محمد عبدالرحمن المجاهد
مما لا خلاف عليه ولا مراء ولا شك فيه أن قوة الشعوب والأمم دائما وأبدا لا تكون إلا بتماسكها ووحدتها الكاملة المتكاملة وإذا حدث أي انفصام لعرى أية أمة أو شعب كان نتيجة ذلك التمزق والفرقة والشتات والضعف والهوان بين الشعوب والأمم الأخرى وتصير تلك الأمة أو الشعب أو الدولة كنعجة ضعيفة في مأدبة الذئاب ينهشها كل شارد ووارد أو تصير ألعوبة يتقاذفها الطامعون والحاقدون في داخل البلاد وخارجها..
وذلك كان حالنا نحن اليمانيين قبل أن تعود وحدتنا المباركة في يوم 22مايو عام 1990م فقد كنا مطمع كل طاهش وناهش من القوى الرجعية المحلية والخارجية ومن قوى الاستعمار والتسلط حتى مزقنا شر ممزق بين إمامة كهنوتية ظالمة متجبرة فرضت علينا العزلة والتخلف والجهل والنزعات القبلية والمذهبية حتى أراد الله سبحانه وتعالى لنا الخلاص فقامت ثورة الشعب ثورة 26سبتمبر عام 1962م في شمال الوطن فقضت على ذلك الحكم الإمامي المباد ودخلنا عصر النور والتطور.
وبدأنا من تحت الصفر لنلحق بركب الآخرين ركب المعرفة والعلم والانطلاق نحو آفاق رحبة دون عوائق أو قيود وانطلاقاٍ من عملية التغيير امتدت الثورة اليمنية إلى جبال ردفان لتشعل ثورة 14أكتوبر لتكون حركة شعبية ومقاومة شرسة ضد الاستعمار وعملائه السلاطين في جنوب الوطن وبدعم سخي لا حدود له من نظام الثورة السبتمبرية الظافرة حتى تحقق النصر واندحار الاحتلال البريطاني وسلاطينه إلى غير رجعة.. ومع ذلك ظل الشعب اليماني بكل أطيافه وفئاته يدرك أن طموحه وآماله لم تتحقق كاملة فظل يتطلع إلى اليوم الموعود يوم الوحدة وعودة اللحمة اليمانية إلى وضعها الطبيعي وكانت إرادة الله فتحقق الطموح وتحقق الحلم الكبير الذي كنا نتطلع إليه ونعيشه ونتخيله في عقولنا وقلوبنا جيلاٍ بعد جيل فعادت الوحدة وارتفع علمها خفاقا في عنان السماء يوم 22مايو عام1990م رغم كل الأنانيات ومطامع التسلط والولاءات الخارجية.
واستمرت الوحدة بفضل الله وبالإرادة الشعبية رغم كل الضغائن والأحقاد من قبل أعداء الوطن ووحدته ورغم كل العثرات والأزمات والحروب التي أثارها المأزومون الذين تضررت مصالحهم أو الذين خاب فألهم بما كانوا يحلمون به أولئك ضعاف العقول ومرضى النفوس وها نحن نحتفل بالعيد العشرين لعودة الوحدة بعد تجاوز كل الأحقاد والعوائق والافخاخ التي حاول أعداء الوحدة نصبها في طريقها وكلها لا غرض منها ولا هدف إلا نقض عرى الوحدة وتمزيق البلاد ليعودوا يحكمون ولو شبراٍ من الأرض ..
ولا يدرك أولئك المهووسون أنهم سيصبحون بعد ذلك مجرد ألعوبات يلهوا بها الأقوياء وأحجاراٍ يتقاذف بها أعداء الوطن ويلتهمونهم واحداٍ وحداٍ وقطعة قطعة لتعود حليمة لعادتها القديمة فتعود الإمامة ويعود السلاطين ويعود الاحتلال تحت أية ذريعة أو تحت أية مظلة كما حدث للعراق وغير العراق لو كانوا يتعظون ولكن أنى لفاقدي الولاء الوطني أن يتعظوا أو يعتبروا.. ومن المؤكد أن وحدة البلاد وبقاءها وتماسك الجبهة الشعبية والرسمية تحت علم الوحدة سيكون الصخرة التي ستتحطم عليها كل التآمرات وسيكون السد المنيع أمام كل طامع وحاقد وعميل وخائن فالعداء للوحدة هو عداء للوطن وللثوابت الوطنية وهو بحق خيانة وعمالة لأعداء البلاد الذين تضررت مصالحهم وانقلبت خططهم رأسا على عقب لأن اليمن وشعب اليمن صارا بالوحدة وبالثوابت الوطنية أكثر وأشد صلابة أمام كل عوائد الزمان وتقلباته وأمام كل المؤامرات والدسائس التي تحاك في داخل البلاد أو خارجها.
ويكفي مثالاٍ وعبرة ما حدث في حرب صيف 1994م وما حدث من الحوثيين الذين استماتوا عبر ستة حروب محاولين أن يعيدوا تاريخهم الأسود البغيض وما حدث ويحدث الآن من أصحاب الحراك القتلة الساديين المدعومين بقوة من معارضة طاش صوابها لبعدها عن السلطة لكن الشعب بصلابته وتمسكه بوحدته وتماسكه قضى على كل تلك الأحداث وسيقضي على أية أحداث أو محاولات مستقبلية فقد انتصر وسينتصر رغم كل التخرصات ومحاولات ركوب ظواهر الإختلالات والأخطاء التي حدثت أو تحدث ليجعلوا من ذلك قميص عثمان لتحقيق مآربهم أو كلمة حق يراد بها باطل.
فهم بدلا من أن ينتقدوا الظواهر السلبية بذاتها ويسموها بأسمائها ويقدموا البدائل الأفضل لمعالجتها راحوا يجعلون منها مبررات وذرائع وأسباباٍ وادعاءات باطلة لفصم عرى الوحدة وإعادة تمزيق البلاد والقضاء على الثوابت الوطنية والمكتسبات التي حصلنا عليها عقب عودة الوحدة في الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والتنمية وحرية الرأي والتعبير ولأنهم ينطلقون من نوازع ذاتية حاقدة ومطامع خاصة بهم فقد جانبهم الصواب وصاروا يتخبطون خبط عشواء.
حيث جعلوا الوحدة مربوطة ومرتبطة بشخص الرئيس علي عبد الله صالح وحكمه وتناسوا أن الأشخاص مهما داموا ومهما طال عمرهم وعمر حكمهم فهم بلا شك زائلون ويبقى الشعب وتبقى وحدته التي هي غايته ووسيلته للعيش والحياة الكريمة ولكن لأنهم عاجزون ولأنهم ليس لهم وجود فاعل وقاعدة شعبية مؤثرة يستندون عليها للوصول إلى غاياتهم تجدهم يتخبطون خبط عشواء فهم يريدون السلطة أو المشاركة فيها وإلا سيهدمون المعبد على من فيه.
ولا تهم الوسيلة لذلك فهم يرفضون الاحتكام لصناديق الاقتراع ويرفضون الاحتكام أيضا لسلطة الأغلبية إذا كان ذلك سيعيقهم عن تحقيق مآربهم ذلك ما أثبتته نتائج كل الانتخابات السابقة البرلمانية أو المحلية أو الرئاسية فهم يماحكون ويراوغون ويضغطون على الحزب الحاكم ليعطيهم قضمة من السلطة ويشاركهم فيها دون أن يعرضهم للخسارة في أية انتخابات عندئذ سيهدأون ويرضخون ويستكينون طوال ما هم في السلطة أو مشاركين فيها.
حتى ولو تعارض ذلك مع الثوابت الوطنية ومع النهج الديمقراطي التعددي الذي رضي به الشعب وأقره في دستور البلاد وهذا ما يمنع الرئيس الصالح والحزب الحاكم عن التسليم به للمعارضة ولا يستطيع أيضا أن يساوم عليه أبدا ولا يتنازل عنه لأنه لا يملك ذلك الحق وإذا أرادت المعارضة ان تفعل ما تريد وتنفذ أجندتها الخاصة بها فعليها أولا خوض الانتخابات والاحتكام لصناديق الاقتراع والانتصار عبرها واستلام السلطة ثم بعد ذلك تعمل ما تريده إذا استطاعت.
وما عدا ذلك فإنهم لن يستطيعوا شيئاٍ وسيظلون مجرد غربان تنعق دون أن تحدث أثرا وإذا توهموا أنهم بحراكهم سيىء السمعة سيحدثون شيئا فذلك لا يعدو أن يكون مرضاٍ نتمنى لهم الشفاء منه فالوحدة ستظل خالدة وسيظل الشعب متمسكا بها مدافعا عنها حتى يوم الدين لأنها قدره ومصيره لا فكاك منها أبدا أما أعداء الوحدة فقريباٍ إن شاء الله سيرمون في مزبلة التاريخ كما رمي من سبقوهم إذا لم يتحلوا بالعقل والحكمة ويعودوا إلى جادة الصواب ويرضوا بما اختاره الشعب ويكونوا معه ومع ثوابته الوطنية لا عليه.
فالمفترض أن يكون التنافس والتسابق على رضاء الله ورضاء الشعب وذلك بالدفاع عن وحدته والتمسك بثوابته الوطنية ومكاسبه عندئذ أضمن النجاح والوصول إلى السلطة إن أرادوها تحت مبدأ التداول السلمي للسلطة وبالطرق الدستورية السليمة.
almujahed_mohammed@yahoo.com