كتب/ محرر الصفحة:
كشف تقرير رقابي صادر حديثاٍ عن مشكلة عدم وجود قانون للدين العام حتى الآن يحدد شروط ومعايير الاقتراض الخارجي ويضمن رفع كفاءة استخدامه والارتقاء بإدارة هذا الدين إلى مستويات يمكن من خلالها قياس القدرة والجدارة الائتمانية للبلد من جهة وضمان المساءلة من جهة ثانية.. مطالباٍ بضرورة الاسراع في إصدار هذا التشريع لتلافي مخاطر هذا الاقتراض والمتمثلة بصورة أساسية بتعثر المشاريع الممولة بقروض وبقاء مبالغ كبيرة منها بدون استخدام.
ويؤكد بيان الرقابة السنوي لجهاز الرقابة في دراسته لنتائج موازنات الدولة للعام المالي 2008م أن »الدين العام« في بلادنا لا يحظى بإدارة كفؤة وفاعلة في إدارته في ظل ما هو قائم ومتبع من أنماط وأساليب طرف الجهات المعنية سواء المستفيدة أو الأخرى المعنية بالرقابة والاشراف والذي يختلف بالكامل عن المعمول به في أغلب دول العالم بما فيها النامية حيث تسند إدارة تنفيذ أنشطته المختلفة إلى وحدة مستقلة تتبع رئيس الحكومة بناء على تفويض قانوني »قانون الدين العام« يكون من اختصاصاتها التنسيق مع الجهات المسؤولة عن عمليات الدين العام لتنفيذ الخطط بآجالها المختلفة الخاصة بالدين العام وإعداد قائمة مالية موحدة تشمل مختلف بياناتها شقيه المحلي والخارجي بما يمكن الجهات الرقابية وفي مقدمتها الجهاز من مراجعة الدين العام وفقاٍ للمعايير الدولية المتعارف عليها والوصول إلى رأي فني محايد بشأنها بالإضافة إلى تقييم مستويات الكفاءة والاقتصاد في الحصول على الدين العام واستخداماته.
قصور
ويلفت التقرير أنه بناءٍ على ما تقدم بشأن عدم وجود تشريع للدين العام ووحدة مستقلة لإدارته إضافة إلى القصور في النظم الإدارية لدى الجهات المعنية بهذا الدين وفي الرقابة والاشراف يتم اللجوء إلى إجراءات تخل بمعايير الكفاءة والاقتــــصاد والفاعلية من الاقتراض حيث يتم الانفاق بين الجهات المستفيدة وبعض المانحين على فتح حسابات خاصة لبعض المشاريع طرف البنك المركزي في بداية سريان اتفاقــــياتها ويتم تغذيتها بسقوف محددة تتراوح في الغالب بين »50« ألف دولار و »50« ألف وحدة سحب خاصـــة لمواجـــهة النفقات صغيرة الحجم.
تضخم
غير أن البيان يرى أن ما يحدث فعلاٍ بخلاف ذلك حيث يتم تغذية هذه الحسابات بمالغ كبيرة خلال فترات قصيرة مما يؤدي إلى تضخم أرصدة تلك الحسابات في نهاية كل سنة مالية والتي تمثل غير المستخدم من مسحوبات تلك القروض ومن أمثلة ذلك الحساب الخاص بمشروع تطوير التعليم الأساسي والممول جزئيا بقرض هيئة التنمية الدولية رقم »M 39« والذي ظهر رصيده في 2008/1/1م بمبلغ »3 . 24« مليون دولار وتم تغذيته على دفعتين خلال الفترة من 2/3 إلى 2008/2/26م بإجمالي مبلغ »996/6« ألف دولار على الرغم من أن ما تم صرفه خلال الفترة كان مبلغ »213/5« ألف دولار وبما نسبته »6 . 6٪« فقط من الرصيد الافتتاحي »5 . 3٪« من إجمالي الرصيد بعد التغذية.
نفس الأمر ينطبق على الحساب الخاص بمشروع تنمية الطرق الريفية والممول بقرض هيئة التنمية الدولية رقم »4121« والذي تم تغذيته على دفعتين خلال الفترة 7/17 إلى 2008/8/26م بإجمالي مبلغ »2 . 119« مليون دولار ليرتفع الرصيد إلى مبلغ (2 . 453) مليون دولار على الرغم من أن ما تم صرفه خـــلال تلك الفترة كان مبلغ »438« دولاراٍ فقط وبما نسبته »17 . 8٪« من إجمالي الرصيد بعد التغذية.
فوائد وتكاليف
ووفقاٍ للبيان الرقابي فقد ترتب على ذلك ارتفاع تكلفة مثل هذه القروض نتيجة احتساب فوائد على المبالغ المسحوبة وغير المستخدمة بالإضافة إلى وجود فروق في المبالغ المتعلقة بقيم كل من المسحوبات والمسدد منها مقابل قيمة الأقساط والفوائد وفقاٍ للقوائم المالية الصادرة عن الجهات المعنية حيث تبين وجود فروق بالنقص في قيمة إجمالي كل من المسحوب من القروض والأقساط والفوائد المسددة في عام 2008م.. من واقع الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة عنها من واقع التقرير التحليلي للبنك المركزي عن الدين العام والمساعدات الخارجية حتى 2008/12/31م مع مراعاة أن إجمالي المسحوبات وفقاٍ للتقرير السنوي النهائي للبنك يزيد بمبلغ »7 . 5« مليون دولار عما ورد في تقريره التحليلي المشار إليه الأمــــر الذي يظهر القدرة الاستيعابية للقروض والرصيد القائم للمديونـية على غير حقيقتها.
أقساط مرتفعة
ويظهر البيان انخفاض قيمة المسحوبات الفعلية خلال العام المالي 2008م بما نسبته »20 . 6٪« مقارنة بالعام السابق حيث ترتب على ذلك انخفاض نسبة المسحوبات الخارجية إلى إجمالي الاستثمارات.
في حين أن سداد أقساط وفوائد بعض القروض كان بنسب مرتفعة مقارنة بنسب المستخدم منها نتيجة البطء في تنفيذ أنشطة ومكونات المشروعات الممولة من تلك القــروض والتي لا تتضمن اتفاقيـــــاتها فترات سماح بعد انتهاء المدة المحددة لاســـتخدامها ومن أمـــــثلة ذلك قرض الصندوق العـــربي رقم »99/383« الممول لمشــروع شبكات الصرف الصحي بأمانة العاصمة حيث بلغ إجمالي المبالغ كأقســــاط وفوائد المســـــددة حتى 2008/12/31م مبلغ »3 . 8« »1« مليون دينار كويتي بما نسبته »34 . 8٪« و »9 . 3٪« من إجمالي المستخدم حتى نفس التاريخ وعلى التوالي.
تعثر المشاريع
ويؤكد البيان أن عدم جاهزية بعض المشاريع يعود لأسباب من أهمها عدم حل مشكلة الأراضي التي أعاقت سير التنفيذ ومن ذلك على سبيل المثال المرحلة الثانية لتوسعة محطة المعالجة لمياه الصرف الصحي بأمانة العاصمة والمخصص لها مبلغ 18 مليون دولار والتي لم يتم البدء بتنفيذها منذ تخصيص المبلغ في2003/2/1م على الرغم من البدء في تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع شبكات الصرف الصحي ولعدد »6« مشاريع سبق وأن رفض الصندوق العربي تمويلها إلا بعد حل مشكلة تلك المحطة وترتب على ذلك ظهور العديد من المشاكل البيئية في المنطقة المحيطة.
كما يلفت البيان إلى أن تعثر بعض المشاريع جاء نتيجة اسنادها إلى مقاولين غير مؤهلين ودون النظر إلى إمكانياتهم المادية وخبراتهم السابقة ومن أمثلة ذلك مشروع إعادة تأهيل مجاري الحديدة والذي لم تتجاوز نسبة الاستخدام منه »39 . 9٪« من إجمالي قيمة القرض حتى 2008/12/31م..
فيما كانت »الوحدة« قد تناولت في عدد سابق أن إجمالي القرض المخصص لمشروع مجاري الحديدة بلغ زهاء »12« مليون دولار وتبقى من إجمالي القرض غير الموظف في المشروع أكثر من 7 ملايين دولار.
كما يشير البيان إلى عدم القدرة على استيعاب بعض القروض رغم مرور فترات طويلة على بدء نفاذ اتفاقياتها من ذلك على سبيل المثال قرض البنك الاسلامي رقم »2 يار70/« المقدم لقطاع الكهرباء »مشروع تعزيز قدرات شبكات التوزيع« حيث لم يتم البدء بالسحب من القرض حتى 2008/12/31م فضلاٍ عن تعثر تنفيذ بعض المشاريع بسبب عدم مراعاة التدرج السليم في تنفيذ مكوناتها من ذلك على سبيل المثال مشروع تحديث الخدمة المدنية الممول بقرض هيئة التنمية الدولية رقم »3335« بمبلغ »30 . 5« مليون دولار والذي بدأ نفاذ اتفاقيته في 2000/11/29م حيث ما زال المكون الأول من المشروع المتمثل بتحديد الوظيفة العامة للدولة متعثراٍ حتى تاريخه رغم ما يترتب على ذلك من مخاطر ستؤثر بشــــكل مباشر على عمليات إعــــــادة بناء وهيكلة وحدات الجهاز الإداري للدولة وبالتــالي تعثر كافة مساعي التطوير والتحديث في إطار مشروع تحديث الخدمة المدنية وكذا الجهود المتعلقة بتطــــوير السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني.
إهمال التصاميم
ويلفت البيان إلى عدم ايلاء جانب الدراسات والتصاميم الأهمية اللازمة من قبل بعض الجهات المشرفة على بعض المشاريع مما يترتب على ذلك إعادة النظر في تلك التصاميم عند البدء بتنفيذ المشاريع وارتفاع تكلفة مكون الاستشارات من ذلك على سبيل المثال مشــــروع طريق ذمار – الحســـينية ومشروع طريق أرحب – حزم الجوف.
مانحو لندن
كما يشير البيان إلى تدني السحوبات من التعهدات التي تمخضت عن مؤتمــــــر المانحين »مؤتمر لندن« لتمويل الخـــطة الخمســية الثالثة »2006 – 2010م« حيث تبين أن إجـــمالي المبالغ المسحوبة من تعهدات المانحـــين حتى نهاية عام 2008م مبلغ »374 . 59« مليون دولار بما نسبته »17 . 5٪« من مبـــالغ التعـــهد التي تم التوقيـــع عليها والبالغة »2145 . 1« مليون دولار أي مليارين و 214 مليوناٍ وألف دولار..