عبدالمجيد التركي
من هنا أتيت كشهقة عالية.. لم يكن في شهارة وعول، فقد كنا نحن وعول هذه الجبال.
“شهارة”.. التي لمعت كفكرة في رؤوس الجبال..
هذه النوافذ نفتحها صباحاً لنصافح الغيم، فترجع أيدينا مبلولة كأنها استقرت في قلب الماء.
للماء قلب، وللماء شجن، وذكريات منذ أن كان فكرة في خاطر الغيم، والتماعة في ذهن البرق.
أقف أمام البحر فلا أشعر بما أشعر به حين أقف أمام البرك الصغيرة في شهارة. هي برك صغيرة، وماؤها- غالباً- مليء بالطحالب الخضراء، لكنها تستطيع أن تقول ما لا يخطر على بال البحر، وتُشعرني بأمواجها رغم سكون الماء الظاهر.
وأنا أقف أمام بِرك شهارة فقط، أيقنت أن الماء هو جدي الأول.
هذه الأشجار التي كبرتُ معها، كيف استطاعت أن توجد لها مكانا وتنمو مطمئنة في هذا الحيد الشاهق؟
تبدو الأشجار من بعيد كلحية خرافية على ذقن الجبل الوقور الذي استيقظ في فجر التاريخ ليحرس هذه البيوت النائمة بين أصابع السماء وطمأنينة الأرض.