أجرى اللقاء:صـــادق الســــماوي
أكد أحمد القرشي رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة على أهمية تكامل الأدوار والتعاون بين المنظمات المهتمة بشؤون الطفولة باليمن لما لذلك من دور إيجابي في حماية الأطفال وتلمس احتياجاتهم وتقديم العون المباشر والقيام بالدور المطلوب منها.
وأشار القرشي في هذا الحوار إلى أهمية ابتعاد تلك المنظمات عما أسماه بـ”التنافس غير الإيجابي” وعمل البروشورات والبوسترات موضحاٍ أن المطلوب هو قيام المنظمات بالنزول الميداني وتقديم العون المباشر والتعرف على احتياجات الأطفال فالجهود التي تقوم بها المنظمات في هذا الشأن ماتزال متدنية مقارنة بواقع الحال.
ونوه القرشي إلى أن أكثر العنف ضد الأطفال يحدث داخل الأسرة معتبراٍ التفكك الأسري أحد أسباب العنف.
> في البداية هل يمكن أن تعطي القارئ فكرة مختصرة عن قضايا الطفولة التي يتم مناقشتها والتطرق إليها حاضراٍ¿!
>> وضع الطفولة في اليمن سيىء للغاية فعندما يكون أكثر من ثلاثة ملايين طفل خارج التعليم يمثلون ثلث أطفال اليمن فإن ذلك وضع ينذر بكارثة في المستقبل وستجد نفسك أمام أمية أبجدية في حين أن العالم قد تغلب على الأمية الحاسوبية ولدينا أكثر من 3 . 5 مليون طفل يعملون في أسوأ أشكال عمالة الأطفال وهناك تجارة وتهريب للأطفال وبحسب مصادر رسمية تم رصد 400 طفل تم تهريبهم إلى المملكة العربية السعودية سيتم استغلالهم بصورة بشعة جداٍ سواء في الجنس أو العمل كما أن المرافق التعليمية في اليمن غير صديقة للطفل طاردة للتعليم ففي دراسة قمنا بها بالتعاون مع مكتب التربية والمجلس المحلي في الحديدة حول معدل التحاق الأطفال بالتعليم ومواقف أولياء الأمور وجدنا أن قرى بأكملها نسبة التحاق الأطفال ذكوراٍ وإناثاٍ صفر٪ كما لا توجد المسؤولية الاجتماعية تجاه الأطفال وما يخص الوضع الصحي فقد تخلصت الجمهورية اليمنية عام 2009م من شلل الأطفال وهذا يعتبر منجزاٍ تاريخياٍ مطلوب الحفاظ عليه من خلال التطعيم وتوسيع قاعدة الوعي بأهمية التطعيم بين الناس وحفظ الحدود من المتهربين لدينا قضية أخرى هي مشكلة الأطفال في صعدة الذين يعانون من حرب صامتة في ظل نقص المعونات الإنسانية للنازحين في المخيمات من قبل هيئة الإغاثة الدولية مما سيضطر الكثير إلى العودة إلى قراهم وهي قرى غير آمنه ومفخخة بالألغام تعرض حياة المدنيين والأطفال للخطر فمنذ وقت الحرب في فبراير الماضي رصدنا أكثر من سبعة عشر انفجاراٍ راح ضحاياها أكثر من 40 شخصاٍ غالبيتهم أطفال.
> من خلال ارتباط نشاطكم برأيك كيف تشخص وضع الطفل في اليمن وماهي احتياجاتهم¿
>> هم بحاجة إلى العديد من الموسسات الحكومية وغير الحكومية الفاعلة والتي تعمل على الأرض وليس تقارير وهمية من داخل المكاتب.. أيضاٍ يحتاج الأطفال إلى منظمات مجتمع مدني أكثر فاعلية ولتتحول من منظمات البرشورات والبوسترات والكلام داخل الفنادق والغرف المغلقة إلى منظمات تقوم بالنزول الميداني وتقدم العون المباشر والتعرف إلى ماذا يحتاج الأطفال من ثم تقوم بما هو مطلوب منها كما أن جهود المنظمات بحاجة إلى تكثيف.
توجهات عملية
> ما هي البرامج التي تعملون عليها لحماية الطفل¿ وما هي تطلعاتكم المستقبلية في هذا الموضوع¿!
>> منظمة سياج منذ تأسيسها تستشعر قضايا الأطفال المحورية والحساسة وتقوم على النزول الميداني والخدمة المباشرة وتقوم بتقديم العون القضائي للأطفال المنسيين وتقديم الدعم النفسي عبر خدمة نسمعك الموجود في مستشفى الرسالة النفسي ولدينا مركز لرصد الانتهاكات هو الوحيد في الجمهورية يرصد الانتهاكات والعنف الموجه ضد الأطفال وتحليل البيانات وأضرارها على شكل تقارير تسهم في تحديد التدخلات والمعالجات المطلوبة سواء كانت من قبل المؤسسات الحكومية أو من قبل منظمات المجتمع المدني أو المنظمات الدولية المانحة لأن ما ينقصنا في اليمن هو المعلومات والإحصائيات والجهود الموجودة متدنية مقارنة بواقع الحال الذي ينذر بكارثة لأن هؤلاء الأميين معرضون للانخراط في عصابات الجريمة وتجارة المخدرات والجنس وفرائس سهلة للإرهاب وللمنظمات الخارجة على القانون وبالتالي على الحكومة والمنظمات القيام بتوجيهات عملية للتصدي لهذه المشاكل وتوعية الناس بأهمية التربية والتعليم.
> ماهي أوجه التعاون بينكم والحكومة والمنظمات الدولية¿!
>> نحن نتمتع بعلاقة جيدة مع الحكومة وعلى شراكة مع الكثير من المؤسسات الدولية كاليونيسف وCHF والاتحاد الأوروبي ومبادرة شراكة شرق أوسطية كلنا تجمعنا وحدة الهدف والفئة التي نعمل عليها ونستفيد منهم في جانب التأهيل والتدريب وبناء القدرات.
شراكة كبيرة
> هناك من يقول أن بعض منظمات المجتمع المدني تنفذ أجندة مشبوهة ما تعليقكم على ذلك¿!
>> خلال سنة عملنا ما لم تعمله الكثير من المنظمات خلال عشر سنوات وبشهادات حكومية واستطعنا أن نرتبط بشراكة كبيرة مع مؤسسات دولية مانحة لم نجد أي تدخل في أعمالنا أو يتم اشتراط وتحديد أجندة معينة والواقع أن هناك منظمات مانحة تريد العمل على قضية معينة نجحت فيها في دولة أخرى وتطرح رؤية تعتبرها نجاحاٍ من وجهة نظرها وتريد تطبيقها إلا أن الوضع الاجتماعي والعادات والتقاليد في اليمن لا تسمح بالتالي من واجبنا كمجتمع مدني أن نقول لهم أن هذه الرؤية لا تتناسب مع المجتمع اليمني والحديث عن الأجندة الخارجية هو البطولة السهلة لبعض المتحدثين في ظل الاحتقان الشعبي لما تمارسه أميركا وهناك بعض مؤسسات المجتمع المدني تحب أن تنساق وراء الموجة لا يهمها أن هذا المشروع لا يتناسب مع المجتمع اليمني مما يعرضها للنقد وفرصة للبعض ليعملوا من أنفسهم حماة حمى الأخلاق في اليمن كما حدث في مسألة تزويج الصغيرات ومسألة الاتفاقيات الحقوقية والنوع الاجتماعيه في الغالب هي رائعة ومع حقوق الإنسان وفيها بعض النقاط تحفظ عليها المجتمع وبعض المنظمات تقوم بالتركيز على المواضيع الخلافية مما يعرضها للنقد المجتمعي.
> ما تقييمكم لعمل منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا الأطفال¿!
>> العمل جيد وكبير ومشكور ويحسب للمنظمات سواء كانت حكومية أو غير حكومية جميعها تعمل أعمالاٍ إنسانية وفي جوانب متعددة كالتعليم والصحة والحماية والمناصرة والتوعية إلا أنه في ظل الوضع الحالي تظل هـذه الجهود ضئيلة مقارنة بوضع المجتمع.
شهرة عاجلة
> هل تجدون عوائق في عملكم¿!
> نحن عملنا في قضايا في غاية الحساسية والإزعاج للحكومة أحياناٍ لم نتلق أي تهديد أو عتب أو عائق من جهة الحكومة أو جهة مجهولة كما يدعي الكثير من بعض المنظمات بأنهم مستهدفون ومتابعين من قبل جهات وهم بذلك يحاولون حصد شهرة عاجلة وسريعة باستغلال الأجواء بل وجدنا الكثير من الدعم والتأييد وبالذات من الجانب الحكومي.
> ماذا عن المنظمات التي تقوم بخدمة أجندة سياسية¿!
>> أنا استغرب من بعض المنظمات التي تسعى لخدمة أجندة سياسية نحن لسنا حزباٍ معارضاٍ بل منظمة مجتمع مدني هدفها الأساسي خدمة فئة معينة يجب أن يكون نصب عينيها هذه الفئة ورضا الحكومة والمعارضة وعدم رضاهما يأتي لاحقاٍ.
توزيع الأدوار
> ما هو المطلوب من المنظمات لتحسين أوضاع الطفولة في بلادنا¿!
>> تنسيق الأدوار والتكامل والتعاون في ما بيننا كما يجب على شبكة حماية حقوق الطفل وهيئة تنسيق المنظمات غير الحكومية العاملة في قضايا الطفولة أن تجلس مع المنظمات العاملة على مستوى الوطن أو المحافظات وتقوم بتوزيع الأدوار لتفادي التشتت والتكرار والتضارب الذي قد يصل أحياناٍ إلى التنافس غير الإيجابي.
> ما طبيعة عمل وحدة رصد الانتهاكات¿!.. وما هي الحالات التي يتم رصدها¿!
>> تم تدشين وحدة الرصد عام 2008م لرصد الانتهاكات والممارسات غير القانونية التي يكون ضحاياها دون الـ18 من العمر على مستوى الجمهورية وتم في 2009م إنشاء قسم المساندة القانونية يركز على الأسر الفقيرة ممن يتعرض أطفالهم للانتهاكات أو الأطفال الجانحين عند عرضهم على القضاء من خلال محامين متطوعين وأما الانتهاكات التي يتم رصدها فتتمثل في القتل والشروع في القتل والانتهاكات الجنسية والتعذيب الجسدي والنفسي وتزويج الأطفال خصوصاٍ الإناث وأسوأ أشكال عمل الأطفال وتهريب الأطفال إلى الخارج والاتجار بهم والخطف والاحتجاز والسجن غير القانوني ويتم الرصد من خلال البلاغات المباشرة إلى المنظمة والاتصال على الخط الساخن والمعلومات التي يؤمنها متطوعون من سياج – يصلون إلى 300 متطوع – والمصادر الرسمية وما تنشره وسائل الإعلام فخلال عام 2009 تم رصد 860 حالة عنف ضد الأطفال وقمنا بتحليل 297 حالة تحليلاٍ دقيقاٍ وعلمياٍ في تقرير سيصدر قريباٍ لتتعرف على العنف من حيث الأسباب والمشكلات التي تتسبب في ازدياد العنف ضد الأطفال.
> ما هي الآليات التي تقومون بها لمعالجة مثل هذه القضايا¿!
>> نقوم بالتواصل مع الجهات المعنية ونتأكد من وقوع الحادثة ومن ثم تعرض العون القضائي بحكم الاتفاقية الموقعة بين سياج ونقابة المحامين اليمنيين ومتابعة تلك القضايا في النيابات والمحاكم ونجحنا في سبع قضايا تم الحكم فيها ولدينا القصص المصورة للتربية والتوعية بالديمقراطية وحقوق الإنسان باعتبار هذا من العوامل المساعدة على التخفيف من العنف ضد الأطفال لأن أكثر الانتهاكات تحصل بسبب قلة الوعي من الفاعل والمفعول به.
> كيف تقيم تعاطي الإعلام بشكل عام مع قضايا الطفولة¿!
>> هناك توظيف للقضايا غالباٍ بمعنى أن الإعلام المعارض يقول إن الحكومة مقصرة والإعلام الحكومي يقول إن الأمور على ما يرام والأفضل هو الإعلام المستقل ولكن هناك توجيهاٍ من الإعلام الحكومي في الفضائيات والإذاعات التي بدأت تناقش الكثير من القضايا كانت محظورة بكل شفافية ووضوح.
> الأطفال والتعليم.. ما هي أهم ملاحظاتكم حول هذا الموضوع في ظل ازدياد أعداد المتسربين من التعليم وخاصة الفتيات¿!
>> مشكلتنا الكبيرة في التعليم هي عدم وجود إلزامية في التعليم وإلا فالمنافسة بسيطة لدينا المدارس والإمكانيات المؤهلة لذلك أيضاٍ لو وجد تعاون بين التربية والأوقاف والمجالس المحلية وعقال الحارات والشخصيات الاجتماعية لإشعار الآباء بأنهم ملزمون بتدريس أبنائهم ذكوراٍ وإناثاٍ ستنتهي مشكلة التسرب وعدم الالتحاق بالتعليم.
جرائم استثنائية
> العنف الأسري ضد الأطفال كيف تتعاطون معه¿!
>> لمعلوماتك أن أكثر العنف ضد الأطفال يأتي من داخل الأسرة والتفكك الأسري هو أحد أسباب العنف والعنف من الأشخاص الغرباء قليل قدر ما هو داخل الأسرة وللأسف الشديد لا تزال البلاغات قاصرة ومتدنية إلا ما تسببت بمشكلة خطيرة للطفل وتتعاطى معها كأي شخص يرتكب جريمة لا يهمنا من يكون أبوه أو أمه وجريمتهما مضاعفة لأنهما مسؤولان عن حماية ورعاية هذا الطفل والمطلوب من الجهات القضائية اعتبار قضايا العنف ضد الأطفال جرائم استثنائية ومستعجلة لدينا مثلاٍ جريمة اغتصاب طفل وتم الإثبات في القضية في محكمة من المحاكم ولها ثلاث سنوات لم يتم البت فيها وهذا قد يتسبب في حرب قبلية.
> كلمة أخيرة¿!
>> أتمنى من الإخوة في هيئة تنسيق المنظمات غير الحكومية العاملة في حقوق الطفل والشبكة الوطنية لحماية حقوق الطفل أن يقوموا بدور إيجابي في تنسيق وتوزيع الأدوار بين المنظمات وتلمس مواطن التكرار والإهمال وردم الفجوات ونتمنى من الحكومة أن تولي المجتمع المدني اهتماماٍ خاصاٍ وتعمل على إيجاد قوانين وتشريعات من أجل أن تكون في أفضـــل حالاتها ولدينا قــانون جــيد نرجـو أن يـتم تــطويره إلــى مـا هو أفــــــضل لأن هــــــناك مــحاولات للتــــراجع عــن هــذا الــقانون..