط الأحرار الذي تشكل عام 1960م بقيادة الضابط الشاب علي عبدالمغني وقد عقد التنظيم أول اجتماع له عام 1961م وحدد التنظيم أهدافه بنسف نظام الحكم الإمامي المتخلف وتغيير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وقيام نظام جمهوري في اليمن وتحويل أراضي الجمهورية المنشودة كي تكون عمقاٍ استراتيجياٍ ونقطة انطلاق لتحرير الجنوب اليمني من الاستعمار البريطاني.
أخصب الفترات
يقول الدكتور أحمد علي الهمداني في كتابه »عدن من الريادة الزمنية إلى الريادة الإبداعية« حول التدرج من الوعي المناطقي إلى الوعي الوحدوي أن الخمسينيات تمثل مرحلة قائمة بذاتها ولعلها كانت من أخصب الفترات في حياة الحركة الوطنية اليمنية وفي حياة الأدب اليمني المعاصر فقد أصلت الخمسينيات كل ما أسسته العشرينيات حتى الأربعينيات في أكثر من اتجاه وفي أكثر من مجال ولم يكن التأسيس أو التأصيل في هذه الفترة محصوراٍ في مجال معين أو مقصوراٍ على ميدان محدد وإنما شمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية على اختلاف مناحيها وأصبحت الخمسينيات فترة ازدهار على عدة مستويات في »عدن« ونواحيها.. ويضيف الدكتور الهمداني: إن ما يميز فترة الخمسينيات أنها حملت الوعي السياسي والوحدوي إلى القمة وكان النضال الوحدوي هو الأساس الذي قامت عليه مختلف التنظيمات والأحزاب السياسية أبرزها »المؤتمر العمالي« الذي قاد الحركة العمالية إلى الاستقلال والذي شكل في عدن مركزاٍ اساسياٍ من مراكز الدعوة إلى الوحدة اليمنية وأصبح النضال الوحدوي في الخمسينيات يمضي في دائرة المؤتمر العمالي حتى أواخر الستينيات قبل وصول الجبهة القومية إلى السلطة ويقول الدكتور الهمداني في كتابه أنه من المهم أن نعرف أن رجال الحركة الوطنية والوحدة الوطنية من مختلف مناطق اليمن وأن مركز الدعوة إلى الوحدة الوطنية والوحدة اليمنية كانت مدينة عدن الطيبة.
إهداء إلى عدن
ويضيف الدكتور الهمداني في كتابه قائلاٍ: أن الاتجاهات الأساسية للحركة الوطنية اليمنية في الخمسينيات كانت محلية يمنية صرفة في الأغلب بمعنى أنها قامت في اليمن من دون تأثيرات خارجية كبيرة وذلك على عكس الستينيات حيث كان لكل حزب أو تنظيم مصادره الأولى خارج اليمن مثل البعثيين والحركيين أو الأممين وغيرهم.. ويؤكد الدكتور الهمداني أن وحدة الحركة الوطنية اليمنية تجلت في أروع صورها في هذه الفترة وأن مركز هذه الوحدة كانت »عدن« التي انتشرت فيها مراكز »حركة الأحرار« وغيرها من المناوئين للحكم الإمامي وأن التفاعل بين هذه المراكز وغيرها كان يحمل أبعاداٍ مختلفة وحتى متناقضه في بعض الأحيان ومع هذا كان التواصل عميقاٍ بين فصائل الحركة الوطنية اليمنية سواء منها تلك التي كانت تقاوم الاستعمار أو الإمام. وانتهت الخمسينيات بمغادرة الإمام أحمد إلى إيطاليا من أجل العلاج وعودته في العام نفسه من أجل إخماد التململ العام الذي أخذ يتكشف في هدوء وحيطة كما انتهت الخمسينيات بإعلان بريطانيا عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي.. واشتداد مقاومة الحركة الوطنية وإذا كانت الستينيات قد بدأت في صنعاء بمحاولة اغتيال الإمام أحمد في الحديدة أثناء دخوله إلى أحد المستشفيات من أجل إجراء بعض الفحوصات وقيام تنظيم الضباط الأحرار فإن الستينيات قد حملت في طياتها كثيراٍ من المفاجأت التي أهدتها إلى عدن ولعل أبرز الأحداث التي عرفتها الستينيات على مستوى الوطن اليمني كله كانت تطويق »المجلس التشريعي« في عدن والزحف إلى قصر البشائر الذي أدى إلى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة.. ولعل ظهور حزب الشعب الاشتراكي 1962م كان أحد العوامل التي هيأت الظروف من أجل الإسراع بالجلاء ومناصرة الثورة الوليدة في صنعاء فقد أسهمت القوى الوطنية كلها من دون استثناء في الدفاع عن الثورة الأم وهب أبناء اليمن من كل حدب وصوب يحملون السلاح ويدافعون عن الجمهورية.. على هذا النحو هبت تيارات الحركة الوطنية اليمنية للاستجابة السريعة للحفاظ على بقاء الثورة وثبات الجمهورية في وجه الأعداء من الداخل والخارج ويمكن أن نرى بوضوح ونحن نخوض في هذا الصدد حقيقة وحدة الحركة الوطنية اليمنية التي لم تتجزأ إلا في ظروف مناضلة سلطتين مختلفتين في كل من عدن وصنعاء قبل الثورة..
ومن هنا نرى أن قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وما تبعها من إعلان قيام ثورة الرابع عشر من اكتوبر كان محصلة الجهود المتراكمة التي بذلتها الحركة الوطنية اليمنية منذ العشرينيات وربما أمكن القول منذ الغزو العثماني والاحتلال الأجنبي في اليمن.
بداية العمل المنظم
وتؤكد البحوث التاريخية الحديثة أن موقف اليمنيين من التشطير بدأ يتبلور بعد نتيجة عقد الاتفاقيات التي تمت عام 1934م بين الإمام يحيى حميد الدين وبريطانيا من ناحية وبين الإمام يحيى والملك عبدالعزيز من ناحية ثانية التي قسمت اليمن إلى ثلاثة أجزاء جزء مستقل تابع لحكم الإمام وجزءان تم احتلالهما من قبل بريطانيا وبن سعود.. هذه الاتفاقيات وضعت الإمام يحيى في موضع (المفرط بالأراضي اليمنية في نظر اليمنيين) الذين لم تؤثر فيهم التجزئة.. وبدأ هذا الشعور يترجم على أرض الواقع حين بدأت تتشكل المعارضة لحكم الإمام يحيى حميد الدين وبدأ العمل السياسي المنظم ليشمل الوطن كاملاٍ من عام (1940م) حيث تأسست الجمعيات والمنظمات والحلقات الأدبية في جنوب اليمن خاصة »في عدن« وظهر التوجه السياسي نحو القضاء على الإمامة كما قامت مجموعة من أبناء اليمن وهم الطلاب الذين كانوا يدرسون في الأزهر الشريف بالقاهرة من أبناء الشطرين بتوقيع وثيقة تشكيل كتيبة الشباب اليمني الأولى.. هذه الوثيقة أكدت شعور أبناء اليمن بوحدتهم ووحدة مصيرهم في مواجهة الاستعمار والاستبداد سواء كانت الإمامة في شمال اليمن أو الاستعمار البريطاني في جنوبه كما تشكلت عدد من الأندية والجمعيات الثقافية والاجتماعية القروية مثل (النادي الأغبري والنادي الذبحاني) التي كانت تساعد الفارين من طغيان وظلم الإمام يحيى وكل هذه النشاطات أدت إلى تعميق الترابط بين اليمنيين في الشطرين.. وقد حاولت بريطانيا تكريس الانفصال وتمزيق أبناء اليمن فقامت بتأسيس جمعيات تهدف إلى توجيه الفكر والثقافة للتعبير عن مصالحها ولضرب التوجه الوحدوي من الداخل مثل الجمعية العدنية التي رفعت شعار »عدن للعدنيين« وكذلك »رابطة أبناء الجنوب العربي« إلا أنها فشلت في ذلك أما اليمنيون فقد قاموا بتشكيل العديد من الحركات والجمعيات التي أتخذت الوحدة اليمنية هدفاٍ لها وعن طريقها تمكنوا من القضاء على الحكم الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب ويؤكد ذلك ما أوردته »فالكوفا« قائلة: من الخطأ عدم ذكر الروابط العميقة بين سكان عدن والمحميات من جانب واليمن من جانب آخر في مجال النضال من أجل التحرر الوطني فقد تطورت هذه الروابط بين قوى حركة التحرر الوطني في المنطقة بشكل كبير خاصة بعد الحرب العالمية الثانية فقد اجتمع في القاهرة في فبراير عام 1961م ممثلو الأحزاب في المنطقة بقصد تكوين تجمع واحد لخوض النضال حتى النهاية من أجل تصفية النظام الملكي في الشمال وتحرير الجنوب اليمني المحتل.
عدن قاعدة انطلاق
وتؤكد البحوث التاريخية الحديثة أن حركة المعارضة للإمام يحيى نشأت كبقية الحركات في اليمن في الشطر الجنوبي للتعبير عن تضامن أبناء الشعب اليمني الواحد ووقوفهم في وجه الحكم الإمامي حيث كانت »عدن« قاعدة انطلاق لحزب الأحرار اليمنيين الذين انتقلوا من الشطر الشمالي إلى الشطر الجنوبي بعد أن فشلت محاولاتهم للإطاحة بالحكم الإمامي حيث بدأ الأحرار بمناهضة حكم الأئمة ووقفت أعداد كبيرة من أبناء المناطق الجنوبية في عدن إلى جانب »حركة المعارضة« فتم تكوين أول منظمة سياسية للأحرار اليمنيين »الجمعية الكبرى« والتي أصدرت صحيفة »صوت اليمن« في عام 1946م وأنضم إلى هذه الحركة سيف الحق إبراهيم ابن الإمام يحيى وحشدت الطاقات المادية والسياسية ضد حكم بيت حميد الدين حتى قيام ثورة 1948م التي قضت على الإمام يحيى إلا أن الإمام أحمد ابنه تمكن من القضاء على ثورة 48م وإعدام من قبض عليهم من الثوار وأراد الإمام أحمد بعد توليه الإمامة القضاء على حركة المعارضة اليمنية في مهدها »عدن« فتم التفاوض مع بريطانيا وتوقيع معاهدة لندن عام 1951م التي نصت على عدم دعم الانتفاضات القبلية المناوئة لبريطانيا في المحميات مقابل عدم تأييد بريطانيا للحركة الوطنية المناوئة لنظام الإمامة في الشمال بيد أن الثوار واصلوا نشاطهم في القضاء على حكم الأئمة في شمال اليمن بتفجير الحركة التي نفذها أحمد الثلايا عام 1955م وعلى الرغم من فشل هذه المحاولات فإن ذلك لم ينل من معنويات الأحرار بل قام اليمنيون من الشطرين باختلاف اتجاهاتهم وآيدلوجياتهم في مستعمرة »عدن« بتشكيل الجبهة الوطنية المتحدة وانضم اليها الاتحاد اليمني الذي تكون عام 1952م أي أن الأحرار اتحدوا من الشمال مع المناضلين من الجنوب ورفضوا جميعاٍ التجزئة بين الشطرين وكان من أهداف الجبهة تصفية الاستعمار البريطاني في الجنوب واسقاط نظام الإمام في الشمال.
عدن الحاضن الأمين للطلائع ومركز الحركات الوطنية
التصنيفات: تحقيقات