وكالات:
تتسارع الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تهدئة التوتّر بين روسيا والغرب، ومنْع انزلاق الأوضاع على الحدود الأوكرانية نحو الحرب. وإذ توحي التصريحات والمواقف المرافقة لتلك الجهود بنوعٍ من الخروق الإيجابية، تعود التوضيحات الصادرة عن كلا الطرفين، لتُظلّل المشهد بالغموض. على أن اللافت، في خضمّ كلّ ذلك، هو أن التهويل الأميركي ــــ الأطلسي من غزو عسكري روسي وشيك لأوكرانيا، لم يَعُد يلقى آذاناً صاغية، وهو ما قد يضطرّ واشنطن إلى التخلّي عن هذا التكتيك
موسكو | نحو 6 ساعات من المحادثات بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في موسكو، شاع بعدها جوّ من التفاؤل بإمكانية وضع حدّ للتصعيد القائم بين روسيا والولايات المتحدة و»حلف شمال الأطلسي» على خلفية الأزمة الأوكرانية. الرئيسان أبديا، خلال بدء المحادثات، حرص بلدَيهما على استتباب الأمن في أوروبا، فيما شدّد ماكرون على أهمية الحوار لمنع تدهور الأمور إلى الحرب.
وأعاد بوتين، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الفرنسي، تمسّك روسيا بثوابتها الأساسية، وعلى رأسها منْع تمدّد «الناتو» شرقاً، إضافة إلى مطالبته كييف بتطبيق «اتفاقات مينسك» لتسوية النزاع في الشرق الأوكراني.
واعتبر الرئيس الروسي أنه «لا توجد نقطة واحدة غير قابلة للتنفيذ في مقترحات موسكو بشأن الضمانات الأمنية»، واصفاً «المزاعم عن التصرّفات العدوانية» لروسيا، بأنها «غير منطقية»، لأن «الناتو» هو الذي اقترب من الحدود الروسية وليس العكس.
من جهته، أعلن ماكرون أنه اقترح على بوتين «توفير ضمانات أمنية ملموسة» لكلّ الدول المعنيّة بالأزمة الأوكرانية. وقال إن «بوتين أكد لي استعداده للالتزام بهذا المنطق، وبرغبته في الحفاظ على الاستقرار وعلى وحدة أراضي أوكرانيا».
وهو ما ردّ عليه الرئيس الروسي بقوله إن «بعضاً من أفكار» نظيره الفرنسي «قد تشكّل أساساً لإحراز تقدّم مشترك»، وإنه سيتحدّث مجدّداً إلى ماكرون بعد زيارة الأخير كييف. لكن التباين في المواقف سرعان ما برز في نهاية المؤتمر متسبّباً بتوتير الأجواء، قبل أن يعود ماكرون ويشدّد على ضرورة تحقيق «الاستقرار العسكري على المدى القصير»، مؤكداً أن «لا أمن للأوروبيين ما لم يكن هناك أمن لروسيا»، فيما تعهّد بوتين بأن «نبذل أقصى جهودنا للتوصّل إلى تسويات تلائم الجميع»، مضيفاً إنه ونظيره الفرنسي لا يرغبان في حرب بين روسيا و»الناتو»، «لن يخرج منها أيّ طرف منتصراً».
وفي الطائرة التي أقلّته إلى كييف، أكد ماكرون أنه حصل من بوتين على تعهّد «بعدم التصعيد» في الملفّ الأوكراني، مشيراً إلى أنه «كان الهدف بالنسبة إليّ وقف اللعبة لمنع حصول تصعيد وفتح احتمالات جديدة (…) تحقّق هذا الهدف». وأوضحت الرئاسة الفرنسية، بدورها، أن اقتراحات ماكرون تشمل التزام عدم اتّخاذ مبادرات عسكرية جديدة من الجانبين، ومباشرة حوار يتناول خصوصاً الانتشار العسكري الروسي، ومفاوضات سلام حول النزاع في أوكرانيا.
نفى الكرملين أن يكون بوتين قد وعد بعدم إقامة تدريبات عسكرية على حدود أوكرانيامع ذلك، ظهر تضارب في تفسير ما توصَّل إليه الرئيسان؛ إذ قال مسؤول فرنسي، لوكالة «رويترز»، إن بوتين تعهّد بعدم إجراء مناورات عسكرية جديدة قرب أوكرانيا في الوقت الراهن، تمهيداً للتوصّل إلى تهدئة، مضيفاً إن الرئيس الروسي وافق أيضاً على سحب القوات المشارِكة في مناورات عسكرية في بيلاروس بالقرب من الحدود الأوكرانية، بمجرد انتهاء تلك المناورات. في المقابل، أكد الكرملين أن القوات ستعود إلى قواعدها في روسيا بعد انتهاء التدريبات في بيلاروس، من دون تحديد موعد لهذه العودة، فيما نفى المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن يكون بوتين قد وعد ماكرون بعدم إجراء مناورات قرب أوكرانيا. ولفت بيسكوف إلى أن روسيا وفرنسا لم تتمكّنا بعد من التوصّل إلى اتفاق على تخفيف التوتّر، إلّا أنه قال إن الاجتماع وفّر الأساس للمزيد من العمل بهذا الخصوص.
جهود ماكرون تواصَلت على الضفّة المقابِلة بلقائه الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، والذي يسبق اجتماعه في برلين بالمستشار الألماني، أولاف شولتز، العائد للتوّ من واشنطن، في إطار سلسلة جهود دبلوماسية أوروبية خلال الأسبوعَين الحالي والمقبل. وأكد شولتز، خلال لقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في واشنطن، أن الولايات المتحدة وألمانيا «متّحدتان بشكل مطلق» بشأن العقوبات التي ينبغي أن تُفرض على روسيا إذا هاجمت أوكرانيا، فيما جدّد بايدن التحذير من أن هجوماً روسيّاً سيعني «نهاية» خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2». والأكيد أن ربط مصير «نورد ستريم 2» بالأزمة الأوكرانية لا يأتي من عبث؛ فواشنطن و«الناتو» يواصلان جهودهما لمنع تحكُّم روسيا بتدفُّق الطاقة إلى أوروبا في حال نشوب أيّ نزاع، على رغم أن جهودهما لتوفير الغاز المسال من دول حليفة لم تصل بعد إلى نتائج مضمونة. وإذ أعاد «الناتو» إحياء فكرة خطّ أنابيب «ميدكات»مع إقليم كتالونيا في فرنسا «من أجل الاستقلال عن روسيا»، يُثار الكثير من الشكوك في إمكانية نجاح هذه الفكرة. أمّا واشنطن التي نالت موافقة أوروبية على تطوير شراكة في مجال الطاقة، فتحاول الاستفادة من الوضع لتسويق غازها المسال في القارة العجوز، بحسب ما يرى العديد من الخبراء الروس.
تحوُّل آخر بدا لافتاً في الأيام القليلة الماضية، تمثّل في تراجع وتيرة التصريحات «الأطلسية» حول نية روسيا غزو أوكرانيا، في ما أنبأ بفشل «سيناريو الحرب» الذي دأبت واشنطن منذ أشهر على الترويج له. ويتّضح هذا من خلال بيان وكالة «أسوشييتد برس» الذي أكد أن الصحافيين في الولايات المتحدة «ليسوا مستعدّين لأخذ كلام واشنطن في ما يتعلّق بالمجالات الاستخبارية والعسكرية، على محمل الجدّ»، وخصوصاً الحديث عن إعداد موسكو شريط فيديو يُظهر هجوماً أوكرانياً يبرّر لروسيا غزو جارتها. وقالت الوكالة إن الثقة «تضاءلت على مدى عقود بسبب حالات الأكاذيب والتزوير والأخطاء».
وفي ظلّ هذه الأجواء، لا يزال الميدان العسكري مسرحاً للبعْث برسائل متضادّة من قِبَل كلّ الأطراف. فموسكو تُواصل إظهار جاهزيتها لأيّ احتمال عبر المناورات العسكرية، وآخرها في البحر الأسود، حيث تتّجه 6 سفن حربية روسية قادمة من البحر المتوسط إلى المنطقة للمشاركة في التدريبات. أمّا «الناتو» فيتابع إمداد كييف بأنواع مختلفة من الأسلحة، في وقت أرسلت فيه واشنطن باكورة القوات الأميركية إلى رومانيا، في إطار مساعيها لتعزيز الدول الأعضاء في حلف «شمال الأطلسي» في شرق أوروبا.
جهود ماكرون تواصَلت على الضفّة المقابِلة بلقائه الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، والذي يسبق اجتماعه في برلين بالمستشار الألماني، أولاف شولتز، العائد للتوّ من واشنطن، في إطار سلسلة جهود دبلوماسية أوروبية خلال الأسبوعَين الحالي والمقبل. وأكد شولتز، خلال لقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في واشنطن، أن الولايات المتحدة وألمانيا «متّحدتان بشكل مطلق» بشأن العقوبات التي ينبغي أن تُفرض على روسيا إذا هاجمت أوكرانيا، فيما جدّد بايدن التحذير من أن هجوماً روسيّاً سيعني «نهاية» خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2». والأكيد أن ربط مصير «نورد ستريم 2» بالأزمة الأوكرانية لا يأتي من عبث؛ فواشنطن و«الناتو» يواصلان جهودهما لمنع تحكُّم روسيا بتدفُّق الطاقة إلى أوروبا في حال نشوب أيّ نزاع، على رغم أن جهودهما لتوفير الغاز المسال من دول حليفة لم تصل بعد إلى نتائج مضمونة. وإذ أعاد «الناتو» إحياء فكرة خطّ أنابيب «ميدكات»مع إقليم كتالونيا في فرنسا «من أجل الاستقلال عن روسيا»، يُثار الكثير من الشكوك في إمكانية نجاح هذه الفكرة. أمّا واشنطن التي نالت موافقة أوروبية على تطوير شراكة في مجال الطاقة، فتحاول الاستفادة من الوضع لتسويق غازها المسال في القارة العجوز، بحسب ما يرى العديد من الخبراء الروس.
تحوُّل آخر بدا لافتاً في الأيام القليلة الماضية، تمثّل في تراجع وتيرة التصريحات «الأطلسية» حول نية روسيا غزو أوكرانيا، في ما أنبأ بفشل «سيناريو الحرب» الذي دأبت واشنطن منذ أشهر على الترويج له. ويتّضح هذا من خلال بيان وكالة «أسوشييتد برس» الذي أكد أن الصحافيين في الولايات المتحدة «ليسوا مستعدّين لأخذ كلام واشنطن في ما يتعلّق بالمجالات الاستخبارية والعسكرية، على محمل الجدّ»، وخصوصاً الحديث عن إعداد موسكو شريط فيديو يُظهر هجوماً أوكرانياً يبرّر لروسيا غزو جارتها. وقالت الوكالة إن الثقة «تضاءلت على مدى عقود بسبب حالات الأكاذيب والتزوير والأخطاء».
وفي ظلّ هذه الأجواء، لا يزال الميدان العسكري مسرحاً للبعْث برسائل متضادّة من قِبَل كلّ الأطراف. فموسكو تُواصل إظهار جاهزيتها لأيّ احتمال عبر المناورات العسكرية، وآخرها في البحر الأسود، حيث تتّجه 6 سفن حربية روسية قادمة من البحر المتوسط إلى المنطقة للمشاركة في التدريبات. أمّا «الناتو» فيتابع إمداد كييف بأنواع مختلفة من الأسلحة، في وقت أرسلت فيه واشنطن باكورة القوات الأميركية إلى رومانيا، في إطار مساعيها لتعزيز الدول الأعضاء في حلف «شمال الأطلسي» في شرق أوروبا.