عادل خاتم
يخطئ من يعتقد أو تدفعه أوهامه بأن اساليبه أو تصرفاته ذات الطابع الهستيري والتهور والفعل الشاذ قد تمكنه من الوصول إلى تحقيق أدنى المرامي والأهداف الرخيصة فهذا الاسلوب بقدر ما هو شاذ وقبيح الغرض في نظر مجتمعنا واخلاقياتنا بالطبع لا يعطي ذات النتائج المتوافقة لتلك الأعراف المبطنة التي يستهدفها ذلك الفعل الممقوت الصادر من أصحاب السوابق والنوايا السيئة أو من باعوا انفسهم للشيطان.
وشعبنا الذي خرج لتنسم آفاق الحرية وطوى صفحات الاستبداد والقمع والشمولية ودفع في سبيل ذلك قوافل الشهداء والدماء الزكية بالامس لا يمكن قط اليوم أن يرضخ لنزعات الإرهاب والتمرد أو نزوات التشرذم والحنين إلى السلطنات والكيانات الهزيلة ولا يمكن أن يقبل – هذا وهو ما جسده على أرض الواقع في مختلف المراحل الوطنية – بأن يظل في موقف المتفرج – كما هو ديدن العملاء والمرتزقة والذين يتربصون السوء للمواطن بمواقفهم الأنانية الرخيصة.
وإذا كانت الازمات تفرز المواقف الوطنية المسؤولة فلا ننسى أيضاٍ أنها في ذات الوقت من شأنها غربلة المتطفلين واصحاب الضمائر الفاسدة والمشاريع المشبوهة أو اللاهثة وراء مصالحها الشخصية.. فمثل هؤلاء الذين يوهمون البسطاء أنهم يحسنون صنعاٍ بينما هم في حقيقة الأمر لا يستغفلون سوى انفسهم بكل ذلك التكهن والتلون نجدهم في عمق الازمات اما نافخين للكير أو آخذين مواقع الغربان من جثة الجيفة ولنا في فتنة صعدة والحراك الانفصالي والتفجيرات والتقطع في الطرقات لقتل الآمنين وانتهاك الحرمات ما يؤكد سلامة سوء الظن فيهم ويجعلنا اكثر خوفاٍ وقلقاٍ وغير مستأمنين على الوطن منهم ومن شرور افعالهم التي يقدمون لنا انفسهم من خلالها على الواقع.
ان التخريب أياٍ كان نوعه أو اختلف مصدره كما لا يوجد له مبرر في قاموس الانظمة الديمقراطية أو حتى البربرية قبل الدكتاتورية لا يوجد له أيضاٍ في ناموس الحياة الاجتماعية بكل أشكالها ومن المعيب أن لا تدرك للاسف بعض الأحزاب هذه الحقيقة أو الباحثين عن الأدوار والشهرة من »شاقوص« الأزمات أو حتى أولئك المتواطئين في مفاصل السلطة أن مسالكهم وتموضعهم في دائرة الشك هي قرائن واضحة لا تسقط عنهم تهمة الانزلاق والتورط في فلك التخريب والكيد ضد الوطن بقصد أو بدون قصد.
نعم دعونا نقولها بصراحة – دون أن نوجه أصابع الاتهام لأحد – باستثناء من هم في مسرح الفتن ويتباهون اليوم بفضح انفسهم أمام الاشهاد فالحال يقتضي أن نكون أمام الوطن شهداء ولو على انفسنا واللحظة الزمنية التي يمر بها الوطن لا تعفينا من واجب التفاعل الوطني الخلاق معها جميعاٍ دون استثناء ونتعاطى بمسؤولية ووعي وادراك وبما يحفظ لنا ماء الوجه أمام الله والوطن والتاريخ والاجيال القادمة فالصمت قبل الفعل غير المسؤول قد يضعنا في لحظة ما دون ان نشعر مع »الخوالف«.. والله من وراء القصد..