نــور باعباد
كم هي الغبطة والسرور التي نحياها بصرف النظر عن معاناتنا في ما لو لم يكن هناك منجز وطني في حياتنا بحجم ثورة سبتمبر العظيمة ونحن نكمل 48 عاما منذ قيامها وبعيدا عن التبسيط والتسطيح للأمور فإن معاناة شعبنا التي ولدت النضالات المستمرة والوقوف في وجه الإمامة البغيض تطلبت الإحساس بعمق الظلم والتحلي بشجاعة أدبية لرفض جبروت الإمامة كانت أقل عقوبة من يجرأون على معارضته أن يجرجروا – الأحرار وهم حفاة مربوطون بسلاسل ترهقهم طول المسافات وهم صفوة علماء ورجالات المجتمع ليلقوا مصيرا مجهولا في اقبية وسجون الإمامة.. هذا نمودج للتعمق في حجم المعاناة التي كان الحال عليها لادراك الحاجة للثورة والحد من حالة وقوف الزمن عندنا حينها لذا لا ننظر لمعاناتنا اليوم وتباين وجهات نظرنا ونحملها ثوابت هي أكبر وأجل وليست ملكنا معتقدين أن الحل هو التراجع والبكاء على أطلال الماضي وألا تكون حسراتنا أكثر من تمسكنا بمنجز الثورة .
إن تبايناتنا هي صفة طبيعية للبشر وعلى قاعدة أن الاختلاف لا يفسد للود قضية ولايعني القبول بالواقع وتسطيح الأمور أننا بحاجة للدخول في معركة متعددة تشمل أهدافا رئيسية وعديدة في مقدمتها الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق وحدتها وهو ما حققه شعبنا كمنجز عظيم لا يقل في أهميته الاستراتيجية عن ثورتي سبتمبر واكتوبر.
إننا أمام معترك يهدد كثيراٍ من أمانينا الوطنية غاب عند البعض ضخامة التضحيات وأعواد المشانق ودماء سالت ورهائن استرقهم نظام الإمامة لكل من أراد منه أن يقوم بمهمة إدارة أحوال الناس لينصاعوا مكرهين لإذلال الرعية والشعب.
ترى هل من السهولة بمكان أن نتجاهل أو نتناسى أننا في مرحلة زمنية هامة¿.. فنحن من عاش كل تلك المتغيرات التاريخية وشاركنا بحسب دور ومكانة كل فرد في تأسيس دعائم هذا النهج الوطني الديمقراطي ويجب أن نحافظ عليه وألا ننظر لمعاناتنا ونساوم بها معتقدين أننا بمنأى عن أية صعوبات.
إن التعددية والمناخ العام وماتتسم به مرحلة العولمة من قدر من حرية التعبير والممارسة تجير للاسف لتمس الثوابت الوطنية وتشجع حالات الانقسام والتشرذم وتفتت البنية الثقافية والاقتصادية بالتهام القوى الكبيرة للقوى الصغيرة ويسهل ذوبانها وبالتالي النيل من هويتها ومقومات بقائها وتنفيذ أجندات القوى الكبرى.
لن يرحمنا التاريخ والوطن ولن يحترمنا أحفادنا ولا ينبغي ان نضع معاناتنا بمقاربة مع ثوابتنا كونها حق أزلي لايقارن ويجب أن ننطلق منه لنحافظ عليه.
إن الثورة بامتدادها الجغرافي – الوطن- ومترتباتها هو حق جماهيري انيط بالدولة كونها آلية عمل تستمد شرعيتها من ثقة المجتمع بأن تحمي الوطن وتدافع عنه لا أن يكون هناك اعتقاد باصطفاف هذا المنجز وتحييزه لصالح الدولة في الوقت الذي هو حق وطني سامُ ليس لأحد التباين أو النيل منه.
فضلت الكتابة بهذا النفس لكثرة ما شعرت به من حالات تناس عفوية ونظرات قصيرة المدى تحاول النيل من المكتسبات وعلى الجميع أن يهبوالتعميق مداميك الثورة السبتمبرة والأكتوبرية..