محمد سلام الشرجبي
في منتصف الخمسينيات كان معظم الناس لايعرفون عن الأحزاب السياسية والتعددية وحرية الصحافة سوى القليل . هذه القلة ممن كانوا يذهبون للدراسة في الخارج في مصر وسوريا والعراق بواسطة إما المؤتمر العمالي أوالجمعيات اليمنية المتواجدة آنذاك في عدن والتي كان عددها يزيد عن خمسين جمعية لأبناء المناطق الشمالية
كانت الاحزاب المتواجدة حزب الأحرار اليمنيين المقر الاتحاد اليمني الجمعيه اليمنية الكبرى في كريتر .
حزب الشورى اليمني مقره في المعلا على رأس المؤسسين لحزب الشورى الأستاذ الشاعر/ علي عبد العزيز نصر. رحمه الله صاحب ديوان الفجر ورئيس تحرير صحيفة الفكر وكان مدرساٍ بارعاٍ يْدرس صباحاٍ وفي المساء يشرف على تحرير صحيفة الفجر درس الكثيرين دروساٍ خصوصية ووطنية في أكثر من جمعية على سبيل المثال / جمعية الإخاء والتعاون لأبناء شرجب / جمعية الاتحاد العبسي /نادي الاتحاد الذبحاني / نادي الاتحاد الأغبري الخ
وهناك حزب الجبهة الوطنية للأستاذ زعيم الحركة الوطنية والنقابي الجليل محمد عبده نعمان الحكيمي رحمه الله وهناك حزب البعث العربي الاشتراكي مقره الندوة الثقافية في التواهي. كان لفيفا من الشباب اليمني وهم طلاب في المدرسة الأهلية ممن تفتحت أذهانهم وعيونهم في وقت مبكر وغرست في أرواحهم الروح الوطنية والقومية وماأزال اتذكر عندما كان هؤلاء الشباب يخرجون أو يعودون من المدرسة كل يوم الظهر يتجمعون ليهتفوا بسقوط الاستعمار وحكم الإمامة وقد عوقبوا من مدرستهم أحيانا من هؤلاء الطلاب الذين لا يزالون على قيد الحياة الدكتور/ قاسم سلام عثمان عبدالجبار راشد عبدالواحد هواش عبده على عثمان وأخرون كثيرون.
أما المنخرطون في الحزب فقد كان الكثير منهم من الجمعيات اليمنية المختلفة وكانت أنشط الجمعيات هي جمعية الإخاء والتعاون برئيسها الأستاذ عبده سلام .
أما الصحافة اليمنية المتواجدة أنذاك قد كانت صحيفة الفضول للأستاذ الشاعر عبدالله عبد الوهاب نعمان الفضول صحيفة صوت اليمن لسان حال الأحرار اليمنيين صحيفة الفجر للشاعر المرحوم علي عبدالعزيز نصر صحيفة فتاة الجزيرة لمحمد على لقمان صحيفة النهضة للأستاذ عبد الرحمن جرجرة صحيفة الأيام لمحمد علي باشراحيل صحيفة البعث وصوت العمال لسان حال المؤتمر العمالي .
الصحف كانت تقارع الاستعمار والإمامة بدون هوادة وكانت أكثر الصحافة تدافع عن القضية الوطنية ووحدة اليمن الطبيعية صحيفة الفضول صحيفة البعث صحيفة صوت العمال صحيفة الفجر صحيفة فتاة الجزيرة وهذا ما جعل الانجليز يعجل في إبعاد زعيم الحركة الوطنية النقابي الجليل المرحوم الأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي وكان المجلس التشريعي في عدن قد اتخذ قراراٍ بتأييد من بعض أعضائه أشهرهم البيومي ومحمد علي باشراحيل.. حتى نشب جدال واسع بين البيومي وباشراحيل من جهة والحكيمي من جهة أخرى اتهموا فيه الحكيمي بتحريض العمال على الإضرابات والمظاهرات من خلال كتاباته اللاذعة في صحيفتي البعث وصوت العمال حتى قالوا له أنت والعمال الجبالية خربتم البلاد وكان أبناء المناطق الشمالية يسمون في تلك الفترة بالجبالية بحكم قدومهم من المناطق الجبلية..
رد عليهما الحكيمي إذا كان ما أصنعه خراباٍ للبلاد فهذا شرف عظيم لنا لكن أنتما خدام وأذناب للإنجليز وبعد إبعاده إلى تعز توقفت الحركة في عدن ولمدة اسبوع نتيجة الإضرابات التي دعت إليها نقابة العمال في محافظة عدن وكانت شبه يومية تجوب الشوارع وتطالب بإعادة الحكيمي إلى عدن حتى أن القوات البريطانية هاجمت أكثر الجمعيات والنوادي اليمنية وأغْلق نادي الاتحاد الحكيمي بعدها شهدت عدن غلياناٍ واسعاٍ ضد الاستعمار والإمامة.. لقد كان ذلك العهد يعتبر عهد الانفتاح الثقافي والتربوي تربية الفكر بالثقافة الوطنية والقومية والسلوكية أيضاٍ لقد كان حديث الناس على اختلاف شرائحهم عن التحرر من الاستعمار والحكم الإمامي والوحدة الوطنية.. حتى انفجر البركان ضد الاستعمار عندما انلدعت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر واهتز التاج البريطاني في لندن خاصة بعد ثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة ومشاركة الرجال من جبهة التحرير الأبطال الذين كان لهم الدور الأكبر في القتال في شوارع عدن ضد الاحتلال وكان هدف أبناء جبهة التحرير إعلان وحدة اليمن الطبيعية بمجرد خروج الانجليز من عدن بدون أي »بروتوكولات أو اتفاقيات« لكن الامبريالية العالمية والانجليزة عملوا على إجهاض هذه الفكرة بمساعدة البعض من أبناء الجبهة القومية ذات التوجه اليساري الماركسي وهذا ليس بغريب على الانجليز في كل بقاع العالم لزرع الشقاق خاصة لدى النفوس الضعيفة وأخيراٍ ها نحن توحدنا في الـ ٢٢ من مايو بفضل الشرفاء من أبناء هذا الوطن وفي مقدمتهم قائدنا إبن اليمن البار الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية..
هذه الوحدة التي كانت ثابتة ثبوت الجبال الرواسي منذ فجر التاريخ لكن الاستعمار مزقها وجعل منها مشيخات ودويلات صغيرة نقول لإولئك العملاء من بقايا السلاطين والأوباش لقد عادت اليمن بفضل الآلاف من الشهداء من أبناء اليمن الطبيعية الذين سالت دماؤهم في أزقة وشوارع عدن والمعلا والبريقة والشيخ عثمان وردفان وكل مناطق اليمن فلتخسأوا يا دعاة الردة والإنفصال وإلى الأبد..