سبع سنوات واليمن مستباحة الدم والأرض .. مئات المذابح وآلاف الضحايا, القتل بالجملة, وكل شبر في أرض اليمن مرتع للتوحش, غارات جوية لا حدود لها، وجيوش من المرتزقة لا ينقطع مددها، وغطاء سياسي غير مسبوق، وآلة إعلامية هي الأوسع والأحدث، وأموال لو أنفق الربع منها، لعمت التنمية والنهضة كل ربوع الوطن العربي.. غير أن اليمن سجلت أسطورتها من جديد كما كانت مقبرة الغزاة عبر التاريخ.
سبع سنوات ولما يستفق الضمير العالمي وما يسمى بالمجتمع الدولي، بل على العكس من ذلك، فهذا العالم المنافق قد تجرد من كل القيم التي كان يتلفع بها في أزمات وحروب أخرى. والأشد مرارة أن هذا التواطؤ انسحب على الرأي العام في الغرب، الذي عهدناه فاعلا ومؤثرا في كل ما يتعلق بالحريات وانتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه سقط في امتحان اليمن.
وحتى الأمم المتحدة حين استفاقت ذات يوم ووصفت ما يحدث في اليمن بالكارثة الإنسانية الأكبر في العالم، فقد كان الهدف ابتزاز تحالف العدوان والاستحواذ على ما تيسر من أموال المنح والمساعدات المرصودة لبلادنا، إذ غالبيتها كانت بتمويل سعودي إماراتي، وكان المدفوع منها لنفقات التشغيل وموظفي الأمم المتحدة أكثر بكثير مما كان يصل للمستهدفين والمحتاجين.
لقد كنا نسخر من الأمين العام السابق للأمم المتحدة حين كان دائب “القلق” على ما يحدث في اليمن، غير أن رصيد “القلق” قد نفـد مع الأمين العام الحالي، ولم يعد مسموحا له أو لغيره صرف مثل هذه الكلمات في اليمن, بل إن فريق الخبراء الوحيد الذي تشكّل لمتابعة الجرائم والانتهاكات المصاحبة للحرب العدوانية على اليمن، والرفع بتقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان، لم يعمَّر طويلا، حيث أمكن للوبي السعودي أن ينهي أعماله، ويغلق الباب على بصيص الأمل وإن كان بحجم ثقب الإبرة..
وإذ عمل تحالف العدوان على أن تبقى الحرب اليمنية منسية، فقد فشل فشلا ذريعا حيث أمكن لإعلامنا الوطني أن يكسر الحصار، ثم جاءت القوة الصاروخية فأسمعت العالم كله أن في اليمن حكاية صمود أسطورية لن تبلغ نهايتها إلا مع النصر الكبير.
بُهت الذي اعتدى حين وجد نفسه غارقا متخبطا ولا يهتدي إلى الحسم سبيلا.. وبدل أن يعترف بالعجز والفشل، انساق إلى تكتيك معاكس، وبات يقدم نفسه ضحية لهذه الحرب، وانساق المجتمع الدولي خلف الرواية الجديدة لا جهلاً ولا غباءً، بل عن سابق إصرار وتعمد، فحتى ينسى العالم جرائم تحالف العدوان في اليمن، فلتكن البيانات التضامنية مع السعودية والإمارات هي الخطة البديلة، وهكذا بات المجتمع الدولي المنافق يترصد كل هجمات جيشنا وقوتنا الصاروخية التي تندرج في إطار حق الرد المشروع، ويتعاطى معها كانتهاكات يتحتم التوقف عنها..!
هكذا يُراد لنا في اليمن أن نبقى خارج المشهد ما دام العدو يقتل فينا ويستبيح أرضنا ويفرض علينا الموت الجماعي والبطيء بالحصار الخانق والجائر، فإذا ثأرنا لمظلوميتنا صاح الجلاد واستغاث بمجلس الأمن وكل القائمة السوداء التي تسارع للتنديد بحقنا في الرد والردع، وتصمت عن جرائم الإبادة بحق النساء والأطفال وكل المدنيين الأبرياء.
مع كل ذلك لن ننسى أن فئة من أحرار العالم وقفت وتقف إلى جانب شعبنا، في فلسطين ولبنان وإيران وسورية والعراق والبحرين، وحتى تركيا وباكستان، فكانت صوتنا إلى كل العالم الذي لا بد أن يستفيق يوما.
- سفير اليمن لدى سوريا