تب/ صادق علي:
قال الدكتور عبدالعزيز المقالح المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني أن الوحدة هي قدر ومصير هذا الوطن وبدونها نتفتت ونعود إلى دوامة الصراع الذي لا يتوقف عند سلسلة الشتائم والتخوين وإنما يمتد إلى أن بلغ المواطن في دم أخيه خدمة للشيطان وتحت إعلاء شأن الحزب والقبيلة والطائفة.
واشار الدكتور المقالح في ندوة »عشرون عاماٍ على تحقيق الوحدة اليمنية« التي اختتمت اعمالها يوم أمس الأول إلى أن هذا البلد قد شبع كلاماٍ وخصاماٍ وتحليلات متناقضة تنطلق من الأهواء والمواقف الذاتية لا من الواقع وتحدياته القاسية والتي تزداد قسوة ومرارة نتيجة الرؤى الناقصة والمنحازة لا الرؤى العلمية الناقدة والفاحصة والقائمة على الحقائق الموضوعية والرغبة في تدارك ما افسدته الخلافات السياسية منذ الشهور الأولى لإعادة وحدة البلاد والنظر إلى الوطن باعتباره كعكة صالحة للتقسيم لا وطناٍ لكل أبنائه يحتاج إلى كل الجهود الخيرة من قمة السلطة إلى القاعدة.
واشار المقالح إلى أن وحدة الشعوب منذ كانت فكرة ليست حلماٍ طوباوياٍ وإنما وسيلة واقعية لتجمع القوى والإرادات وتفعيل القرارات الإنسانية في استغلال كل ما على الأرض من ثروات زراعية وبحرية ومعدنية.
وقال الدكتور المقالح كما نجحنا في طي صفحة التشطير للأرض الواحدة الذي انتجه التخلف والاستعمار وفق سياسة »فرق تسد« فقد كان على ابنائها كل ابنائها أن ينجحوا في محو التشطير المتغلغل في عقول بعض الناس ممن كانوا يرون في الوحدة إما مغنماٍ أو عائقاٍ لوصولهم إلى السلطة وحائلاٍ دون تحقيق طموحاتهم في شرذمة الوطن الواحد وتقزيمه وتفتيته إلى دويلات وسلطنات ومشيخات على غرار ما كان عليه حال الشطر الجنوبي من الوطن قبل أن يتحرر من الاحتلال الأجنبي.
وأضاف الدكتور المقالح أن النموذج التفتيتي البائس الذي أوجده الاحتلال ورعاه ما يزال يراود بعض الذين يعانون من قصور ذهني وتخلف وطني ومن المشدودين إلى الوراء بسلاسل من مصالح وهمية ذابت وتبخرت منذ رحل آخر جندي أجنبي كانت مهمته أن يحمي هذا التفتيت ويحافظ عليه لتحقيق المصالح الاستعمارية وأهدافها في المنطقة الممتدة من الهند إلى آخر مكان في غرب القارة الافريقية.
وقال: إننا نحاول استشراف مستقبل هذا الوطن في ظلال وحدته التي رسخت في اذهان الغالبية الساحقة من أبناء الشعب البسطاء الذين كانوا ومازالوا ينظرون إليها كتحصيل حاصل وكإيمان قديم وجديد بواقع قديم وجديد كان وسيبقى إلى الأبد والمطلوب أن يرتقي وعي بعض المثقفين والسياسيين إلى مستوى وعي شعبهم ويتعلموا منه أكبر دروس الوطنية وأن يلعب هذا البعض بعيداٍ عن الوحدة كقضية تمس جوهر الوطن ووجوده وصميم كيانه والتي هي أكبر من الحكام والأحزاب ولا يصح بل لا يجوز أن تكون طرفاٍ في الاختلافات السياسية كما لا يجوز أن تتحمل الوحدة نتائج التصرفات الخارجة على القانون والمنافية لمعاني المواطنة والمساواة.
واعتبر الدكتور المقالح الوحدة قاعدة والأخطاء ومعها الخطايا التي ترتكب هنا وهناك باسمها أو لإفسادها هي الاستثناء الذي تعاني أغلب شعوب الأرض لا بسبب وحدتها وإلتئام كيانها وإنما بسبب سوء الإدارة من ناحية وغياب الضمير لدى بعض المسؤولين من ناحية ثانية وطموحات بعض الطامعين في الحصول على سلطة ولو في شبر من وطن مفتت وما يبعث على الأمل ويخفف من وطأة القلق بدء الحوار الوطني وما يترتب عليه من انفراجه حقيقية لا على المستوى السياسي فحسب وإنما على المستوى الشعبي الذي انعكست عليه آثار التوتر وازماته المتلاحقة حيث لا خيار مع اليمنيين جميعاٍ سوى الحوار.
من جهته أكد نقيب الصحفيين الأسبق عبدالباري طاهر في ورقته »تصدع الوحدة واستحالة الانفصال« ان عدن منذ الاربعينيات قد أصبحت العاصمة الاقتصادية والفكرية والسياسية والأدبية لليمن فقد نشأت الحركة العمالية فيها وكانت تجارة اليمن كلها عبر موانئها كما ازدهرت الصحافة والمجلات الفكرية والمطابع والأندية الأدبية والثقافية والسياسية وتكونت فيها الأحزاب السياسية التقليدية.
وأوضح طاهر أن الوحدة لم تكن مطلباٍ ملحاٍ للأحرار والرابطة أو الأحزاب الخارجة من رحم الجمعية العدنية أو الجمعية اليمانية الكبرى وإنما طرحت الوحدة من قبل الحركة العمالية والأحزاب الحديثة القومية واليسارية وكانت عنواناٍ بارزاٍ في نضال الحركة العمالية والطلاب وكان العام 1955م محطة مهمة في بروز هذا العنوان فقد تأسست الجبهة الوطنية المتحدة.
كرد فعل انتخابات المجلس التشريعي ومشاركة رابطة أبناء الجنوب فيها وحرمان أبناء الشمال من المشاركة في هذه الانتخابات وقد تمكنت الجبهة من إفشال هذه الانتخابات لتصبح قضية الوحدة حقيقة سياسية في الحركة النقابية العمالية في الشارع السياسي في عدن وبالتالي في التكوينات السياسية الحديثة: المؤتمر العمالي (مارس 1956م) وحزب الشعب الاشتراكي (1962م) واتحاد الشعب الديمقراطي (1961م) وحركة القوميين العرب (1959م) وحزب البعث العربي الاشتراكي وأصدرت اللجنة التنفيذية لمؤتمر طلبة اليمن الدائم بمصر في 23 يوليو 1956م بياناٍ يربط بين النضال ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب وضد الامامة في الشمال كأقوى تأكيد على الوحدة اليمنية.
وأضاف نقيب الصحفيين الأسبق أنه لا مخرج من الأزمات غير التخلي وإلى الابد عن نهج الغلبة والقوة سواء بالنسبة للحاكم أو المعارضة أو أي طرف والبدء في حوار جدي وشامل لا يستثني أحداٍ ولا يستخدم تكتيكاٍ لأي نوع من الاقتسام أو للعبور إلى انتخابات تؤكد على تفرد طرف واحد بالحكم وتبقي جذوة الأزمة مشتعلة وليس من خيار أمام الجميع في الحكم والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات غير التحاور والتشارك بدلاٍ من الإلغاء والإقصاء والتهميش ولا خيار سوى القبول بالتعدد والاختلاف والتنوع في حياتنا العامة.
خيار الديمقراطية
من جانبه أشار الدكتور سمير العبدلي نائب رئيس المركز في ورقته »الوحدة اليمنية وبعض حصاد التجربة الديمقراطية« إلى أن قيام الوحدة اليمنية شكل مرحلة انطلاقة جديدة لكافة القوى السياسية ولجموع الشعب لإعادة صياغة الحياة السياسية على أسس الحرية والتعددية والديمقراطية يحتكم فيها الجميع لصناديق الاقتراع فكانت الانتخابات المتعددة خلال العشرين عاماٍ الماضية واستمرارها برغم العثرات دليلاٍ على الخيار الديمقراطي للشعب فكانت الانتخابات النيابية دورات ابريل 1993م وابريل 1997م وابريل 2003م أو الانتخابات الرئاسية والمحلية 1999م و 2006م والتي اعتبرت بالنسبة لليمن خطوة متقدمة على طريق الممارسة والتراكم الديمقراطي على الرغم من وجود بعض التجاوزات والاخطاء التي لابد منها خصوصاٍ في دول العالم الثالث كون اليمن من الدول الناشئة في مجال ممارسة الديمقراطية والتي لم يكن لديها رصيد تراكمي ديمقراطي ولا تقاليد مؤسسية ديمقراطية وبالتالي يحسب نجاح تجربة الديمقراطية بمدى التقدم الذي احرزته وعمق التفاعل الشعبي والسياسي الذي افرزته ومقدار التحولات الديمقراطية التي أجرتها على المجتمع في محاولاتها الأولى.
واضاف الدكتور العبدلي: ان من الأهمية والضرورة بمكان أن تعمل كل القوى السياسية مجتمعة خلال المرحلة المقبلة على تحقيق الأهداف التالية:
– التقاط مبادرة الأخ رئيس الجمهورية للحوار الوطني الشامل وإطلاق المعتقلين غير المشروط والإعداد للانتخابات القادمة والتعديلات الدستورية حيث أن الوقت يمر من بين أيدينا والمشكلات تزداد تعقيداٍ والوطن في حاجه ماسة لتكاتف كل أبنائه باعتبار أن الجميع شركاء فيه والمتربصون داخلياٍ وخارجياٍ بتشظي الوطن منتظرون علينا أن نعطي القدوة الوطنية على حساب مصالحنا الضيقة.
– وضع حلول استراتيجية وطنية على قاعدة المواطنة المتساوية تهدف إلى معرفة المشكلات وتحدد العلل والأسباب وتضع الحلول العلمية والمتابعة التنفيذية لها ومن أهم هذه المشكلات: قضية الحراك الجنوبي ومشكلات الحرب في صعدة والأزمة الاقتصادية ومشكلة الإرهاب ومشكلة بناء الدولة اليمنية الحديثة.
– تكليف لجنة علمية تضم نخبة من الأكاديميين المتخصصين والسياسيين لوضع تصور لمشروع وطني يهدف إلى رفع الوعي السياسي والديمقراطي للمواطنين كما يسهم في نشر وتعزيز قيم الديمقراطية والولاء والانتماء.
– أهمية قيام الأحزاب والتنظيمات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بالعمل على المواطنين إلى المشاركة السياسية الواسعة والخلاقة.
– أهمية القبول بالرأي والرأي الآخر مهما اختلفنا معه والاحتكام للغة الحوار والترفع عن المصالح الأنانية الضيقة.
– القبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة.
– ضرورة الاحتكام إلى المرجعيات التشريعية الناجمة عن انتخابات حرة نزيهة واحترام القانون.
– إن أهمية الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير والمشاركة تتزايد في عصرنا الراهن حتى أضحت مطلباٍ دولياٍ ملحاٍ وليس مطلباٍ وطنياٍ أو محلياٍ فقط فبناء الأوطان القوية يحتاج إلى مشاركة جميع أبنائها وأن تعلو أهمية الاحتكام للغة العقل والحوار على ما عداها وليس من خلال الاحتكام للغة فرض الأمر الواقع بالقوة على المجتمع وإلا لا معنى لديمقراطية هشة مفرغة من مضامينها قد تعرض الوطن والمجتمع لصراعات وتقلبات دائمة تأتي على الأخضر واليابس علينا من خلال تعلم الديمقراطية وممارستها ان نتقبل ونحترم الرأي الآخر..<
العشرين عاماٍ الماضية واستمرارها برغم العثرات دليلاٍ على الخيار الديمقراطي للشعب فكانت الانتخابات النيابية دورات ابريل 1993م وابريل 1997م وابريل 2003م أو الانتخابات الرئاسية والمحلية 1999م و 2006م والتي اعتبرت بالنسبة لليمن خطوة متقدمة على طريق الممارسة والتراكم الديمقراطي على الرغم من وجود بعض التجاوزات والاخطاء التي لابد منها خصوصاٍ في دول العالم الثالث كون اليمن من الدول الناشئة في مجال ممارسة الديمقراطية والتي لم يكن لديها رصيد تراكمي ديمقراطي ولا تقاليد مؤسسية ديمقراطية وبالتالي يحسب نجاح تجربة الديمقراطية بمدى التقدم الذي احرزته وعمق التفاعل الشعبي والسياسي الذي افرزته ومقدار التحولات الديمقراطية التي أجرتها على المجتمع في محاولاتها الأولى.
واضاف الدكتور العبدلي: ان من الأهمية والضرورة بمكان أن تعمل كل القوى السياسية مجتمعة خلال المرحلة المقبلة على تحقيق الأهداف التالية:
– التقاط مبادرة الأخ رئيس الجمهورية للحوار الوطني الشامل وإطلاق المعتقلين غير المشروط والإعداد للانتخابات القادمة والتعديلات الدستورية حيث أن الوقت يمر من بين أيدينا والمشكلات تزداد تعقيداٍ والوطن في حاجه ماسة لتكاتف كل أبنائه باعتبار أن الجميع شركاء فيه والمتربصون داخلياٍ وخارجياٍ بتشظي الوطن منتظرون علينا أن نعطي القدوة الوطنية على حساب مصالحنا الضيقة.
– وضع حلول استراتيجية وطنية على قاعدة المواطنة المتساوية تهدف إلى معرفة المشكلات وتحدد العلل والأسباب وتضع الحلول العلمية والمتابعة التنفيذية لها ومن أهم هذه المشكلات: قضية الحراك الجنوبي ومشكلات الحرب في صعدة والأزمة الاقتصادية ومشكلة الإرهاب ومشكلة بناء الدولة اليمنية الحديثة.
– تكليف لجنة علمية تضم نخبة من الأكاديميين المتخصصين والسياسيين لوضع تصور لمشروع وطني يهدف إلى رفع الوعي السياسي والديمقراطي للمواطنين كما يسهم في نشر وتعزيز قيم الديمقراطية والولاء والانتماء.
– أهمية قيام الأحزاب والتنظيمات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بالعمل على المواطنين إلى المشاركة السياسية الواسعة والخلاقة.
– أهمية القبول بالرأي والرأي الآخر مهما اختلفنا معه والاحتكام للغة الحوار والترفع عن المصالح الأنانية الضيقة.
– القبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة.
– ضرورة الاحتكام إلى المرجعيات التشريعية الناجمة عن انتخابات حرة نزيهة واحترام القانون.
– إن أهمية الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير والمشاركة تتزايد في عصرنا الراهن حتى أضحت مطلباٍ دولياٍ ملحاٍ وليس مطلباٍ وطنياٍ أو محلياٍ فقط فبناء الأوطان القوية يحتاج إلى مشاركة جميع أبنائها وأن تعلو أهمية الاحتكام للغة العقل والحوار على ما عداها وليس من خلال الاحتكام للغة فرض الأمر الواقع بالقوة على المجتمع وإلا لا معنى لديمقراطية هشة مفرغة من مضامينها قد تعرض الوطن والمجتمع لصراعات وتقلبات دائمة تأتي على الأخضر واليابس علينا من خلال تعلم الديمقراطية وممارستها ان نتقبل ونحترم الرأي الآخر..