أحلام القبيلي
لازلنا مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولازلنا في شهر ربيع الأول واليوم سنقف مع بعض أحاديث الحبيب صلى الله عليه وسلم فداه أبي وأمي.. ولكل حديث قصة.
اللهم اغفر لمن أساء الظن:
ذات يوم ذهبت لسماع المحاضرة الاسبوعية في أحد المساجد وجلست أنتظر الأخت التي ستلقي علينا الموعظة بجوار فتاة كانت تراجع أو ربما تحفظ بعض آيات القرآن الكريم سألتها متى ستبدأ المحاضرة¿!
تجاهلتني.. أعدت عليها السؤال مرة أخرى تجاهلتني ثانية سألتها سؤالاٍ آخر.. لم تعرني أدنى اهتمام.. سوى إشارات تنم عن عدم اكتراث لما أقول.
غضبت واستأت كثيراٍ وبدأت أكيل لها التهم في نفسي وأحضر في نفسي درساٍ عن سوء الخلق ستكون هي محور ارتكازه طالبة علم وحافظة قرآن وبدون أخلاق .. وفجأة استدارت إلي وقطعت علي إرسال سوء ظني بها بإشارات فهمت منها أنها لا تسمع ولا تستطيع الكلام..
إضاءة:
سوء الظن من الأخلاق الذميمة التي تجلب الضغائن وتفسد المودة وتجلب الهم والكدر
ولهذا حذرنا الله عز وجل من إساءة الظن في قوله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراٍ من الظن إن بعض الظن إثم”
ومن صور سوء الظن عند بعض الناس:
إذا رأى اثنين يتناجيان ظن انه المقصود بالنجوى..
إذا سمع ذماٍ عاماٍ لخصلة من الخصال ظن انه المقصود بالذم..
إذا نسي أحد أصدقائه أو أقاربه أن يدعوه لحفل عرس أو خطوبة أو نسي أن يسلم عليه اتهمه باحتقاره وعدم المبالاة به.
إذا اتصل ولم يْرد على الهاتف لعطل أو لأي سبب آخر اتهمهم بالتهرب منه وان فعلهم هذا متعمد..
إذا زار صديقاٍ أو قريباٍ ظل يراقب نظراته ويرصد كلماته وربما كان المضيف مريضاٍ أو مهموماٍ وقصر في واجب الضيافة اتهمه بسوء الخلق وقلة الذوق..
سوء الظن من الشيطان حيث يلقي في روع الإنسان الظنون السيئة والأوهام الكاذبة ليفسد بينه وبين إخوانه..
وعلى المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويحسن الظن بإخوانه فيْريح ويستريح..
لو أقسم على الله لأبره:
خرجنا من الفندق الساعة الحادية عشرة والنصف لأداء صلاة الجمعة في الحرم المكي الشريف ولأننا تأخرنا وجدنا الطرقات قد اكتظت بالمصلين وكانت آخر جمعة من رمضان ..
وعلى بْعد أمتار ليست قليلة من الحرم فرشنا سجاداتنا في الشارع وركنا إلى ظل عمارة كبيرة وجلسنا ننتظر الصلاة وفجأة زال الظل واشتد الزحام وبدأ الأوكسجين يقل والشمس تكاد تشوي أجسادنا حتى كادت الأنفاس تنقطع ومعنا كانت تجلس سيدة مصرية وللمصريين مع الله حكايات ولهم في العبادات روايات وصولات وجولات..
كانت هذه السيدة المصرية كلما اشتدت وطأة الحر واشتد الزحام وكادت الأنفاس تنقطع تناجي ربها بلهجة عامية بسيطة قائلة: ” يا رب ما انت حنين يا رب شوية طراوة يا رب يا حنين يارب”
فتهب ريح أو على الأصح نسمة هواء باردة ترد الأرواح إلى أجسادها وكأنها هبت من تحت العرش..
أخذت أتلفت يمنة ويسرة علي أعرف مصدر هذه النسمة فلم أجد إلا كتلاٍ بشرية هائلة تحيط بنا من جميع الاتجاهات وكلما عاودت المصرية دعاءها عادت النسمة من جديد..
»ورب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره«.