ليس هناك أي وجه للمقارنة أو المماثلة على الأطلاق بين ما يجري في أوكرانيا وما يتعرض له اليمن من عدوان وحصار واحتلال سعودي أماراتي مدعوم من الغرب واتباعه الإقليميين والمستمر للعام السابع حتى الآن، والذين يقولون بأن الاتفاق مع وجهة النظر الروسية في عمليتها الوقائية في أوكرانيا يعتبر تأييدا لمبررات وحجج العدوان على اليمن لا يستندون إلى أي منطق أو حجج وجيهة للأسباب التالية:
1 – إن ما يجري في أوكرانيا وحولها، ليس من اليوم وإنما منذ سنوات، هو أحد مظهرات الصراع التاريخي العالمي بين دول الغرب في حلف شمال الأطلسي” الناتو “وكل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية وحلفائهما.
2 – أن النظام الحاكم في أوكرانيا الذي جاء عقب ما سميت بالثورات الملونة التي تمت برعاية الغرب، اتخذت منحى معادياً بالمطلق لجارتها الكبرى روسيا وبالموالاة الكاملة للغرب ضدها، ودرجت على القيام بأعمال استفزازية ومن ضمنها التوجه للالتحاق بحلف الناتو العسكري، وهو ما يشكل خطرا داهما على الأمن القومي الاستراتيجي لروسيا.
3 – إن الحكومة الأوكرانية عقدت مع الإقليم الشرقي ذي الغالبية الناطقة بالروسية اتفاقية مينسك الأولى ولم تنفذها ثم وقعت اتفاقية مينسك الثانية برعاية دول غربية وروسيا وصدر بها قرار من مجلس الأمن الدولي، يمنح ذلك الإقليم حكما ذاتيا وإجراء انتخابات عامة برعاية دولية الخ ومع ذلك ظلت الحكومة الأوكرانية تعلن رفضها لتلك الاتفاقية رغم أنها وافقت عليها ووقعتها!
4- إن روسيا أمام ما سبق أعلنت اعترافها بجمهوريتي جان سك ولوجانسك في إقليم دونباس بموجب تلك الاتفاقية التي رفضتها الحكومة الأوكرانية اصلابينما الوضع في اليمن مختلف جذريا وذلك للأسباب التالية:
1 – اليمن لم يكن يشكل في أي يوم من الأيام أي تهديد للسعودية أو أي من جيرانه.
2 – اليمن كان لايزال عام 2015م تحت حكم أسس بناء على المبادرة الخليجية التي أتت بحكام موالين للسعودية والغرب.
3 – إن الرئيس الانتقالي التوافقي عبدربه هادي وحكومته انتهت مدتهم بموجب المبادرة الخليجية في فبراير عام 2014م.
4 – ثم استقال الرئيس الانتقالي” رغم انه أصلاً لم يعد شرعيا لانتهاء مدة رئاسته، واستقالت معه حكومة الشراكة الوطنية برئاسة خالد بحاج، ورفضوا القيام بتصريف الأعمال حيث كانت جولة الحوارات الوطنية برعاية الأمم المتحدة على وشك الإعلان عن اتفاق وطني لقيام سلطة حكم انتقالية ثانية متعمدين إحداث فراغ سياسي وإداري يؤدي إلى انهيار الدولة، وهرب الرئيس من العاصمة ثم من عدن إلى خارج اليمن.
5 – أعلنت السعودية الحرب على اليمن بمؤتمر صحفي من واشنطن تحت حجة أن رئيسا انتقاليا توافقيا منتهي الصلاحية طلب منها شخصيا شن الحرب على بلده، والى الآن على مشارف العام الثامن لتلك الحرب العدوانية، احتلت أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية ودمرت كل البنى التحتية المدنية وضرب حصار بحري وجوي وبري شامل على الشعب اليمني ولا يزال، وقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء بمن فيهم الأطفال والنساء الذين هدمت مساكنهم على رؤوسهم ودمرت مدن وأحياء سكنية بكاملها ومورس على الشعب اليمني ابشع أشكال العقاب الجماعي والتجويع والتنكيل وتسبب العدوان والحصار والاحتلال السعودي الإماراتي المدعوم غربيا في خلق أسوأ وأشنع كارثة إنسانية مروعة في العالم في العصر الحديث.
فبأي منطق وبأي حجة وعلى أي أساس يماثل من يماثل فيقول إن تأييد وجهة نظر روسيا في ما تقوم به من إجراءات وقائية يتطلبها أمنها القومي، وهي التي يطوقها حلف الناتو عسكريا، يعتبر تأييدا ومباركة للعدوان السعودي الإماراتي المدعوم غربيا على اليمن!
كلا أيها السادة وألف كلا شتان بين الموقفين والوضعين، ففي اليمن عدوان يحمل مشروعا استعماريا احتلاليا يسعى لتشظية اليمن وتمزيقه وشطب كيانه السياسي الوطني من على الخارطة تعبيراً عن عداء تاريخي متأصل لليمن وشعبه، فاعقلوا ولا تخلطوا حابلا بنابل، إلا إن كان هناك قصد لا أعرفه؟!
المقال التالي بشرى حسن السماوي: بعض الأمناء الشرعيون!!