عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، صدر حديثًا العدد السادس والثلاثون (شتاء 2022) من الدورية المحكّمة “تبيُّن” للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، وضمّ موادّ حول فلسفة ابن رشد، وما بعد الكولونيالية الفرنسية إلى جانب مراجعات الكتب والترجمات.
“دراسات ما بعد الكولونيالية الفرنسية: قراءة في خلفيات الموقف والتصور” عنوان دراسة مكّي سعد الله، التي تهدف إلى تبيان مرتكزات المنظومة المركزية الفرنسية واستقرائها في نقدها لمصنّفات دراسات ما بعد الكولونيالية، التي تُعَدُّ خطابات تفكيكية للخطاب الاستعماري ونظرته المتعالية، وذلك في محاولة لتقويض سلطة وهيمنة النصّ الكولونيالي العاجز عن التخلّص والتحرّر من فكر الإمبراطوريات وتمثّلاتها للأنا والآخر، ولثقافة الاختلاف والغيرية.
أما مالك المكانين، فيتناول في دراسته “العلموية وأخلاقيات البيولوجيا” الحجاج الفلسفي الأخلاقي حول التقنيات البيولوجية الراهنة، انطلاقًا من علم الواجبات الأخلاقية، وممّا هو كائن، إلى ما يجب أن تكون عليه هذه الممارسات البيولوجية، في سياق فلسفي يروم إثبات خطر “العلموية”، ومشروعية التخوّف البيولوجي.
كما اشتمل العدد على دراسة بعنوان “في الاتصال بين الجدل والبرهان في الخطاب الرشدي: مراجعات نقدية” ليوسف بن عدي، وتسعى تحاول إبراز علاقة الجدل بالبرهان في فلسفة ابن رشد؛ تلك العلاقة التي أسفرت عن قولين “أيديولوجيين” عند بعض الدارسين المعاصرين، ما يتطلّب مراجعات نقدية لمفهوم الجدل ووظائفه، فالأوّل يظهر في دفاعه عن جدلية الخطاب الرشدي في مواجهة دعوى البرهان الفلسفي، أمّا الثاني فيتمثّل في برهانية القول الرشدي على الضدّ من الجدل.
وقسّم هشام مبشور دراسته “مسارات الاعتراف وسؤال الغيرية عند بول ريكور” إلى ثلاثة أقسام؛ خصّص الأوّل منها للنظر في الدلالات المعجمية لمفهوم “الاعتراف” وامتداداته الفلسفية عند رينيه ديكارت وإيمانويل كانط في شكل معرفة وتعرّف، بينما ناقش الثاني مقوّمات الاعتراف وميكانيزماته فلسفيًّا، والمتجسّد في ذات فاعلة، وفي القسم الثالث تبيانٌ لضرورة الاعتراف بوصفه فعلًا رمزيًا يرسّخ قيمة الذوات وكرامتها، ويؤمّن لها الثقة بنفسها، ويمنحها إمكان الانفتاح على الآخر ومراعاة حقه في ممارسة هويته، وفق مبدأ أسبقية الاختلاف على التشابه والتماثل.
وتضمّن العدد أيضًا ترجمة لمقالين؛ الأول: “كونية التأويلية والبلاغة: مصادرها عند الانتقال من أفلاطون إلى أوغسطين في كتاب ’الحقيقة والمنهج‘”، لجون غروندان، نقله إلى العربية محسن الزكري. والثاني: “مهمّات المترجم الجديدة: ’الديوان الشرقي – الغربي‘ والإرث الثقيل لنظريات الترجمة منذ غوته إلى فالتر بنيامين”، لشتيفان فايدنر، نقله إلى اللسان العربي عبد اللطيف بوستة.
وفي باب “مراجعات الكتب”، وردت مراجعتان؛ الأولى لكتاب “التاريخ والنظرية والنصّ: المؤرخون والمنعطف اللغوي” لإليزابيث كلارك، أعدّها عمرو عثمان، والثانية لكتاب “التشيّؤ” لأكسيل هونيث، أعدّها إبراهيم مجيديلة.