الوحدة نيوز/ بالتزامن مع محاولة آلاف المهاجرين العبور من بيلاروس إلى بولندا العضو في الاتحاد الأوروبي منذ عدة أشهر معظمهم من العراق وسوريا وأفغانستان.. تتصاعد حدة التوترات بين دول الاتحاد مع تبادل الاتهامات بسبب أزمة هؤلاء المهاجرين على الحدود بين البلدين في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على بيلاروسيا.
ففي هذا الإطار لم تتوان الدول الأوروبية وواشنطن وبيلاروس عن إطلاق الاتهامات المتبادلة بالمتسبب في أزمة الهجرة على طول الحدود دون تقدير حجم المعاناة التي يعانيها المهاجرون وعائلاتهم يوما بعد يوم، خصوصاً بعد رفض حرس الحدود البولندي الجهود المنسقة لعبور هؤلاء الحدود.
وبالتزامن مع اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لتبني عقوبات جديدة على بيلاروس، قال رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو اليوم الاثنين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: إن بلاده تعمل على إعادة المهاجرين الذين تجمّعوا عند حدودها مع بولندا، إلى بلدانهم، وذلك قبيل اجتماع مرتقب سيفرض الاتحاد الأوروبي خلاله عقوبات جديدة على مينسك.
وأضاف: إن “بلاده لا تريد أن تتطور الأزمة إلى “صراع” وإنها تعمل على إعادة آلاف المهاجرين العالقين عند حدودها مع بولندا إلى بلادهم.
وتابع: إن “العمل جار بشكل نشط في هذه المنطقة لإقناع الناس.. أرجوكم عودوا إلى دياركم.. لكن أحدا لا يرغب في العودة”.
وأكد أنه بإمكان بيلاروس نقل المهاجرين في ناقلتها الوطنية “بيلافيا” إلى ألمانيا ما لم توفر بولندا “ممرا إنسانيا”.. قائلاً: “سنرسلهم إلى ميونيخ على متن طائراتنا إذا لزم الأمر”.
من جهته وصف وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في تصريحات له، لدى وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، “النظام في مينسك، باللاإنساني لاستخدام اللاجئين كأدوات للضغط على الاتحاد الأوروبي”.. مطالبا بتشديد العقوبات على الأفراد المتورطين.
وقال ماس: “سنشدد العقوبات على الأفراد المتورطين في هذا الاتجار بالبشر، وسيتعين علينا التحدث عن حقيقة أن العقوبات الاقتصادية الشديدة لا مفر منها.. سيتعين علينا معالجة شركات الطيران أيضا”.
وأضاف: “إن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو يطالب برفع جميع العقوبات.. سنرد اليوم: سنزيد من تشديد العقوبات”.
بدورها دعت خارجية ليتوانيا إلى فرض عقوبات على مينسك بما فيها شركة الطيران الوطنية، وذهبت إلى أبعد من ذلك إذ طالبت بضرورة “أن لا يغفل الغرب عن احتمالية هجوم روسي على أوكرانيا بينما يتركز الاهتمام الدولي على أزمة الهجرة في بيلاروس، أو أن روسيا تؤسس وجودا عسكريا دائما في بيلاروس”، في الوقت الذي أشار وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرغيس، إلى أن تصريحاته ارتكزت على تحليلات الأحداث وليس من معلومات استخباراتية.
من جانبها لجأت بولندا في حلها لأزمة الهجرة المستعرة على حدودها مع بيلاروس إلى الناتو، وضرورة أن يتخذ “خطوات ملموسة” لحلها، وقال رئيس وزراء بولندا، ماتيوش مورافيتسكي، الأحد: إن “بولندا وليتوانيا ولاتفيا ربما تطلب إجراء مشاورات بموجب البند الرابع من معاهدة حلف الناتو”.
وأعربت بولندا عن خشيتها من وقوع استفزاز مسلح على حدودها مع بيلاروس، الأمر الذي نفاه الرئيس البيلاروسي، مؤكدا أن بلاده لا تريد اندلاع أي صراع على حدودها.. مشيرا إلى أن المعلومات والتقارير توضح وترجح أن “بولندا بحاجة إلى هذا الصراع اليوم.. لديها كثير من المشاكل الداخلية، ومشاكل مع الاتحاد الأوروبي”.
وسبقت هذه التصريحات تصريحات للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والنرويج وإستونيا وإيرلندا وكذلك ألبانيا التي انضمت إلى هذه القائمة، في بيان أصدرته الخميس الماضي، وأعربت عن إدانتها لما أسمته” الاستغلال المنظم للناس.. كأداة في أغراض سياسية لبيلاروس”.
وأكدت الولايات المتحدة دعمها للطرف البولندي ولم تستثني روسيا من المسؤولية، حيث أفاد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأن بلاده تدعم بولندا “في وجه الاستغلال السخيف للمهاجرين الضعفاء من قبل نظام لوكاشينكو”.. منوها بأن تصرفات “نظام لوكاشينكو تهدد الأمن وتبث الشقاق وتهدف إلى صرف الانتباه عن تحركات روسيا على الحدود مع أوكرانيا”.
وبحسب توجهات بولندا وليتوانيا ولاتفيا إلى الاتحاد الأوروبي بطلب تمويل الأعمال الخاصة ببناء جدار على حدود هذه الدول مع بيلاروس.. اعتبر رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية لا يمكن حلها بواسطة بناء جدار فاصل بينها وبين دول الاتحاد.
إلى ذلك.. دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، موسكو للتأثير على مينسك من أجل الحفاظ على علاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي.. ملقية باللوم مرة أخرى على السلطات في مينسك فيما كان يحدث.
وذكّرت أنه سيتم تبني عقوبات جديدة ضد بيلاروس، “ستكون هذه هي الموجة الخامسة من العقوبات”.. مشددة على تحذير شركات الطيران من احتمال فرض الاتحاد الأوروبي قيود عليها إذا سهلت نقل المهاجرين غير الشرعيين عبر بيلاروس.
من جهة أخرى أعربت روسيا عن المساعدة في معالجة أزمة الهجرة بين بيلاروس والاتحاد الأوروبي “كوسيط مفاوض”.. نافية كل الاتهامات الموجهة والتصريحات الغربية الأخيرة التي زعمت أن “أزمة الهجرة هي لصرف النظر عن التحركات الروسية تجاه أوكرانيا”.
هذا وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو قد هدد بوقف إمدادات الغاز الروسي التي تمر عبر أراضي بيلاروس إلى الاتحاد الأوروبي في حال فرضت عقوبات جديدة عليه، ونفى في الوقت نفسه كل الاتهامات الموجهة ضده بمزاعم مسؤوليته بخلق أزمة الهجرة على الحدود للضغط على أوروبا.. مشيراً إلى أن بعض الدول لها منافع من أزمة الهجرة.
الجدير ذكره أن الأسابيع الأخيرة شهدت تراكم أعداد كبيرة من المهاجرين على حدود بيلاروس مع بولندا، آملين في دخول أراضي الاتحاد الأوروبي.. واليوم توجه عدد كبير من المهاجرين وعائلاتهم يرافقهم الكثير من الأطفال من المخيمات على الحدود إلى المعبر الحدودي بين بولندا وبيلاروس، على الرغم مما يعانوه من قلة الغذاء والبرد القارس، في خطوة أمل لدخول بولندا بالرغم من تحذيرات حرس الحدود البولندي الذي استقدم تعزيزات كبيرة.
وأفاد حرس الحدود البولندي بحصول 599 محاولة عبور غير شرعية للحدود يوم الثلاثاء الماضي.. مضيفا: إن 9 أشخاص اعتقلوا وأعيد 48 أخرون.
فيما أكد مسؤولون بولنديون أن وارسو أرسلت تعزيزات إضافية للمنطقة ليرتفع بذلك عدد الجنود المتمركزين على الحدود مع بيلاروسيا من 12 إلى 15 ألف جندي.
ولقي ما لا يقل عن 11 مهاجراً مصرعهم في المنطقة منذ بداية الأزمة بينهم 7 على الجانب البولندي من الحدود، حسب صحيفة غازيتا فيبورتشا اليومية البولندية.