يتم عادة ربط الإبداع بتخصصات ومهن تبتعد قليلا أو كثيرا عن تخصص أو مهنة الصحافة والإعلام مما قد يوحي لنا أن العمل الإعلامي بعيد كل البعد عن الإبداع. وقد يكون هذا صحيحا حين نمعن النظر والتأمل الدقيق في إعلامنا الذي أصبح عملا روتينيا وتقليديا يكرر نفسه كل يوم وكل ساعة.
فحين نشاهد أو نستمع لبرامجنا الإذاعية والتلفزيونية ونقرأ صحفنا على اختلافها سيتضح لنا أن الإبداع بعيد كل البعد عن الإعلام. فهناك الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية والموضوعات الصحفية التي تعيد انتاج نفس الخطاب الإعلامي وبنفس الطريقة التي عفا عليها الزمن.
وتنسى أو تتناسى أن البشر قد تغيروا جذريا عن السابق سواء للأسوأ أو للأفضل وكل شيء أصبح مختلفا تماما عن قرن مضى. وقد يتساءل البعض هل الإبداع الإعلامي هو الكتابة بلغة مختلفة عن لغة الجمهور أم تأليف موضوعات من الخيال أم نقل الواقع حرفيا كما هو.
أرى أن الأبدع الإعلامي لا ينبع من الخيال وليس مجرد عكس الواقع كما هو وإنما هو قدرة الإعلامي (الصحفي) على التعبير عن الأحداث والمواقف والأفعال بلغة سهلة ودقيقة ومختزلة وبأسلوب شيق وجذاب.. فالإعلامي المبدع يستخدم عناوين جديدة تعبر عن الفكرة التي يود إيصالها للجمهور ولا يمكن أن يتحقق الإبداع الإعلامي دون تفاعل الجمهور مع الرسالة الإعلامية سواء سلبا أو إيجابا.
وهكذا فإن الرسالة الإعلامية الأكثر إبداعا هي التي تثير حولها جدلا شديدا وتولد أفكارا متنوعة والإعلامي المبدع يمتلك أسلوبا متفردا ومتميزا في التعبير عن هموم الناس وأحلامهم وطموحاتهم. فهناك الكثير من الصحافيين المبدعين الذين تميزوا بقدرات إبداعية خلاقة.
وتستطيع مثلا أن تعرف الصحفي المبدع حين تقرأ مقالة له دون أن تقرأ أسمه فتعرف من أسلوبه الفريد أنه الصحفي فلان. فكيف يمكن للإعلامي (الصحفي) أن يكون مبدعا ¿ وما هي العوامل التي يمكن أن تساعد على إبداع الصحافي¿.
تساؤلات سأجيب عليها في المقال القادم وذلك نظرا لضيق الحيز المتاح لذلك..