الدولة الأولى في العالم، على مستوى الأمان واستقطاب الاستثمارات والأموال والسياحة، لا تمتلك جيشا ولا أسلحة ولا قباب حديدية ولا طائرات حربية حديثة ولا صواريخ بعيدة المدى، لكن سر عظمتها وثقة الناس فيها، يكمن في انها تحترم حقوق الانسان، ولا تعتدي على أحد، ولا تشعل حروبا هنا وهناك ولا تعبث بأمن واستقرار هذه الدولة أو تلك ولا تنشئ مليشيات مسلحة وعصابات للسطو والقتل والتخريب، وغير ذلك من الممارسات البشعة التي تخلق العداوات والثارات والضغائن بين بني البشر.
-في المقابل، فهناك من بين الدول والكيانات والأنظمة في العالم، من يتملك السلاح النووي وأقوي الاسلحة والعتاد الحربي وأكبر الجيوش، لكنها لا تعرف معنى للأمان والاستقرار، وتعيش شعوبها رعبا دائما وهواجس من الخوف والقلق الذي لا يتوقف أبدا، بفعل عدوان وتعالي وغطرسة قيادتها وأنظمتها السياسية على الآخرين.
-يعلم الجميع بأن بلدانا مثل سويسرا والسويد والنرويج وفنلندا، ليس لديها جيوشا وإنما أجهزة شرطة مدنية، بأعداد محدودة للغاية، ومع ذلك تتصدر قائمة البلدان الأكثر أمانا واستقرارا ورفاهية وتطورا على كوكب الأرض، والسبب في هذا السبق والامتياز بطبيعة الحال، أنها نأت بنفسها عن الصراعات والحروب والاساءات إلى المجتمعات والشعوب، وتعاملت باحترام كبير مع الانسان، بصرف النظر عن جنسه ومعتقده ولون بشرته وميوله وثقافاته.
-اليوم يبحث بعران الخليج بشكل محموم وبهوس لا حدود له، عن الأمن المفقود من خلال ابرام صفقات جديدة، لاقتناء وجلب المزيد من الأسلحة من شتى بقاع المعمورة، مع أنهم على رأس القائمة الدولية في امتلاك وشراء وتخزين السلاح، دون أن يظهر من بين هذه “الأباعر” البشرية صوت رشيد واحد، يقدم النصح والمشورة ويُلقي القول السديد، بأن حيازة سلاح العالم مُجتَمِعاً لن يعيد الأمن الضائع ولن يكون له جدوى، مع الاستمرار في العدوان والعبث بأمن واستقرار دول الجوار، وأن نار الغضب والرغبة في الاقتصاص والثأر من جرائمهم ستظل تغلي في صدور المُعتَدى عليهم ولو بعد حين.
-آخر مفارقات وعجائب بعران الإمارات والسعودية، والتي تجلت بصورة أكثر وضوحا، بعد إعصار اليمن في نسختيه الأولى والثانية، في الهرولة المجنونة إلى كيان غاصب يفتقر إلى الأمان، ولم ولن يعرف طعم الاستقرار والهدوء، حتى للحظة عابرة، منذ اليوم الأول لتأسيسه غير الشرعي على أراضي فلسطين، وحتى يومنا.
-أحدث ما تناهى إلى الأسماع عن لجوء أبو ظبي إلى تل أبيب، في إطار المساعي الحثيثة للحماية، ما كشفه رئيس ما يسمى شركة “سكاي لوك” الصهيونية لأنظمة الدفاع أمس الأول عن طلب الإمارات دعمها العاجل بعد عملية اعصار اليمن على العاصمة أبو ظبي.
– صحيفة (يديعوت احرونوت) العبرية التي نقلت الخبر، لم تتردد كالعادة في الحديث مجددا عن المخاوف الإضافية التي باتت تعتري الكيان الصهيوني من تعرُّضه لعمليات مماثلة، ومع ذلك أكدت جدّية رئيس وزراء العدو نفتالي بينيت لتقديم الدعم العسكري والأمني الاستخباراتي لحليفه الاماراتي وبيعه منظومات دفاعية، وهي التي فشلت فشلا ذريعا في مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية بدائية الصنع، خلال عملية سيف القدس الأخيرة، وبذلك يكون الأحلاف المعتدون والبائسون تجسيدا عمليا للمثل المصري القائل “إلتم المتعوس على خايب الرجا”.
المقال التالي 21 غارة لطيران العدوان السعودي على محافظتي تعز ومأرب