عبدالمجيد التركي
قبل أيام سمعت صوتاً يناديني من داخل سيارة مسرعة قائلاً: كبرت كثيراًااا يا أبي..
إما أنه لا يعرفني وحفظ اسم كتابي أكثر من اسمي، أو أنه يعرفني ويحب عنوان كتابي أكثر من اسمي.
بالأمس قام صديق بدعوة شخص إلى مقيلنا، وكان قبل أيام يتحدث عني أمامه، وحين نطق اسمي قال له: كبرت كثيراً يا أبي.
جميل أن يلتصق اسمك كعنوان في أذهان الناس.
ربما أن الذين أحبوا هذا الديوان هم أيتام مثلي، ووجدوا فيه ضمادة لهذا اليتم! لا أظن ذلك.. سيخرجون منه بجرح مفتوح، وستظل فزاعة اليُتم تلاحقهم في أحلامهم.
في شهارة، ومدن يمنية كثيرة يقولون: الأب رب.
الكثير من الناس لديهم مشاكل مع آبائهم، والكثير أيضاً لا يرون سقفاً أعلى من آبائهم، وهناك من فقد أباه وشده الفضول لقراءة الديوان لعله يجد أباه بين السطور، فيخرج من قراءة الكتاب وقد وجد نفسه عجوزاً يتوكأ على عكاز أبيه، فيتحسس جيبه بحثاً عن حبوب الضغط أو أقراص البيسيدول لإطفاء الحموضة التي باغتت معدته دون أي سبب.
ربما سيرى نفسه أكبر من أبيه إن كان الحلاق غير سريع في إخفاء الشعر الأبيض الذي يضيء على ملاية الحلاقة السوداء، وهو يكذب على نفسه أن هذا الشيب بسبب العطر. مع أنه منذ عشر سنوات لم يشتر زجاجة عطر واحدة، لأنه يعيش دون مرتب ودون سبب لشراء العطر.
أصبحت قائمة هاتفي مليئة بأرقام أشخاص لا أعرفهم. يرسلون إليَّ أرقامهم، وبجانبها طلب بإرسال الكتاب إلى الواتس. وهذا يفرحني كثيراً. ويفرحني أيضاً حين أقرأ تعليقات القراء، بعضهم يقول إنه قرأه دفعة واحدة من الغلاف إلى الغلاف، وبعضهم يقول إنه قرأ الكتاب مرتين وثلاثاً.
مثل هذه التعليقات تجعلني أتنفس بعمق، وأبتسم، وأشعر بالأكسجين يملأ صدري، لأنني نجحت في ما اشتغلت عليه، ولأن ما كنت أريده أن يصل قد وصل.