رائحة الدخان المتصاعد من مطابخ القرية قبل قدوم اسطوانة الغاز المنزلي، صوت القارئ القريطي، فرح الناس برمضان ببساطة، ابتهالات الكبار والصغار ترحيبا برمضان، صوت من يوقظ النائمين للسحور سحورك يا صائم، التلفزيون الأبيض والأسود يحيل ليل القرى الى مهرجان للفرح مسلسلات دينية وبرامج ومسابقات فكرية رغم ان التيار الكهربائي لا يأتي الا بعد اذان المغرب ويظل حتى الفجر
كان للحياة طعم دافق بالمحبة رغم البساطة ورغم غياب وسائل التواصل، ان صخب الحداثة والتطور التقني واتساع وانتشار وسائل المعرفة والتواصل أفقد الناس شعورهم بالهدوء والراحة أفقدهم متعة رمضان زمان، قد لا نكون ندرك حينها القيمة الدينية لرمضان حينها، لكنه كان زائر سنوي يجدد رتابة حياتنا دفقة من الديني والاجتماعي والتواصل واستعادة الجانب الروحي.
لقد كان رمضان زمان فيه اصاله انعكاس لأرواح الناس ودواخلهم لم يكن كحاله اليوم مارثون لإشباع البطون وتبادل التهاني.
رمضان يجب ان نعيشه معا لا ان نتبادل بمناسبة قدومه التهاني، لقد فرضه الله ليعاش لنستعيد جانبنا الروحي لنرمم دواخلنا، لنشعر بالمحتاجين لنستعيد عافية قلوبنا، لنصير ملائكة لا تأكل ولا تشرب ، لنقترب من الله لنعود لكتاب الله الذي يشتكي هجرنا له طول العام أمامي الآن شريط من ذكريات رمضانات زمان، حين كان الناس يغسلون قلوبهم بطهر رمضان ينسون خلافاتهم ويتبادلون الزيارات والموائد ويحولوا الليالي إلى سمر وأشعار وموالد ومسابقات وألغاز ،لم يكن أحد في ذلك الوقت مفتونا بالحديث في السياسة، الجميع كان يرى في رمضان لحظات صفاء يجب الا تمر دون الاستمتاع بها .. ترى هل يمكن استعادة رمضان الذي في دواخلنا؟!.