تحقــــيق/ عاصم هاشم- صادق السماوي
في خطوة إيجابية لتمكين الشباب وتفعيل دورهم ليكون لهم أثر ايجابي على مستقبل البلاد اجتماعياٍ واقتصادياٍ وثقافياٍ وايماناٍ من منظمة رعاية الأطفال بإشراك الشباب بصورة إيجابية في تحديد مستقبل مجتمعاتهم نظمت منظمة رعاية الأطفال برنامج تمكين الشباب بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة وبدعم من الوكالة الاميركية للتنمية الأسبوع الماضي فعاليات المؤتمر الاقليمي لتمكين الشباب بمشاركة عدد من الدول العربية والذي استمر لمدة ثلاثة أيام متتالية وقد كان الهدف الرئيسي من المؤتمر هو تمكين الشباب اليمني من خلال خلق خيارات متعددة ايجابية وعملية ومعرفية من شأنها المساهمة في استقرار المجتمعات والاستفادة من برامج القيادة والمهارات الحياتية ودعم القدرات القيادية والتنظيمية للشباب وذلك بالعمل المباشر مع فئة الشباب والمؤسسات الشبابية والافراد العاملين مع الشباب والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة هو ماذا بعد المؤتمر هل ستترجم توصياته على الواقع الحياتي للشباب أم أنه سيظل حبراٍ على ورق كسائر المؤتمرات التي عقدت في السابق وانفضت هكذا دون جدوى
»الوحدة« في التحقيق التالي خلال متابعتها لوقائع المؤتمر سلطت الضوء على قضايا الشباب اليمني ومايواجهه من معاناة وصعوبات على كافة الأصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية …إلخ
أوصى المشاركون في المؤتمر الاقليمي لتمكين الشباب في ختام أعماله الأسبوع الماضي بسرعة إقرار واصدار قانون حماية النشء والشباب لما فيه من أهمية في عملية تمكين الشباب في مختلف المجالات بالإضافة إلى استخدام أراضي وعقارات الدولة ونسبة من مصاريف الزكاة وايرادات الاوقاف بما يكفل تمكين الشباب في مختلف المجالات والاستفادة من السياسات والبرامج والمشاريع الدولية والعربية المتعلقة بتمكين الشباب..
وأكدت التوصيات على ضرورة إضافة منهج مهني مهاراتي في المرحلتين الأساسية والثانوية من التعليم وإدراج البرامج الحقوقية والولاء الوطني في مختلف المراحل التعليمية كنشاط مدرسي..
ودعا المؤتمر إلى إنشاء مؤسسة ائتمانية تقوم بإعطاء الشباب الضمانات اللازمة لتوظيفهم أو حصولهم على قروض لتمويل مشاريعهم وكذا دعم مشاريع البحث العلمي للشباب والاهتمام بالموهوبين والمبدعين وتخفيض رسوم الدراسات العليا للشباب بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات الحكومية ورجال الأعمال واتاحة فرص عمل للشباب وتمكين الفئات الأقل حظاٍ »معاقين مهمشين وذوي احتياجات خاصة في كافة المجالات مؤكداٍ ضرورة قيام الحكومة والقطاع الخاص بالتوسع في مجال إنشاء المعاهد المهنية بما يتواءم مع متطلبات العصر وسوق العمل الحديث للمساهمة في تمكين الشباب ورفع قدراتهم للدخول في سوق العمل الوطنية والإقليمية وتوفير الكادر المتخصص لذلك بالإضافة إلى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب وتطبيق مضامينها وإنشاء شبكة وقاعدة بيانات تشمل كافة الجهات العاملة في مجال تمكين الشباب..
خطة وطنية
يقول أحمد العشاري وكيل وزارة الشباب والرياضة أن الدولة أعدت تصوراٍ لخطة وطنية لتمكين الشباب في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمشاركة في اتخاذ القرار وستكون هناك شبكة علاقات بين مختلف القطاعات التي تهتم بقضايا الشباب.
وأشار العشاري إلى أن المؤتمر الإقليمي لتمكين الشباب يعد الأول من نوعه في اليمن وهو خطوة ايجابية ومتميزة ويبشر بمستقبل زاهر للشباب وستشهد الأيام القادمة حركة في مجال تمكين الشباب والتقدم في طريق التنمية والبناء لانه لا تنمية ولا بناء بدون الشباب لأنهم عماد التنمية.
وأضاف أن المشاكل التي يعاني منها الشباب لن تعالج إلا ببرامج تنموية وتوعوية وتمكين اقتصادي وثقافي وسياسي واجتماعي وعلى المؤسسات المعنية بالشباب وبالذات التربوية تنمية مهارات الشباب وتحمل مسؤوليتها وأن تخصص الإمكانيات الكافية لتدريبهم وتأهيلهم.
ناقوس الخطر
من جانبه أوضح عبدالله الخميسي من منظمة رعاية الأطفال أن هدف المؤتمر هو تعزيز وتمكين الشباب في الجمهورية اليمنية من خلال التطرق إلى موضوع التمكين من مختلف الجوانب وليس الجانب الاقتصادي فقط بل يتعداه إلى التمكين السياسي والاجتماعي والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية بايجابية.
وقال: ان أغلب ما ركز عليه المشاركون هو التعليم لأنه سواء كان الاساسي أو الثانوي أو الجامعي يعتبر احدى ركائز تمكين الشباب من أجل أن يكون لهم دور فاعل ومهم في المجتمع..
مشيراٍ إلى أن هناك نقطة يجب التركيز عليها وموجهة إلى الحكومة وهي إلى أي مدى تريد ان تمكن الشباب:
وبالتالي لا بد أن يكون في صنع القرار وفي سياسات الحكومة محددات واضحة لتنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس وتوصياته ولقاءاته مع الشباب والتي في مجملها أكد على ضرورة تمكين الشباب.. إذن عليها أن تحدد ما هي السياسات والإجراءات القانونية والتشريعية والعملية والتنفيذية التي تسعى من خلالها لايجاد شباب متمكن وفاعل.
وقال الخميسي: الشباب اليمني يواجهه الكثير من التحديات والتقارير التي تقدمت بها وزارة التخطيط والمؤسسات المانحة تدق ناقوس الخطر لأن الشباب اليمني يجب عليه الالتفات إلى واقعه في مختلف المستويات التعليمي والصحي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي وإذا أردنا أن نضمن لليمن مستقبلاٍ أفضل وواعداٍ ولا يكفي أن نتغنى فقط بالشعارات والقرارات بل يجب عكسها إلى الواقع المعاش وأن يتمكن الشباب من الوصول إليها لأن هناك كثيراٍ من المبادرات الحكومية ومن منظمات المجتمع المدني لكنها بعيدة عن الشباب ولا يعرف عنها شيء وبالتالي يجب أن تكون هناك مبادرات أقرب إلى الشباب وأن تمكن الشباب خاصة في الريف من الوصول إلى هذه المبادرات والفرص لبناء انفسهم ووطنهم ويجب على الشباب المبادرة والسعي لإبراز قضاياهم ومشاكلهم وإظهارها إلى السطح ليتم معالجتها وتجاوزها وأن لا يكونوا سلبيين في التعامل مع قضاياهم ومشاكلهم.
الفقر والبطالة
سماح عبدالحميد سعيد من جمعية الأسرة والمجتمع في أبين أكدت أن واقع الشباب اليمني اليوم يغلب عليه الفقر والبطالة رغم أن كثيراٍ منهم تعلم ولديه مهارات ولكنهم لم يجدوا المكان المناسب لاستغلال هذه المهارات وقد تأتي فرص ووظائف وتذهب لاناس معينين غير مؤهلين رغم أن هناك شباباٍ لهم الأولوية في هذه الوظائف.
واشارت إلى أنه لن يكون هناك مستقبل زاهر للشباب إلا إذا قامت الدولة بمشاريع واستثمارات وقدمت الفرص للشباب في كافة المجالات واستغلال طاقاتهم الشبابية والإبداعية بشكل أفضل ولمصلحة الوطن وليس عكس ذلك كما هو حاصل اليوم.
تفعيل القوانين
اما شائف عبدالله الجابري منسق مؤتمر تمكين الشباب التابع لمنظمة رعاية الأطفال بمحافظة إب يتوقع أنه إذا استمر نشاط وفاعلية الشباب أن تكون هناك سياسات عملية وخاصة في تمكين الشباب وتفعيل القوانين الخاصة بهم والتوعية عليها لأن غالبية الشباب لا يعرفون القوانين الخاصة بهم بالتالي لا يدرون ما هي حقوقهم وما هي واجباتهم تجاه بناء وطنهم.
وقال الجابري: ان على الشباب معرفة احتياجاتهم الحالية في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية والتي معها تتغير مطالبهم ونظرتهم للمستقبل والتغير الحادث بمفهوم التنمية الذي تقوده الدولة كخطط خمسية وخطط خاصة بالوزارات والمؤسسات تعود بالتالي إلى تغير برامج وفهم الشباب للتنمية لذلك تحاول وتسعى لإيجاد قوانين جديدة لخلق سياسة أفضل لبرامج وتمكين الشباب.
واشار إلى أن الشباب اليمني يمتلك القيادة ولكن ينتظر التغيير وللأسف وجود جزئية كبيرة منهم تنتظر الفرصة ولا تحاول البحث عنها كما ينقصها العمل الجماعي والمبادرة وكيف تتفاعل مع المجتمع وكيف تغرس حب الوطن أكثر مما هو جانب إعلامي وكيف تعيش مع الوطن وتعمل لأجل الوطن.
واقع مؤلم
إبراهيم النظاري عضو مبادرة بصمة شباب يرى أن الشباب اليوم مختلف عما كان عليه قبل قيام الجمهورية اليمنية في 1990م لعدة متغيرات منها انتهاج ثقافة الديمقراطية والتي مكنت المواطن ومنهم الشريحة العظمى وهم الشباب في التعبير عن رأيهم والمطالبة بحقوقهم وتركت المجال أمام الشباب في المشاركة في البناء والعطاء عكس ما كانوا عليه إبان التشطير.
من جانبه يؤكد محمد الارياني مسؤول تمكين الشباب في منتدى صناع الحياة أن واقع الشباب اليمني مؤلم ويعاني ويلات رغم أنه يمتلك قدرات ومهارات تؤهله لبناء الوطن ولكنه لا يجد الأذن التي تسمعه واليد التي تمتد إليه وتأخذه إلى طريق النجاح..
وقال الارياني: »لو استغل الشباب بشكل أفضل سيكون الوطن أفضل وعلى الشباب أن لا ينتظر اللقمة لتأتي لفمه بملعقة الذهب إذú لابد أن يسعوا وراء متطلبهم بأنفسهم ويعملوا على خدمة وبناء هذا الوطن«.
مساعدة الشباب
من جانبها ترى هافانا سعيد- مشاركة من محافظة عدن- أن حاضر الشباب يبشر بالخير وكون الدولة والمنظمات المانحة ومنظمات المجتمع المدني بدأت تهتم وتلتفت إلى دور الشباب وتعمل على معرفة المشاكل التي يعاني منها والعمل على معالجتها وهذا المؤتمر خير دليل حيث ضم عدداٍ كبيراٍ من الشباب يمثلون مختلف محافظات الجمهورية للخروج بهدف واحد هو كيف يتم مساعدة الشباب والاستفادة منهم في خدمة وبناء الوطن.
ودعت الشباب إلى المبادرة لأن الفرصة متاحة أمامهم عن طريق الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تقوم بدعم مشاريع الشباب الصغيرة وتدر عليهم المال وبفضل هذه السياسات التي تنتهجها الدولة سيكون المستقبل أفضل وبالتالي سيكون قادراٍ على المشاركة في صنع القرار وفي التخطيط لما هو في مصلحة هذه الشريحة.
انتزاع الحقوق
نسيم المليكي منسقة مبادرة حماية الأطفال واليافعين (صنعاء القاهرة الخرطوم) تقول أن التشريعات والقوانين المتعلقة بالشباب والحراك الحاصل في المجتمع المدني من منظمات واتحادات ونقابات وجمعيات جميعها تبشر بمستقبل واعد للشباب رغم أن البعض يوظفها لمصالحه الشخصية ولدى الشباب فرص في المستقبل في إطار الدعم الدولي وتوجهات الحكومة في تمكين الشباب ولكن لا يكلل هذا بالنجاح إذا لم تكن هناك إرادة حقيقية من الشباب لانتزاع حقوقهم القانونية ويمارسونها على أرض الواقع ومقابل هذه الحقوق يؤدون واجباتهم التي يجب أن تكون وفق الدستور والقانون..
ودعت المليكي الشباب إلى تطوير مهاراتهم قبل أن يطالبوا بفرص عمل لأن الوظيفة الحكومية ليست هي المجال الوحيد الذي يمكن أن ينطلقوا منه فهناك قطاع خاص واعد ومنظمات مجتمع مدني وأعمال حرة يمكن أن ينطلقوا منها والاستفادة مما هو متاح وبالذات الدعم الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني.
وقالت المليكي أن هناك ثلاث وزارات لا تقوم بعملها هي وزارة التربية والتعليم التي تعلم منهجاٍ اغفلت فيه الكثير لاسيما في تطوير المهارات والمشاركة والاعتماد على الذات وكذا وزارة الشباب والرياضة فهي بحاجة إلى إعادة هيكلة وتحديد أهداف واستراتيجية ماذا تريد من الشباب وإعادة تقييم للأدوار الموجودة الثقافية والرياضية تليهما وزارة الأوقاف والارشاد التي أصبح دورها مراقبا لمجموعة من الأنشطة التي بدأت تأخذ مسارات غير المسار المفروض عليها ومدارس تحفيظ القرآن بدأت تنشط مذهبياٍ وحزبياٍ لذلك يجب أن يكون هناك خطاب موحد للشباب يربطه بالوطن ويعزز فيه قيم البناء والعطاء.
العنف والإرهاب
استاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور أحمد عتيق قال أن المؤتمر يهدف إلى تمكين الشباب في حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتنمية مهاراتهم وقدراتهم في كافة المجالات وبالتالي يعد من النقلات النوعية والمحطات الهامة في حياة اليمن لأنها لفتت انتباه الحكومة إلى قضية شريحة هامة من المجتمع تمثل 50٪ تعمل على تمكين الشباب من خلال الخطط الخمسية عن طريق برامج تنفيذية وتأهيلية تعطي هؤلاء الشباب الفرصة في العمل وحق الأداء والتعبير عن الذات وإمتلاك القدرات والعمل بشكل دائم وفاعل مع مجتمعهم حتى نستطيع جميعاٍ أن نعمل على نهضة البلد وتطوره والقضاء على جميع الأفكار الضالة والتي دائماٍ ما يكون الشباب هم محور الاستهداف لها وبالتالي لا بد أن نعمل على تجاوز هذه المشكلات ونخرج الشباب من دائرة العنف والإرهاب والبطالة والفقر إلى دائرة الفعل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من أجل أن يكونوا أداة فاعلة في تنمية أنفسهم ومجتمعهم.
واشار الدكتور عتيق إلى أن المجتمع اليمني بكافة شرائحه وخاصة الشباب يعاني من مشكلات عدة أهمها الفقر والبطالة والعنف والإحباط والقلق والخوف من المستقبل وبالتالي ستكون توقعات الشباب حول مستقبلهم يشوبها كثير من الخوف والقلق وعلى الجهات المعنية بالشباب أن تفعل دور الشباب وتخرج نشاطهم من الكمون إلى الظهور وتجعل توقعاتهم إيجابية وفاعلة في سبيل الاعتماد على أنفسهم والثقة بمجتمعهم من أجل النهوض بواقع المجتمع ويكون اليمن في مصاف الدولة المتقدمة.
ودعا استاذ علم الاجتماع الشباب إلى التخلص من عقدة الخوف والقلق والتخاذل والتهاون وأن ينطلق من حالة الانتظار إلى حالة الفعل والإسهام الحقيقي في بناء وتطور البلد كما هو المتوقع منهم لأنهم عماد المستقبل وثمرة الحاضر..